بعد زيارة السبهان.. صمت مدافع عرسال سيعلن عن لبنان قوي
زيارة الوزير السعودي تهدف لقطع الطريق أمام إيران في الاستحواذ على لبنان بتصدير حليفها حزب الله على أنه حامي البلاد من داعش
على عكس ما توقع البعض من أن لبنان سيقع أسيرا لحزب الله بعد المعارك الجارية ضد تنظيم داعش الإرهابي، كشفت زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان إلى بيروت أنه بعد صمت مدافع المعارك سيكون هناك حديث آخر.
وتجلّى ذلك خلال زيارة وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان إلى بيروت الأسبوع الماضي، التقى خلالها مختلف القوى السياسية التي تربطها علاقات تحالف مع المملكة على مدى ثلاثة أيام.
واللافت في هذه الزيارة تزامنها مع المعركة التي يخوضها الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك والقاع على السلسلة الشرقية المطلة على الحدود مع سوريا لمواجهة تنظيم داعش.
كما تجلى هدف الزيارة وأهميتها في تصريح السبهان الذي دوَّى في وسائل الإعلام حين قال إن الجيش اللبناني والقوى الشرعية وحدها الكفيلة بحماية الأراضي والحدود اللبنانية، في إشارة لافتة منه إلى رفض أي طرف آخر يقوم بهذه المهمة، خاصة إيران وحزب الله الموالي لها.
كما قال في تغريدة له على تويتر إن "جهود الجيش اللبناني ومحافظته على أمن واستقرار وطنه تثبت أنه لا يحمي الدول إلا مؤسساتها الشرعية. الوطنية وليست الطائفية هي من يبني الدول".
وكان حزب الله، ومن ورائه إيران الذي تقوده، سعى لتصوير نفسه على أنه حامي لبنان عبر مشاركته في المعارك ضد تنظيم داعش على الحدود، وهو ما تصدى له الجيش اللباني.
والرسالة المهمة من هذه الكلمات والزيارة عامة هي أن المملكة لم تتخل عن لبنان، ولن تتخلى عنه، وغير صحيح ما تردد من أن لبنان أصبح خاضعاً لسيطرة حزب الله وإيران.
والدليل على ذلك الجولة التي أجراها السبهان وما سمعه من القوى التي قابلها والمواقف التصعيدية لها ضد المعادلة التي طرحها أمين عام حزب الله حسن نصر الله (جيش وشعب ومقاومة)، وكأنه وضع المقاومة ندًا للجيش ودولة موازية تعمل لصالح إيران.
فالجو السياسي الذي صاحب الزيارة، وفق ما نقله مصدر سياسي لـ"بوابة العين" الإخبارية، يدل على أن المملكة تريد استكمال مواجهة النفوذ الإيراني، وتحجيم حزب الله في سوريا ولبنان.
وصحيح أن المملكة لديها أولويات تبدأ في اليمن، والعراق وسوريا، ولكن لبنان ليس بعيدا عن هذه الأولويات، بل إن حمايته من نفوذ طهران خطوة أساسية في تحجيم نفوذ إيران في البلدان الثلاثة.
ويكشف المصدر أن السبهان سيزور واشنطن في الفترة المقبلة للبحث في كيفية مواجهة إيران في سوريا ومحاصرتها في لبنان.
وإلى جانب التنسيق مع واشنطن فإن تنسيقًا آخر جارٍ مع روسيا.
وفي ذلك لفت المصدر النظر إلى اللقاء المرتقب بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خصوصاً في ظل تأكيدات تفيد بأن موسكو أصبحت موافقة على تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة.
وثمة من يذهب بعيداً في قراءة هذا التحليل، معتبراً أن الدليل على ذلك، هو عدم استقبال رئيس النظام السوري بشار الأسد وزيري حزب الله وحركة أمل خلال زيارتهما دمشق، رغم الزخم الإعلامي الذي رافق الزيارة.
وعن عودة السعودية بقوة إلى لبنان قال النائب السابق فارس سعيد لبوابة "العين" الإخبارية "إن المملكة تطلب من الفرقاء اللبنانيين الصمود والوقوف بوجه التمدد الإيراني، مع إمكانية إعادة جمع قوى الرابع عشر من آذار، لوقف هذا التوسع الإيراني والتصدي له".
أما المحلل السياسي أسعد بشارة، فأكد لـ"بوابة العين" أن زيارة السبهان تعني أن "السعودية موجودة بقوة في لبنان، وهي لن تتنازل عنه ولن تترك طهران قادرة على التحكّم به".
وتوقع بشارة حصول تغيرات في المشهد السياسي العام في الفترة المقبلة، لأن "السعودية لم ولن تقدّم أي تنازل، لا في لبنان ولا في سوريا".
واعتبر النائب السابق مصطفى علوش أن الإنجازات التي يحققها الجيش في الجرود ضد تنظيم داعش، وإصراره على عدم التنسيق مع حزب الله أو الجيش السوري، مؤشرات على أن الجيش قوي بما فيه الكفاية ووحده قادر على حماية لبنان.
وتابع علوش في حديث خاص للعين: "هذا ما تعرفه السعودية بشكل جيد هذه المرّة، وهذا ما تُجمع عليه كل الدول لأجل تعزيز الدعم للجيش، وتنمية قدراته، ليصبح صاحب السلاح الوحيد على الساحة اللبنانية. ومن المتوقع أن تؤدي نتائج معركة الجيش ضد داعش إلى إمكانية إعادة البحث في تحريك الهبة السعودية للجيش اللبناني".
ومن زيارة وتصريحات السبهان الأخيرة لبيروت يتضح أنه بعد انقشاع دخان وغبار معارك الجرود سيتجلى في لبنان وضع آخر.