9 ملايين تلميذ جزائري يلتحقون بالمدارس وسط تحديات صحية وتعليمية
التحاق أكثر من 9 ملايين تلميذ جزائري بأكثر من 27 ألف مدرسة وسط تحديات صحية وتعليمية تؤرق الأولياء والوزارة
التحق الأربعاء أزيد من 9 ملايين تلميذ في مختلف مدراس محافظات الجزائر الـ48، التي يفوق عددها 27 ألف مدرسة في مختلف المراحل، التحضيري الابتدائي والمتوسط والثانوي، تحت شعار "لنجعل من العيش معاً في سلام مكسباً ومبدأ تربوياً"، وسط تحديات متراكمة وأخرى جديدة بحسب أهل قطاع التربية، على أن يلتحق تلاميذ المدارس الخاصة بأقسامهم في 9 سبتمبر/أيلول.
"العين الإخبارية" حصلت على أرقام مفصلة من وزارة التربية الجزائرية عن واقع الدخول المدرسي 2018/2019 الذي شهد ارتفاعاً في عدد التلاميذ والمدارس، حيث وصل عدد تلاميذ الجزائر في الدخول المدرسي الجديد 9 ملايين و269 ألفاً و892 تلميذاً في مختلف الأطوار، موزعين على 27 ألفاً و351 مؤسسة تربوية (مدارس ابتدائية، ومتوسطة، وثانوية).
ويمثل عدد تلاميذ الطور الابتدائي النسبة الأكبر بين تلاميذ الجزائر بأكثر من 4 ملايين تلميذ، ما يمثل نسبة 48.8 % من إجمالي عدد التلاميذ، وتلاميذ المتوسط الذين يفوق عددهم مليوني تلميذ الذين يشكلون نسبة 31.7 % من عدد التلاميذ الإجمالي، فيما وصلت نسبة تلاميذ الطور الثانوي 13.7 % بأكثر من مليون تلميذ.
فيما وصل عدد المعلمين والأساتذة للسنة الدراسية 2018/2019 بقطاع التربية الجزائري إلى 749 ألفاً و232 أستاذاً ومعلماً.
ومن بين الأرقام التي حصلت عليها "العين الإخبارية" كذلك من وزارة التربية الجزائرية، تلك المتعلقة بالتطور المسجل في عدد تلاميذ الجزائر في العشريتين الأخيرتين، إذ ارتفع بـ 1 مليون و270 ألف تلميذ من سنة 2000 إلى 2018، بزيادة نسبتها 6.8 %.
وعشية الدخول المدرسي، وصفت وزير التربية الجزائرية نورية بن غبريط في كلمة مصورة موجهة إلى قطاع التربية، السنة الدراسية الجديدة في الجزائر بـ "المحورية والصعبة"، ودعت إلى "تكثيف التعاون بين أهل القطاع".
واعتبرت الوزيرة الجزائرية أن قطاعها "يسير في الطريق الصحيح وحققنا التقدم في أكثر من مجال رغم وجود بعض الصعوبات" وفق قولها.
وتعول وزارة التربية الجزائرية على أن تكون السنة الدراسية الجديدة "سنة تكوينية بامتياز" لأزيد من 80 ألف معلم وأستاذ ومفتش وإداري وعامل، كما ذكرت وزير التربية الوطنية في تصريحات صحفية.
وكشفت نورية بن غبريط أن الهدف من التركيز على التكوين المستمر لإطارات القطاع "لتحسين مستواهم وبلوغ الاحترافية في التكوين".
صعوبات وتحديات الدخول المدرسي في الجزائر
"العين الإخبارية" وقفت عند الصعوبات التي تواجه الدخول المدرسي في الجزائر 2018/2019، منها ما اعترفت الوزارة بها، ومنها أولياء التلاميذ.
وزن محفظة التلميذ.. إشكال جديد في الجزائر
التغير "الدائم" في المناهج التعليمية، الاكتظاظ المدرسي وانعكاسهما على مستوى التلاميذ، كلها لم "تعد مهمة" بحسب السيدة هدى التي دخل ابنها "إياد" في السنة الثانية ابتدائي.
السيدة هدى قالت في حديث مع "العين الإخبارية": "كنت سعيدة ككل الأمهات بدخول ابني إلى المدرسة في عامه الأول، فكرت في الاهتمام بمستواه الدراسي ووضعت برنامجا بين عملي مسؤولة في الجامعة وعملي في المنزل وبين تخصيص وقت كل يوم لمساعدة ابني على الدراسة والتعود عليها العام الماضي".
