اللبنانيون مؤيدين للتوأمة أم معارضين يتمنون نجاح رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء الذي سيتألف للتصدي للمشاكل التي تتآكل آمال اللبنانيين في العيش الكريم وطموحات الشباب في الانخراط في اقتصاد متنوّع النشاط
للبنانيون مؤيدين للتوأمة أم معارضين يتمنون نجاح رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء الذي سيتألف للتصدي للمشاكل التي تتآكل آمال اللبنانيين في العيش الكريم وطموحات الشباب في الانخراط في اقتصاد متنوّع النشاط، حديث التوجهات، يجاري الابتكارات العالمية ويطوّعها في لبنان وامتدادات أسواق أهله التي تصل الى جنوب افريقيا، نيجيريا، الغابون، كينيا ودول الخليج العربي.
هنالك قضيتان عالقتان، تأخير احداهما يؤخر قدرة لبنان على الاكتفاء بمصدر حيوي للطاقة، والاخرى تتناول صحة المجتمع ونظرة المواطنين الى قدرة الدولة والبلديات أي مشكلة النفايات ومعالجتها. الواقع أن نفسية المواطنين تتأثر بقضية النفايات أكثر من تأثرها باطلاق عمليات البحث والتنقيب عن الغاز.
اضافة الى هاتين القضيتين، هنالك مشكلة الكهرباء وتوافرها مقابل كلفة معقولة للقطاع العام كما للمستهلكين وهذه المشكلة نعانيها منذ أوائل القرن الحادي والعشرين وقد أوجبت تخصيص نحو 16 مليار دولار لدعم تكاليف الوقود، تضاف اليها الفوائد، وهذا لا يشمل النفقات الاضافية التي يتحملها أصحاب المصانع، والمستشفيات، والمدارس، والمؤسسات السياحية والتجارية، والبيوت السكنية لتأمين حاجاتهم والحيلولة دون تلف مواد غذائية وطبية وغيرها.
ويتمثل لب التحديات في شح المياه، والدليل على ذلك عدد صهاريج المياه التي بدأت تسهم في عرقلة السير في بيروت، خصوصاص أن الشوارع مزدحمة بالسيارات وببعض أعمال الحفر لانجاز تمديدات قد تكون لخطوط الهاتف الثابت لاصلاحها الخ.
المياه هي ثروة لبنان الطبيعية الأهم حتى من ثرورة النفط والغاز اذا انجزنا استكشافها، فهذه الثروة ناضبة بمعنى أن الآباء قد تجف بعد انقضاء زمن قصير أو طويل، وعمر الآباء انتاجياً يرتهن الى حد ما بوسائل العمل التقني.
ويذكر ان الدراسة الموسّعة الأولى عن برنامج لحفظ المياه وتوزيعها على الاستعمالات المختلفة أجرتها شركة Parsons Main بالاشتراك مع Hydro Consult & Ass وسلّمت الى المسؤولين اوائل 1993، وعنوانها Proposal For Water Resources In Lebanon. وان المجموعة التي شاركت في الدراسة لبنانية وكانت لها مكاتب في باريس أيضاً.
اعتبرت الدراسة أن تطوير الموارد المائية في لبنان وادارتها تقتضيان خمس مراحل هي:
1 - دراسة توافر المياه واستعمالاتها.
2 - تطوير مخطط عام لصيانة مصادر المياه واستعمالها.
3 - انشاء هيئة لادارة المياه والاراضي ووضع تفاصيل الحاجات التمويلية.
4 - وضع التصوّر في اطار اقليمي، بمعنى دراسة حاجات الدول القريبة وأخصها سوريا.
5 - تنفيذ الخطة وتأمين الادارة المنفذة والمحافظة على برامج التطوير.
لم ينفّذ أي بند من الدراسة - الخطة ولم يقرأها من المسؤولين في تاريخ انجازها سوى الياس حبيقة وزير الموارد المائية والكهربائية في حينه.
