3 مبادرات عربية لمحو الأمية.. أفق إبداعي لتعليم الشباب والكبار
المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم قالت إن العدد الإجمالي للأميين العرب حتى عام 2018 تجاوز 75 مليونا من الإناث والذكور بنسبة 21%
نجحت المنطقة العربية في تحقيق إنجازات متعددة في مجال التعلم ومحو الأمية، خاصة فيما يتعلق بتنوع برامج تعليم الكبار واستخدام وسائط متعددة في هذه البرامج، وإطلاق مبادرات إبداعية تساعد في محو الأمية والتعلم مدى الحياة، فضلا عن التوجه نحو التعليم المفتوح.
ووفقا للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، فإن العدد الإجمالي للأميين في الدول العربية حتى عام 2018 تجاوز 75 مليونا من الإناث والذكور بنسبة 21%، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 13.6%.
وأوضحت المنظمة أن أعلى النسب بين الشباب والنساء والفتيات، مشيرة إلى أن نسبة الأمية لدى الذكور العرب تقدر بنحو 14.6%، بينما ترتفع لدى الإناث إلى 25.9%، وتتراوح نسبة الإناث الأميات في عدد من دول المنطقة بين 60 و80%.
وذكرت أن الأوضاع التعليمية التي تعانيها بعض الدول العربية بسبب الأزمات والتوتّرات نتج عنها عدم التحاق قرابة 13.5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي.
وسارعت عدد من الدول العربية لإطلاق مبادرات ضخمة محلية وإقليمية لمحو الأمية والتغلب على أسباب الأزمة، نستعرض بعضا منها في هذا التقرير.
تحدي محو الأمية (الإمارات)
أطلقت الإمارات متمثلة في الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مبادرة "تحدي محو الأمية" التي تستهدف 30 مليون شاب وطفل عربي حتى عام 2030، بالتعاون بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة (اليونسكو)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
المبادرة التي أطلقت الإمارات دورتها الأولى عام 2017، تهدف إلى سدّ فجوة الأمية التي خلفها نظام التعليم الأساسي في المنطقة العربية، وتعويض ما فقده الشباب والأطفال من فرص التعليم النظامي، وتوفير مقومات التعلم لعدد كبير من الشباب والأطفال العرب.
أيضا تتطلَّع إلى مساعدة الشباب والكبار على تنمية قدراتهم ومعارفهم ومهاراتهم وتعزيز مؤهلاتهم، والتأثير بشكل إيجابي في سلوكهم والمساهمة في رفاهيتهم الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز مستويات ثقافتهم.
مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة نظمت أيضا "ملتقى تحدي الأمية" فبراير/شباط 2020، الذي أقيم في دبي تحت شعار "تحديات وحلول"، بهدف مناقشة الفرص والتحديات التي تواجه الدول العربية للقضاء على الأمية، إضافة إلى توفير منصة شاملة تجمع الخبراء والمعنيين بمجال محو الأمية من معظم دول العالم، لتبادل الخبرات والتجارب.
وذكرت المؤسسة الإماراتية أن مشكلة الأمية تُمثِّلُ تحدِّياً حقيقياً على مستوى المنطقة العربية، ما يتطلَّب حراكاً عميقاً وتعاوناً مشتركاً بين مختلف الجهات ومن جميع الدول.
وأضافت: "لذا ارتأينا توسيع نطاق مشروع (تحدي الأمية) من جائزةٍ تُقدَّمُ لأصحاب الإنجازات في هذا المجال، إلى ملتقى شامل يجمع قادة الفكر والخبراء لتبادل الرؤى واستعراض التجارب بشكل أكبر، ما يحفِّز العديد من المؤسَّسات والأفراد لحشد الجهود لمواجهة مشكلة الأمية في مختلف مدن ودول العالم العربي، وبالتالي الإسهام بفاعلية في بناء مجتمعات المعرفة".