وأضافت "لكنني تفاجأت بعد ذلك بوزن محفظة ابني الثقيلة جدا، كراريس لا يقل عدد صفحات كل واحد منها على 96 صفحة، وأكثر من 3 كتب يومياً، أصبح لا يخرج من المنزل صباحاً إلا وهو يبكي، يطلب المساعدة على حمل محفظته، لم نجد أنا ووالده إلا تسجيله في حافلة النقل المدرسي".
وتابعت قائلة "كثرة الكتب والدروس والكراريس وضعني أنا في حرج ووجدت صعوبة في تدريس ابني في السنة الأولى، فكيف في بقية السنوات".
والملاحظ في السنوات الأخيرة مع الإصلاحات التي قادتها وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريط والتي أثارت الكثير من الجدل في الجزائر، أنها أثرت حتى على وزن محفظة التلاميذ.
نقطة لطالما شكلت أحد أبرز مطالب جمعيات أولياء التلاميذ في الجزائر، ومن هنا كشفت بن غبريط أياماً قبل انطلاق السنة الدراسية الجديدة، أن وزارتها وضعت برنامجاً جديداً يسمح بتخفيف وزن المحفظة المدرسية خاصة لتلاميذ الطور الابتدائي بحوالي 2 كيلوجرام.
وذكرت بأنها أعطت تعليمات إلى كافة مدارس الجمهورية لتقليص حجم الكراس إلى 64 صفحة بدلاً من 96 أو أكثر.
وبحسب الوزيرة الجزائرية، فإن وزن محفظة تلاميذ السنتين الأولى والثانية ابتدائي سينخفض إلى 1.95 كيلوجرام بعد أن كان 2.5 كيلوجرام، و2.75 كيلوجرام لتلاميذ السنة الثالثة.
اكتظاظ الأقسام.. مشكلة متوارثة كل سنة
أقسام في بعض مدارس الجزائر يفوق عدد تلاميذها "60 تلميذاً"، نصفهم يجلس على الكراسي، والبقية على الأرض، واقع وليس سراً، اعترفت به وزارة التربية الجزائرية، رغم جهود الدولة الجزائرية في بناء المدارس في مختلف محافظات البلاد في السنوات الأخيرة.
- مركز سلمان يعيد 13 طفلا يمنيا إلى مدارسهم جندتهم مليشيا الحوثي
- "القلب الكبير" تخصص مبادرتين لدعم اللاجئين العراقيين والسوريين
ولمواجهة هذه الظاهرة، أعلنت وزارة التربية الجزائرية تخصيصها "أقسام جاهزة على شكل شاليهات" بشكل مؤقت وظرفي لتخفيف الضغط على المؤسسات التربوية التي تعاني من مشكل الاكتظاظ، خاصة بعد التأخر في إتمام مشاريع مدارس جديدة في عدد من المناطق الجزائرية.
ومع ذلك، يبقى إشكال اكتظاظ الأقسام هاجساً يلاحق كل وزير يجلس على كرسي وزارة التربية في الجزائر، ويؤرق أولياء التلاميذ الذين يؤكدون أنه الأسباب التي تدفع إلى تدني مستوى أبنائهم الدراسي، إضافة إلى عدم قدرة المعلمين على شرح الدروس لعدد كبير من التلاميذ.
واقع دفع بعض العائلات الجزائرية إما إلى نقل أبنائهم إلى المدارس الخاصة التي تشترط دفع 800 يورو على الأقل في العام، أو تخصيص بعضها ميزانيات للدروس الخصوصية التي باتت ظاهرة في الجزائر، وصلت حتى إلى السنة الأولى ابتدائي.
غلاء الأدوات المدرسية
قبيل أسبوع من الدخول المدرسي في الجزائر، نظمت وزارة التربية الجزائرية معارض وطنية للكتاب المدرسي في غالبية محافظات البلاد، تساعد أولياء التلاميذ على اقتناء الكتب المدرسية لأبنائهم، من بينها كتب مطبوعة بطريقة البراي لذوي الاحتياجات الخاصة.
في مقابل ذلك، امتلأت محلات بيع ملابس الأطفال ومكتبات الأدوات المدرسية حتى قبل انطلاق الدخول المدرسي بالجزائريين، وهو ما يعني ميزانيات كبيرة تخصصها العائلات الجزائرية لشراء الكتب والأدوات المدرسية والملابس.
"العين الإخبارية" تجولت في بعض تلك المعارض والمكتبات وأسواق بيع ملابس الأطفال، وقفت عند الأسعار، ورصدت رأي بعض الجزائريين الذين اتفقوا على غلائها وبأنها أثقلت كاهلهم.