أما أكثر القضايا الحاحاً، فهي معالجة النفايات، وفي رأينا ان التوجه الى بناء أربع محارق بكلفة 400 مليون دولار لكل محرقة يبدد الموارد العامة ولا يؤمن النتيجة المرجوة. وعلى سبيل التوضيح، كان انجاز المحارق، ومن المفترض العمل على الأربع منذ البداية، يلزم القطاع العام، والى حد ما بلدية بيروت، وربما بلديات المدن الرئيسية توفير 400 مليون دولار سنوياً على أربع سنوات، أي ما يساوي 1,6 مليار دولار، وهذه كلفة باهظة.
يضاف الى ذلك أن الأرض المطلوبة لكل محرقة يفترض أن تكون مساحتها 120 ألف متر مربع، وبقربها أرض ذات مساحة مماثلة من أجل استيعاب الرماد وطمره، وتكاليف استملاك الأراضي أن لم تكن متوافرة للبلديات المعنية، وخصوصاً اذا كانت قريبة من المدن الرئيسية، باهظة وتجعل العبء المنتظر يتجاوز ما يمكن أن يتحمله الاقتصاد اللبناني.
في المقابل، هنالك معمل معالجة النفايات في صيدا الذي أنجزه مستثمرون عرب ولبنانيون لمعالجة 500 طن يومياً، ينتج منها سماد للاستعمال في الزراعة بنسبة 25 في المئة، وحبيبات بلاستيك تستعمل في تصنيع قناني البلاستيك بنسبة 20 في المئة. ويصدّر معمل صيدا هذه الرواسب المفيدة، كما يؤمن اضاءة شوارع صيدا ليلاً بالطاقة التي تتوافر من عملية المعالجة، كذلك فإن رصيد العملية تنتج منه أيضاً بلوكات يمكن استعمالها للأرصفة ولا يبقى من النفايات الا عوادم لا رائحة لها أو عوادم من المنتجات الصلبة التي يمكن طمرها دونما تأثيرات بيئية. وكلفة مصنع بطاقة 700 طن يومياً لا تزيد على 70 مليون دولار، وانجاز الاعمال يحتاج الى 18 شهراً فقط.
خمسة معامل من هذا النوع وبالطاقة المقترحة تكفي مع بعض المعامل القائمة لمعالجة النفايات في المستقبل المنطور، وفي حال توقف الحرب في سوريا وانخفاض اعداد المهجّرين وحاجاتهم الحياتية يمكن أن تكفي هذه المعامل لتغطية حاجات لبنان، وانتاج ما بين 70 و100 ميغاوات من الكهرباء لاستعمال المدن المعنية فترة زمنية طويلة.
وعلى رغم توافر البيئة للوفر المادي، وتقصير مدة التنفيذ، وعلى رغم عمل معمل صيدا منذ سنوات، لم يتكرم نائب أو وزير للبيئة بزيارته، في ما عدا علي عسيران الذي أتاح لي فرصة زيارة المعمل والاطلاع على جوانبه المختلفة.
أمور كثيرة أخرى عالقة، منها توسع مشاكل الضمان الاجتماعي، اختناق السير، أهمال قضايا البيئة، والمشاكل الادارية التي تواجه المواطن، أو الشركة، كلما كانت هناك حاجة الى انجاز معاملة حكومية أو بلدية.
الادارة اللبنانية كما هي اليوم، وأفضل مثال على عدم جدواها الحاجة الى أكثر من 50 توقيعاً لاصلاح شاحنة تخص البلدية، أمر يستمر في استنزاف موارد اللبنانيين بمعنى اضطرارهم الى اعتماد الرشوة لانجاز معاملاتهم.
ولا بد من تسيير كل المعاملات الحكوةمية والبلدية حسب أنظمة الكترونية تبعد صاحب الحاجة عن الموظف وتفسح للمواطن في تحصيل حقوقه أو تسديد التزاماته دونما استنزاف من أحد، وعندها فقط تنحسر العمولات عن كاهل المواطنين، وربما صار من الممكن انجاز المشاريع الكبرى دون انتظار سنوات كي تختمر صورة توزيع المنافع بين السياسيين ومن يتعاملون معهم.
*نقلاً عن " النهار "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة