استعراض تجارب الدول والأمم عبر التاريخ يؤكد أن العلم يمثل الركيزة الأساسية للتطور الإنساني والحضاري.
"التعليم طريقنا لتحقيق نهضة شاملة في مختلف مسارات التنمية" هذه كانت إحدى كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، خلال زيارة سموه لإحدى مدارس مدينة خليفة في أبوظبي، خلال اليوم الأول من العام الدراسي، وهي كلمة تعبر عن جوهر استراتيجيات التخطيط لمستقبل دولة الإمارات، حيث الرهان الأساسي على التعليم، من خلال تعزيز الاستثمار في العنصر البشري، وتكثيف الجهود والموارد المخصصة لهذا الاستثمار، الذي انطلق مع تأسيس الدولة على يد المغفور به بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
الإمارات التي تسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي وعلى الصعيد العالمي، هي ذاتها من تعمل على تعزيز مسيرة التطور العلمي، سواء من خلال أبحاث الفضاء أو غيرها من المجالات، إيماناً من دولتنا بأن القيمة الحقيقية للدول والأمم تتحدد بمدى إسهامها في التطور الحضاري والإنساني
ربما يكون من باب المصادفة، زمنياً، أن تعلن الإمارات عن إرسال أول رائدي فضاء العام المقبل عبر رحلة تنظمها وكالة الفضاء الروسية مع بداية عام دراسي جديد، ولكن لهذا التزامن أبعاد ودلالات تعكس حصاد الاهتمام بالعملية التعليمية في الدولة، كما تعكس قناعة راسخة لدى قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- بأن العلم أساس الحضارة، وأن الأمم والشعوب تنهض عبر بوابة العلم والثقافة والفنون والتطور التقني.
طموح الإمارات على صعيد التنافسية العالمية لا حدود له، مثلما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "ومثلما لا حدود للفضاء فلا حدود لطموحاتنا في تحقيق مزيد من الإنجازات لوطننا"، هكذا تؤمن قيادتنا، وهكذا تمضي دولتنا في بناء مستقبلها وصياغة آفاق أفضل لأجيالها المستقبلية.
ومن يستعرض تجارب الدول والأمم عبر التاريخ يدرك أن العلم يمثل الركيزة الأساسية للتطور الإنساني والحضاري، وهنا تبدو آفاق المستقبل مشرعة أمام الحلم الإماراتي، فالطموح ليس وليد اللحظة وليس قيد الانتظار، بل انطلق -كما أشرت- منذ عقود وسنوات مضت، ولدينا الآن بنية علمية راسخة وأساس قوي لهذه النهضة العلمية والحضارية، فلدينا -كما أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله- قدرات صناعة الأقمار الصناعية بنسبة 100%، وقطاع فضائي باستثمارات تقدر بنحو 20 مليار درهم، والأهم بالفعل كما قال سموه لدينا الإنسان ورواد فضاء مواطنين الذين يمثلون شبابنا، الذين لا سقف لطموحاتهم سوى السماء.
نشعر جميعاً، كمواطنين ومواطنات، لدخول دولتنا سباق الفضاء، الذي يتميز بسمات استثنائية، فلا يخوضه سوى الدول التي تمتلك قاعدة معرفية وعلمية تؤهلها لذلك، وما يعزز تفاؤلنا بهذه النقلة الحضارية النوعية أن المسألة لا تقتصر على تدريب وتأهيل الكادر البشري، بل هناك كما قلت بنية معرفية وصناعية متطورة يعززها نظام تعليمي قادر على رفدها بالكوادر البشرية المواطنة التي تضمن استمرارها وتطورها وتعزيز تنافسيتها مع الدول المتقدمة.
الوصول للفضاء ليس هدفاً بحد ذاته بالنسبة لطموحات دولة الإمارات، بل وسيلة لتحقيق ما هو أهم على صعيد الإسهام الجاد والفعلي في مسيرة التقدم والتطور الحضاري والإنساني للبشرية، فرسالة الإمارات الإنسانية شاملة مختلف جوانب الحياة، وتعمل عليها الدولة بجميع مؤسساتها ومواردها، وهي رسالة خير وسلام للعالم أجمع.
الإمارات التي تسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي وعلى الصعيد العالمي هي ذاتها من تعمل على تعزيز مسيرة التطور العلمي، سواء من خلال أبحاث الفضاء أو غيرها من المجالات، إيمانا من دولتنا بأن القيمة الحقيقية للدول والأمم تتحدد بمدى إسهامها في التطور الحضاري والإنساني، ودعمها الجهود الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار في العالم.
إن ملامسة قدمي رائدي الفضاء الإماراتيين الفضاء الخارجي العام المقبل ليست فقط مصدر إلهام لشبابنا وأجيالنا المقبلة، كونها تعكس مدى قدرة الإنسان الإماراتي على تحقيق أحلامه وطموحاته، بل ستكون أيضاً قوة دفع هائلة لمسيرة الإمارات في الوصول للتنافسية العالمية في مختلف مجالات التقدم والتطور الإنساني.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة