لبنان ينتفض ضد حزب الله.. كيان جديد ينادي بـ"الدولة والمواطنة"
"نداء الدولة والمواطنة" كيان جديد لشيعة لبنان يرفض احتكار "حزب الله" و"حركة أمل" القرار السياسي الشيعي ويدعو الأول إلى الانصياع للدولة
"آنَ لدولةٍ لبنانيةٍ مدنيةْ أنْ تُبنى، والانتخابات النيابيةُ بدايةُ قيامها".. شعار أطلقه شخصيات شيعية من مختلف المشارب والإيديولوجيات والمناطق اللبنانية، مؤسسة كيان جديد يعرف بـ"نداء الدولة والمواطنة".
وأعلنت 60 شخصية شيعية تشكيل هذه المؤسسة في 4 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بهدف توجيه رسالة مفادها "أن التغيير في الساحة الشيعية هو أساس مفصلي للتغيير في كل لبنان عبر وضع حد لاحتكار التمثيل الشيعي في السلطة، وتوسيعه لصالح فضاء مدني أرحب"، حسب ما جاء في بيان للنداء.
وأعربت شخصيات شيعية مهمة في لبنان عن استيائها من سيطرة "حزب الله" و"حركة امل" على التمثيل السياسي لشيعة لبنان، فضلا عن استمرار حمل "حزب الله" السلاح وتدخله في دول مجاورة مثل الحرب السورية، مما يضعه كمليشيا معرقلة للجيش اللبناني ومورطة لبيروت في حروب ليس لها منها ناقة ولا جمل.
ويسعي "نداء الدولة والمواطنة" إلى تمثيل مختلف القوى الشيعية في لبنان وعدم اقتصار الدور السياسي للشيعة على "الثنائي الشيعي" (حركة أمل وحزب الله)، فضلا عن انصياع "حزب الله" لقرارات الدولة اللبنانية.
ومنذ أول انتخابات برلمانية تم تنظيمها في لبنان بعد الحرب، أي في عام 1992، يسيطر كل من "حزب الله" و"حركة أمل" على كامل المقاعد الخاصة بالطائفة الشيعية، مع استثناءات محدودة تقلصت تدريجياً بين دورة وأخرى.
وتتطلع تلك الثنائية -في إطار احتكارها مقاعد الشيعة في لبنان- إلى إحكام هيمنتها على الانتخابات النيابية المرتقبة في مايو/آيار المقبل.
والانتخابات النيابية المقبلة كان من المفترض إجراؤها في عام 2013، لكنها تعرقلت بسبب عدد من المتغيرات الإقليمية والمحلية مثل تدخل "حزب الله" في الحرب السورية، وعدم قدرة البرلمان على انتخاب رئيس للبلاد.
وبناء عليه، مدد البرلمان لنفسه فترات أخرى حتى تم التوافق على اختيار العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية في أكتوبر/تشرين الأول 2016، ثم أقرت الحكومة مشروع قانون جديد للانتخابات التشريعية في يونيو/حزيران الماضي، أُقر على أثره موعد الانتخابات في مايو/أيار المقبل.
التشكيل
ويضم "نداء الدولة والمواطنة" شخصيات مهمة مثل: حارث سليمان، عباس الجوهري، خلدون شريف، مني فياض، علي الأمين، أحمد عياش، منيف فرج، الأسير السابق أحمد إسماعيل وعماد قميحة، المقاتل السابق في "حزب الله، وغيرهم.
وقال أحد أركان "نداء الدولة والمواطنة"، الدكتور حارث سليمان لصحف لبنانية: "هذا النداء يضم كل التشكيلات من بريتال البقاعية ورئيس بلديتها، الى "بيروت مدينتي"، الى شخصيات من عائلات وعشائر كآل زعيتر، الى قصرنبا، وحوش الرافقة".
وتابع سليمان موضحا أنه "لم يكن هناك أي مكان في البقاع لم يحضر منه بقاعيون، بل أتوا من كل القرى، إلى الوجوه الثقافية والمدنيّة، وصولا إلى صور، وعدد كبير من الشخصيات من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، منها المتدّين، ومنها العلماني، ومنها الملحد، واليساري، والمعارض".
بدوره، قال الأسير المحرر أحمد إسماعيل، أحد أعضاء النداء، إن الثنائية الشيعية وعلى رأسها حزب الله لا تعطل الطائفة وإنّما البلد وقد استبدلت الوصاية السورية بالوصاية الإيرانية، مؤكداً أنّ التغيير في الوطن يبدأ من التغيير في الطائفة الشيعية.
معوقات
يرى متابعون أن مُعارضي "الثنائي الشيعي" يُواجهون أكثر من مُعضلة في مُنافسة لوائح كل من "الحزب" و"الحركة"؛ حيث إنّهم يفتقرون إلى ما يملكه "الثنائي" من محطات تلفزة وإذاعة وجرائد ومواقع إلكترونيّة ودعم مالي ووجود حاسم في السُلطة.
ومنذ عام 2005، تحاول التيارات الشيعية المناهضة لثنائية "أمل- حزب الله" تشكيل حالة متمايزة داخل الطائفة وعلى الساحة السياسية اللبنانية.
وخاضت هذه التيارات تجارب سابقة ولم تنجح، لكن "نداء الدولة والمواطنة" يرى اليوم في "التصويت النسبي" و"الصوت التفضيلي" فرصة للتغيير.
ويلعب "الصوت التفضيلي" دورا مُهما أيضا في تقدّم حُظوظ الكثير من المُرشّحين حتى لو يتمتّعوا بأغلبيّة شعبيّة في دائرتهم الانتخابية.
المرشحون
وعن المرشحين المطروحين لانتخابات 2018، قال عباس الجوهري، أحد أركان النداء: "الشيعة المستقلون سوف يخوضون الانتخابات في كل المناطق اللبنانية، وأنا ما زلت أدرس الطريقة الصحيحة للترشح، إما مباشرة أو من خلال إقامة ورشة عمل لتأهيل الشباب".
وأضاف "سنتحالف مع الصوت السنيّ في البقاع -والذي يبلغ 40 ألف صوت لن ينتخبوا "حزب الله" ولا "أمل"- ومع الصوت المسيحي المغيّب عن التفاعل، وسنتعاون مع القوى الأخرى لنخوض الانتخابات خاصة في الجنوب والنبطية ومرجعيون وحاصبيا.
ومن ثم، يحاول "نداء الدولة والمواطنة" جذب المهمشين والأطراف المحلية التي تستنكر هيمنة "الثنائية الشيعية" على القرار السياسي لشيعة لبنان، بل على السياسة اللبنانية بأسرها وتورطيها في الجوار، مما يعوق تطبيق مفهومي "الدولة" "والمدنية" في لبنان.