مبادرة حياة كريمة بلا أمية (مصر)
أطلقت مصر، متمثلة في وزارة التضامن الاجتماعي، مبادرة "حياة كريمة بلا أمية" خلال يوليو/تموز 2020، بهدف تعليم الكبار في القرى الأكثر فقرا، بالتعاون مع الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار، وضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة".
المبادرة تستهدف تحسين خصائص السكان في القرى الأكثر احتياجا، كما أنها تعمل على أكثر من بُعد من أبعاد الفقر، وتتضمن البعد الاقتصادي والنقدي والبعد الخاص بقدرات وخصائص السكان التي تشير إلى حرمانهم من كثير من الاحتياجات غير المتعلقة بالماديات.
وذكرت الوزارة المصرية أن المرحلة الأولى من المبادرة يجري تنفيذها في 143 قرية تابعة لـ11 محافظة، وستكون محطة البداية محافظة البحيرة ويشمل التطبيق 25 قرية، أما المرحلة الثانية فتشمل 240 قرية موزعة على الوجه القبلي وجزء من الوجه البحري وفقا للفئات الأشد احتياجا.
خلال المبادرة، تلتزم وزارة التضامن بإتاحة قاعدة بيانات الأميين لفروع الهيئة بالمحافظات، وتشمل القوائم أسماء الأميين والرقم القومي وعناوين إقامتهم، أيضا تلتزم بإعداد قوائم بأسماء المرشحين للعمل في فصول محو الأمية كمدرسين.
وتركز المبادرة على الفئات العمرية من 16 إلى 35 عاما فأكثر، على أن يكون هناك استثناء لمن تخطى هذا العمر بشرط الاستعداد التام للدراسة وتلقي العلم.
مدة الدراسة ستكون من 3 إلى 6 أشهر، على أن تسهم الوزارة المصرية في توفير فرص عمل للناجحين المتحررين من الأمية.
الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية (المغرب)
أنشأت الحكومة المغربية الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية عام 2013، بهدف اقتراح برامج عمل سنوية لمحاربة الأمية، وتعزيز قدرات المتحررين من الأمية وتمكينهم من الإدماج الاقتصادي والاجتماعي، من خلال ربط عمليات محو الأمية بالمشاريع المدرة للدخل.
ووفقا لآخر إحصائيات أعلنتها الوكالة المغربية، فإن خطة عملها تتضمن أيضا اقتراح إجراءات لتحسين منظومة محاربة الأمية، والتنسيق مع مختلف الجهات الفاعلة في مجال محاربة هذه الظاهرة، كما تستهدف تقليص نسبة الأمية إلى 20% في عام 2021، و10% بحلول عام 2026.
وذكرت أن عدد المستفيدين من برامج الوكالة لمحو الأمية بلغ مليوناً و131 ألفاً و703 مستفيدين حتى عام 2019، مقابل مليون و45 ألفاً و974 مستفيداً في عام 2018، أي بزيادة قدرها 8%، مشيرة إلى استفادة أكثر من 4.5 ملايين شخص من برامج محو الأمية منذ تأسيس الوكالة الوطنية لمحو الأمية سنة 2013.
رئيس الحكومة المغربية تحدث في مؤتمر سابق عن إنجازات مشاريع محو الأمية، قائلا إن العدد الإجمالي للمستفيدين الشباب من البرامج خلال آخر 5 سنوات ارتفع بنسبة 29% بين الموسم القرائي 2015-2016 وموسم 2019-2020، ليبلغ في الموسم الحالي أكثر من 315 ألفا.
وكشف عن تجويد مشاريع محو الأمية مؤخرا بإنتاج برامج خاصة لفئات الشباب البالغين من العمر (15-35 سنة) غير المتعلمين أو الذين لهم مستوى قرائي متدن، بهدف تمكينهم من أساسيات القراءة وتأهيلهم مهنيا.
وبعد تفشي جائحة كورونا، علقت وزارة التربية الوطنية المغربية دروس محاربة الأمية بجميع المراكز، واعتمدت آلية التعليم عن بعد عقب كإجراء لضمان الاستمرارية.