«أزمة مضحكة».. خبراء يتوقعون نهاية حرب أمريكا على أبل
تصاعدت الحملة الصارمة التي تشنها الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة على شركات التكنولوجيا الكبرى لتشمل شركة أبل.
تكهن المطلعون والمحللون في جميع أنحاء صناعة التكنولوجيا بأن الولايات المتحدة قد ينتهي بها الأمر إلى التسوية مع شركة أبل، كما فعلت في قضية مماثلة لمكافحة الاحتكار ضد شركة مايكروسوفت في التسعينيات، وليس الجميع مقتنعين بأن الدعوى تمثل ضربة قاضية لوزارة العدل.
ونقلت "بيزنس إنسايدر" عن الصحفي التكنولوجي الشهير والت موسبرغ في سلسلة من المنشورات على موقع Threads: "إن وصف شركة Apple بأنها تمارس "احتكارا" للهواتف أمر مثير للضحك". وأوضح "يقدر كل محلل مستقل أن حصة iPhone في السوق تزيد قليلاً على 50% في الولايات المتحدة وأقل قليلاً من 25% على مستوى العالم، وهذا ليس احتكارا".
كتب موسبرغ، الذي غطى التكنولوجيا لما يقرب من 30 عاما، وعلى الأخص لصحيفة وول ستريت جورنال ومعروف بمصادره العميقة داخل شركة أبل، أن الشركة هي شركة مصنعة للهواتف الذكية "للأشخاص الذين يريدون المزيد من الأجهزة الرقمية أكثر من مجرد منصة للترقيع، والذي كان عامل تميزها عن شركات مثل Microsoft منذ الثمانينيات.
وأشار إلى أن ادعاءات وزارة العدل بأن شركة Apple تنخرط في سلوك مناهض للمنافسة من خلال جعل الميزات الموجودة على هواتف Apple تعمل بشكل أفضل عند التفاعل مع المنتجات الأخرى في نظام Apple البيئي، لا ينبغي أن تتطلب تدخل الحكومة لأنه حتى "Gmail يعمل فقط بشكل كامل وصحيح في تطبيق Gmail خاص".
تصاعد الحملة الفيدرالية
وكانت تصاعدت الحملة الصارمة التي تشنها الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة على شركات التكنولوجيا الكبرى لتشمل دعوى قضائية لمكافحة الاحتكار، رفعتها وزارة العدل ضد شركة أبل، إحدى أشهر الشركات وأكثرها قيمة في العالم. ووفقا لتقرير صحيفة نيويورك تايمز فقد انضمت الوزارة إلى 16 ولاية ومقاطعة كولومبيا في دعوى قضائية من 88 صفحة، مفادها أن أبل انتهكت قوانين مكافحة الاحتكار بممارسات كانت تهدف إلى إبقاء العملاء معتمدين على هواتف آيفون الخاصة بهم وأقل احتمالا للتبديل إلى جهاز منافس.
وقالت الحكومة إن الشركة منعت الشركات الأخرى من تقديم تطبيقات تتنافس مع منتجات أبل مثل محفظتها الرقمية، مما يضر المستهلكون والشركات الصغيرة التي تتنافس معه.
وتطلب الدعوى القضائية من المحكمة منع شركة أبل من الانخراط في الممارسات الحالية، بما في ذلك حظر تطبيقات البث السحابي، وتقويض المراسلة عبر أنظمة تشغيل الهواتف الذكية، ومنع إنشاء بدائل المحفظة الرقمية.
وقال مسؤول تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن وزارة العدل لديها الحق بموجب القانون في طلب تغييرات هيكلية في أعمال شركة أبل، بما في ذلك التفكيك.
وتتوج هذه الدعوى سنوات من التدقيق التنظيمي لمجموعة أجهزة وخدمات أبل التي تحظى بشعبية كبيرة، والتي غذت نموها لتصبح شركة عامة تبلغ قيمتها نحو 2.75 تريليون دولار، التي كانت لسنوات الأكثر قيمة على هذا الكوكب.