كمال علاوي (45 عاماً) أب لثلاثة أطفال وهم: عبدالمعز (سنة خامسة ابتدائي)، محمد (سنة ثانية ابتدائي) وأويس (سنة أولى ابتدائي)، التقت به "العين الإخبارية" في أحد محلات بيع الأدوات المدرسية بمحافظة سطيف (شرق الجزائر).
يقول كمال "الحمد لله، أبنائي الثلاثة سيدخلون المدرسة، آخرهم أويس الذي سيدخل السنة الأولى ابتدائي، جئت إلى هنا لشراء محفظات وكراريس وأقلام وغيرها، لكنني وجدت أسعاراً يمكن وصفها بالخيالية لبعض السلع".
وأضاف "أشتغل موظفاً في القطاع الحكومي براتب لا يتعدى 500 يورو، مصاريف كثيرة صادفتنا، رمضان وعيد الفطر ثم العطلة الصيفية ثم عيد الأضحى، والآن الدخول المدرسي، راتبي هذه المرة لن يكفيني إلى آخر الشهر، وجدت نفسي مضطراً لإدخال ابني أويس إلى مدرسة خاصة، فهو من مواليد شهر فبراير، أي أنه لم يكمل 6 سنوات، لم يقبل في المدارس الحكومية، وخشية أن يخسر عاما من حياته الدراسية قررت دفع جزء من راتبي لمدرسة خاصة، من حسن الحظ أنهم لم يشترطوا مبلغ عام كامل، سددت فقط 3 أشهر، ومع هذا تبقى الميزانية في خطر".
وتابع قائلاً "لا يمكنني أن أحرم أبنائي من أمور ضرورية وليست ثانوية، الأمر يتعلق بمستقبلهم، فكرت أنا وزوجتي منذ حوالي شهرين في الأمر، فوجدنا أن الحل أو بعضه يبدأ من عدم شراء أضحية العيد، وهذا ما فعلناه، تركنا ثمن خروف العيد للدخول المدرسي، هناك أولويات في حياتنا، وعلينا الالتزام أمام أبنائنا خاصة فيما يتعلق بمستقبلهم".
وختم بالقول "أنا الآن أتنقل من مكتبة إلى أخرى، أبحث عن الأسعار المنخفضة، وبالنسبة لملابس الدخول المدرسي فلحسن الحظ أنني اشتريت لهم ملابس جديدة في عيد الفطر، ومع اقتراب فصل الشتاء سأشتري لهم ملابس جديدة".
الكوليرا واختطاف الأطفال.. همّ جديد مع السنة الدراسية الجديدة
مع انتشار وباء الكوليرا في الجزائر، أكدت وزارة التربية الجزائرية أنه لا تغيير أو تأجيل للدخول المدرسي، وأن الأمور ستسير وفق البرنامج الزمني الذي حدد لها، ومع ذلك اجتمعت وزيرة التربية الجزائرية بمختلف مديري التربية في البلاد، لوضع إجراءات وقائية تمنع دخول الوباء إلى المدارس.
- "الكوليرا" تطيح بوالي محافظة البليدة الجزائرية من منصبه
- مختصون لـ"العين الإخبارية": الجزائر متحكمة في وباء الكوليرا
حيث كشفت وزارة التربية الجزائرية عن جملة من الإجراءات التي اتخذتها، من أهمها تأجيل فتح المطاعم المدرسية إلى إشعار لاحق، وتغيير خزانات المياه وتنظيف المراحيض والمطاعم المدرسية، والحرص على نظافة الأقسام، مع توعية التلاميذ بأهمية النظافة في الحياة اليومية.
ورفضت وزارة التربية الجزائرية طلبات من نقابات التربية المستقلة في البلاد لتأخير الدخول المدرسي في المحافظات التي انتشر بها الوباء إلى "غاية التحكم فيه حرصاً على سلامة التلاميذ والعاملين في القطاع" بحسب النقابات.
هاجس آخر يؤرق أولياء التلاميذ مع الدخول المدرسي الجديد، والذي تزامن مع عودة ظاهرة اختطاف وقتل الأطفال في الأسابيع الأخيرة في بعض المحافظات الجزائرية، وهو الهاجس الذي عبرت عنه كثير من العائلات الجزائرية في حديثها مع "العين الإخبارية".
ظاهرة اختطاف الأطفال التي ظهرت بالجزائر في السنوات الأربع الأخيرة، جعلت كثيرا من أولياء التلاميذ يتخذون إجراءات خاصة لحماية أبنائهم، فمع كل صباح ومساء تتحول الساحات المحاذية للمدراس الجزائرية إلى ما يشبه "المسيرات الشعبية"، لكن من يقترب منها يجد أنهم أولياء التلاميذ الذي ينتظرون أبنائهم خشية تعرضهم للاختطاف كما يقولون.