هل يسهم تحالف عون والحريري في حماية اتفاق "الطائف" واستقرار لبنان؟
منذ أن أعلن سعد الحريري عن ترشيح ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لا يزال يركز في خطاباته على الاستقرار وإعادة تفعيل المؤسسات لحماية واستقرار لبنان وعلى الحفاظ على اتفاق "الطائف"،
منذ أن أعلن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري عن ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، لا يزال يركز في كل خطاباته على الاستقرار وإعادة تفعيل المؤسسات لحماية واستقرار لبنان وعلى الحفاظ على اتفاق "الطائف"، بوصف الخطوتين مكملتين لبعضهما بعضاً، فيما تكرر معظم قيادات تيار المستقبل المعزوفة ذاتها، ومن بينهم الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري.
وكانت الأطراف اللبنانية قد عقدت اتفاق الطائف برعاية سعودية في عام 1989، وخرجت بعدة توصيات منها بسيط السيادة اللبنانية على كامل الأراضي، وتحرير لبنان من إسرائيل، وحرص سوريا على أمن واستقرار لبنان، بالإضافة إلى إصلاحات سياسية في البلاد.
وعندما قرر الرئيس سعد الحريري قبل قرابة عام ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، على الرغم من أنه من فريق 8 آذار، برر السياسي المتحالف مع النظام السوري و"حزب الله" ذلك علناً وسراً بضرورة الخروج من حالة المراوحة السياسية الحالية التي قد تقود البلد الى الانهيار، والأهم الحفاظ على الستاتيكو (الجمود) السياسي القائم منذ اتفاق الطائف.
عملياً ما دفع الحريري إلى تأييد فرنجية في تلك الحقبة كان مرده التقاطع عند اتفاق الطائف، خصوصاً أن فرنجية يعتبر ابن هذا النظام، إضافة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط.
ثمة في لبنان خشية واضحة من انعكاسات الحرب السورية على هذا البلد الصغير، خصوصاً أن ما يحصل في الدولة الشقيقة، والتوازنات التي تفرضها الدماء والسلاح، لا بد باعتراف أغلب الطبقة السياسية في لبنان، أن ينعكس على أمن هذا البلد، وعلى مستقبله السياسي، ونظامه القائم منذ العام 1990، عقب توقيع اتفاق الطائف وإنهاء الحرب الأهلية.
أسهم عملياً أكثر من عامل في ترسيخ خطاب يدعو إلى تعديل النظام أو حتى نسفه واتفاق على نظام آخر. تبنى هذا الخطاب أكثر من مرة "حزب الله"، الذي دعا سابقاً عبر أمينه العام السيد حسن نصرالله إلى ما سماه مؤتمراً تأسيسياً، ولاحقاً ألمح مراراً إلى المثالثة بين السنة والشيعة والمسيحيين، تقام على أنقاض المناصفة بين المسلمين والمسيحيين التي أرساها اتفاق الطائف.
بعد تدخل "حزب الله" في سوريا وتحوله إلى قوة إقليمية، على الرغم من الرفض السياسي اللبناني لدى شريحة واسعة، باتت الطبقة السياسية أمام واقع جديد يبحث عن كيفية صرفه في الداخل اللبناني، خصوصاً أن بقاء حزب الله في سوريا ليس أبدياً، وبالتالي سيعود يوماً إلى لبنان، الذي تحول مؤخراً إلى ما يشبه قاعدة الانطلاق والدعم للحزب ولمعاركه العابرة للحدود.
في تلك الفترة أيضاً ظهرت نظرية ضرورة امتصاص عودة الحزب إلى لبنان. ردد هذه النظرية رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أكثر من مرة، ووضع كثر في تيار "المستقبل" ترشيح الحريري لفرنجية، في خانة تسليف "حزب الله" قبل عودته إلى لبنان، لامتصاص فائض قوته، ولاحقاً منع التلاعب بالنظام السياسي القائم، الذي من الممكن أن يجر البلد إلى دوامة عنف جديدة.
عون وحزب الله يتقاطعان عند معارضة الطائف
يشرح النائب السابق مصطفى علوش لبوابة العين الإخبارية، أن "الطائف ليس كتاباً مقدساً، والأهم هو الاستقرار، وهنا أهمية الطائف بما أنه أمن الاستقرار والتوازن في السلطات بين المجموعات الطائفية في البلد، ولذلك نحن منفتحون على أي تعديلات تؤدي إلى مزيد من الاستقرار".
ويضيف: "الأساس هو الخطر النابع من محاولات فرط الجمهورية نتيجة دور "حزب الله" في السنوات الماضية، إذ يعمل بوضوح على فرط الدول والكيانات السياسية المحيطة بإيران تمهيداً لسيطرة نظام ولاية الفقيه على أنظمة ودول مفتتة، وما فعله الرئيس الحريري يحاول عبره تثبيت الدولة ومنع قوى الأمر الواقع من فرض خيارات في أي لحظة تسويات إقليمية".
وعلى الرغم من قراءة "المستقبل" إلا أن الفريق الآخر المعترض على ترشيح عون، وحتى ضمن صفوف تيار "المستقبل"، يرى وفق ما يفيد أكثر من مصدر مطلع أن ترشيح عون يعني عملياً تسليم البلد للحليف الأول لإيران و"حزب الله"، وبالتالي فرض الخيارات التي يريدها هذا الفريق، أو حتى محاولة نسف الطائف، تمهيداً لنظام يثبت سيطرة "حزب الله" وإيران.
وينطلق هؤلاء في هذه القراءة من تاريخ عون و"حزب الله" اللذين يتقاطعان عند معارضة اتفاق الطائف، خصوصاً أن عون خاض معارك طاحنة ضد هذا الاتفاق منذ العام 1989، وصولاً إلى اليوم ويتبنى طروحات أكثر يمينية، ومنها مشروع اللقاء الأرثوذكسي الانتخابي الذي يدعو إلى انتخاب كل طائفة لنوابها، ما يعني إعادة فتح النقاش حول المناصفة والعيش المشترك وغيرها من الثوابت الدستورية في لبنان.
aXA6IDE4LjIxNy4xMC4yMDAg جزيرة ام اند امز