جهاز آيفون
وتستهدف هذه الدعوى بشكل مباشر جهاز آيفون، وهو الجهاز الأكثر شعبية لشركة أبل وأقوى أعمالها، ويهاجم الطريقة التي حولت بها الشركة مليارات الهواتف الذكية التي باعتها منذ عام 2007 إلى محور إمبراطوريتها.
ومن خلال التحكم الصارم في تجربة المستخدم على أجهزة آيفون وغيرها من الأجهزة، خلقت شركة أبل ما يسميه النقاد ساحة لعب غير متكافئة، حيث تمنح منتجاتها وخدماتها إمكانية الوصول إلى الميزات الأساسية التي تحرمها من منافسيها.
وحدت الشركة على مر السنين من وصول شركات التمويل إلى شريحة الدفع الخاصة بالهاتف وأجهزة تعقب البلوتوث من الاستفادة من ميزة خدمة الموقع الخاصة به، كما أنه من الأسهل للمستخدمين توصيل منتجات Apple، مثل الساعات الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة بجهاز iPhone بدلاً من تلك التي تصنعها الشركات المصنعة الأخرى.
وقالت الحكومة في الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الجزئية الأمريكية لمقاطعة نيوجيرسي: "كل خطوة في سلوك شركة أبل أدت إلى بناء وتعزيز احتكارها للهواتف الذكية، وأن ممارسات الشركة أدت إلى “ارتفاع الأسعار وقلة الابتكار".
وقالت شركة أبل إن هذه الممارسات تجعل أجهزة آيفون الخاصة بها أكثر أمانا من الهواتف الذكية الأخرى. لكن مطوري التطبيقات وصانعي الأجهزة المنافسين يقولون إن شركة أبل تستخدم قوتها لسحق المنافسة.
سابقة خطيرة
ودافعت المتحدثة باسم شركة أبل إلى أن هذه الدعوى القضائية تناقض المبادئ التي تميز منتجات أبل في الأسواق شديدة التنافسية، وإذا نجحت المساعي الفيدرالية فإن من شأن ذلك أن يعيق قدرة الشركة على إنشاء نوع التكنولوجيا التي يتوقعها الناس من الشركة، حيث تتقاطع الأجهزة والبرامج والخدمات. كما أنه سيشكل سابقة خطيرة، حيث سيمكن الحكومة من التدخل في تصميم التكنولوجيا البشرية.
وتعتبر شركة أبل هي أحدث شركة حاولت الحكومة الفيدرالية كبح جماحها في ظل موجة من ضغوط مكافحة الاحتكار في السنوات الأخيرة، من وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية، التي عينت إدارة الرئيس جو بايدن رؤساء لها يركزون بشكل حاد على تغيير القوانين لتناسب العصر الحديث.
وتواجه شركات غوغل وميتا وأمازون جميعها دعاوى مماثلة، كما واجهت الشركات من كروغر إلى خطوط جيت بلو الجوية تدقيقا أكبر لعمليات الاستحواذ والتوسع المحتملة.
ومن غير الواضح ما هي الآثار المترتبة على هذه الدعوى بالنسبة للمستهلكين، التي من المرجح أن تستمر لسنوات قبل أي نوع من القرار. وتخطط شركة Apple لتقديم طلب لرفض القضية خلال الستين يوما القادمة.
كما تخطط الشركة للتأكيد على أن قوانين المنافسة تسمح لها بتبني سياسات أو تصميمات يعارضها منافسوها، خاصة عندما تجعل هذه التصميمات استخدام آيفون تجربة أفضل.
وقد واجهت شركة أبل بفاعلية تحديات أخرى تتعلق بمكافحة الاحتكار، في دعوى قضائية بشأن سياسات متجر التطبيقات، رفعتها شركة إيبك غيمز في عام 2020.