التناسل الغريب.. ملكات نمل تستنسخ ذكورًا من نوع مختلف

كشف باحثون أن ملكات نمل الحصاد الإيبيري في جنوب أوروبا (Messor ibericus) تمتلك قدرة مذهلة على إنتاج ذكور من نوع آخر تمامًا يُعرف باسم Messor structor، دون أي تزاوج بين النوعين.
الدراسة التي نشرتها مجلة Nature أوضحت أن هذه الظاهرة لم تُسجَّل من قبل في أي كائن حي، إذ وجدت فرق البحث أن مستعمرات نمل M. ibericus تنتج أحيانًا ذكورًا ينتمون إلى M. structor رغم غياب هذا النوع في محيطها البيئي.
ولفك هذا اللغز، أجرى فريق بقيادة عالم الأحياء التطوري جوناثان روميجير من جامعة مونبلييه الفرنسية تحليلات جينية شملت 26 مستعمرة، فاكتشف أن الذكور التي تبدو مختلفة شكليًا — بعضها مكسو بالشعر والآخر أملس — تشترك في الحمض النووي الميتوكوندري نفسه الموروث من الأم، مما يعني أن الملكة الواحدة أنجبت ذكورًا من كلا النوعين في الوقت ذاته.
التجارب المعملية أكدت صحة هذه النتائج المدهشة، إذ تبين أن نحو 9٪ من البيوض التي وضعتها 16 ملكة تحوّلت إلى ذكور من نوع M. structor، دون أن تحمل أيًّا من الحمض النووي الخاص بالملكة. وفي تجربة لاحقة استمرت 18 شهرًا، لاحظ الباحثون مباشرةً ملكةً تنتج ذكورًا من النوعين في آنٍ واحد.
وأطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم "التناسل الغريب" (Xenoparity)، أي “ولادة نوع مختلف”، وهي آلية بيولوجية تُعد الأولى من نوعها، يُعتقد أنها تحدث في المراحل الأولى من تكوين البيضة عندما يُزال الحمض النووي للأم قبل اكتمال الانقسام.
وصف عالم الأحياء التطوري دونيس فورنييه من جامعة بروكسل الحرة الاكتشاف بأنه “مذهل” و“أشبه بالخيال العلمي”، مشيرًا إلى أنه يجبر العلماء على “إعادة التفكير في مفهوم الحدود الوراثية بين الأنواع”.
ويعمل فريق روميجير حاليًا على تحديد الفترة الزمنية التي ظهر فيها هذا النمط التناسلي الفريد، والذي يُرجّح أنه نشأ بعد انفصال النوعين قبل نحو 5 ملايين عام، في محاولة لفهم كيف استطاعت الطبيعة تطوير آلية استنساخ تتحدى قوانين الوراثة والتطور التقليدية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز