التطبيع مع سوريا والضرائب.. دوامة جديدة تهدد استقرار لبنان
طبيعة العلاقات مع سوريا تسببت في تفجير الأوضاع والدماء في لبنان منذ 2005، والآن تعود بأوجاعها للواجهة مرة أخرى، إضافة لأزمة ملف الضرائب
ما أن استراح لبنان من أزمة اختيار رئيس الجمهورية حتى تم جذبه لدوامة خلافات جديدة، تركز هذه المرة على الضرائب والأجور وطبيعة العلاقات مع سوريا.
ففيما يخص ملف الضرائب والأجور الذي صدم الرئيس ميشال عون عقب انتخابه العام الماضي، فإن الأزمة تصاعدت بالخلاف بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حوله، وزاد من تأزمها الإضراب المفتوح الذي ينفذه موظفون في الإدارات العامة والقطاع التربوي منذ الإثنين الماضي، وأدى لشلل في بعض الخدمات.
في البداية، أخذ الخلاف طابع الاشتباك السياسي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الجمهورية ميشال عون، حول قانون تصحيح الأجور والمعروف بسلسلة الرتب والرواتب؛ إذ إن عون يؤيّد الطعن الذي وافق عليه المجلس الدستوري، بوقف العمل بقانون الضرائب، بينما يؤيد برّي هذا القانون ويحرص على تطبيقه.
وعقدت الحكومة اللبنانية اجتماعين استثنائيين لحل الخلاف، ولتوفير موارد مالية لتغطية تصحيح الرواتب والأجور، لكنها لم تفلح، ولا تزال الاتصالات مستمرة لإيجاد المخرج الملائم.
وتعليقا على ذلك قال عضو كتلة المستقبل، النائب محمد الحجار لـ"بوابة العين الإخبارية" إن ملف سلسلة الرتب والرواتب وسبل تمويلها يخضع إلى التجاذب السياسي.
وبالتالي طالب الجميع بتحمل مسؤولياته وإبعاد هذا الملف المتعلق بالاستقرار المالي للموظفين بعيدا عن المزايدات السياسية.
ويوافقه في ذلك الوزير السابق فادي عبود المقرب من رئيس الجمهورية الذي دعا الجميع لترك الأمر للقانون عبر الالتزام بقرار المجلس الدستوري الذي يمثل أعلى سلطة قضائية في لبنان.
وفي ذلك استعاد كلمة سابقة لنبيه بري بأن "المجلس الدستوري على حق ولو كان على خطأ".
وانتقد عبود أن جميع المواضيع القانونية في لبنان باتت محط جدل وأخذ وردّ بين الخبراء الدستوريين.
وينسحب الخلاف على الخبراء الدستوريين، إذ يقول الوزير السابق زياد بارود لـ"بوابة العين الإخبارية" إن الجدل الإعلامي حول قرار المجلس الدستوري "يُعَد جدلا في السياسة وليس في القانون، ذلك أن قرار المجلس الدستوري لم يعجب كثيرين، وهذا أمر طبيعي، باعتبار أن من واجب هذا المجلس ألا يراعي، في قراراته، السلطة السياسية؛ لأن عليه أن يحتكم إلى الدستور وضمير أعضائه".
ويؤكد بارود أنه "يحق للمجلس الدستوري تفسير القوانين؛ لأنه حاصل على هذه الصلاحيات بموجب الدستور اللبناني، وبالتالي لا يمكن لرئيس مجلس النواب الاعتراض على تفسير المجلس الدستوري للقوانين".
ولكن الوزير السابق صلاح حنين يخالف نظرة بارود الدستورية، ويعتبر في تصريحه لــ"بوابة العين الإخبارية" أن المجلس الدستوري بقراره الأخير "يُلزم مجلس النواب بإحداث الضرائب فقط من خلال قانون الموازنة، وهذه هرطقة دستورية؛ إذ يجوز لمجلس النواب أن يُحدث ضرائب جديدة في قانون الموازنة العامة من خلال قانون من خارجها كما يراه مناسبا".
العلاقات مع سوريا
كذلك يتنامى الخلاف السياسي بين الفرقاء اللبنانيين حول التطبيع مع النظام السوري، وإعادة العلاقات مع سوريا، بعد اللقاء الذي جمع وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي.
ويعارض "تيار المستقبل" ورئيس الحكومة سعد الحريري إلى جانب حزب القوات اللبنانية إعادة تطبيع هذه العلاقات التي بدأت أسوأ فتراتها منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري 2005، والذي فجّر دوامة اغتيالات في لبنان وصراعات بين الفرقاء المعادين أو الموالين لسوريا وإيران.
وفي هذا السياق، وصف النائب محمد الحجار اللقاء بأنه "اعتداء على السيادة اللبنانية، ويخالف التسوية التي تم إبرامها على أساس النأي بالنفس"، في إشارة إلى محاولة إبعاد لبنان عن الصراعات الإقليمية.
كما اعتبر أن "تيارا سياسيا وشعبيا واسعا يرفض إعادة العلاقات مع النظام السوري؛ لأنه نظام مجرم، وهؤلاء سيتخطون كل محاولات جرّهم إلى حضن الأسد".
في المقابل يعتبر الوزير فادي عبود أن من حق وزير الخارجية لقاء نظرائه، ولا يجب إدخال هذه المسائل في الخلافات السياسية.
أما "مواقف تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية فمرتبطة بمصالح انتخابية"، بحسب رأيه.
ويشير عبود الى أن "تيار المستقبل قلق على وضعه الانتخابي، ومواقفه المتشددة من التواصل مع الحكومة السورية تأتي في خانة الشعبوية"، ويستبعد أن يصل التصعيد إلى حد الاستقالة.
وتعد مليشيا حزب الله وحركة أمل (التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري) أبرز الداعمين في لبنان للرئيس السوري بشار الأسد والداعين لتطبيع العلاقات بين البلدين.
aXA6IDMuMTI5LjM5Ljg1IA== جزيرة ام اند امز