"انتهت الحرب.. ومرت سنوات السلم.. ولم ينسَ زايد مصر التي تشكل سورا منيعا يحمي الوطن العربي بأسره"
ونحن نحتفي بزيارة عزيزة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في خطوة تؤكد أخوية العلاقات وتاريخية المسار.. أطرق اليوم من جديد الذاكرة العربية لنضيء جانباً مسطراً بفخر في مسيرة الصداقة الإماراتية المصرية، هي رسالة للجيل الجديد الذي يجب أن يعرف الدور العظيم للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه في الساحة العربية والعالمية، وهي إحياء لموقف بطولي يعرفه جيدا أبناء الأجيال السابقة ممن ينضحون بالقومية والعروبة.
هكذا تبلورت حالة الانسجام الإماراتي المصري لتنتج اليوم تحالفاً من أقوى التحالفات في المنطقة، يرقى ليكون شراكة استراتيجية تضرب في خاصرة المشككين، فتبلور نموذجاً عربياً مشتركاً حتى على صعيد العمل الحكومي المشترك لنقل التجربة الإماراتية إلى القاهرة
نبدأ السرد من العاصمة البريطانية لندن في يوم من أيام 1973؛ حيث كان يحل الشيخ زايد ضيفاً هناك، وحينها اشتعلت الحرب في أكتوبر عام 1973 بين العرب وإسرائيل، فقرر الراحل بحسه العروبي الوقوف مع أشقائه العرب، فقرر قطع رحلته وعقد مؤتمر صحفي قبلها في لندن، يؤكد من خلاله موقف الإمارات في دعم دول المواجهة، وحينها سجل كلمته الشهيرة التي ترددها الذاكرة الجماهيرية العربية: سنقف مع المقاتلين مع مصر وسوريا بكل ما نملك، ليس المال أغلى من الدم العربي، وليس النفط أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على أرض جبهة القتال في مصر وسوريا.
لم يكن ذلك مجرد شعار يطلق من باب النخوة بل موقف استدعى دعم المعركة القومية حتى آخر فلس في خزينة زايد، التي عندما وقف في وجهها العجز دفعته لاقتراض ملايين الجنيهات الإسترلينية من البنوك الأجنبية في لندن وإرسالها على الفور إلى مصر وسوريا، ومعها استعد الجيش الإماراتي ليلبي نداء التحرك، فأرسل زايد فلذة كبده الشيخ خليفة ليقف على رأس الجيش، وفُتحت مكاتب التطوع والتبرع لدعم الحراك، وحشدت المساعدات وبالأخص الطبية منها، نعم.. تعامل زايد وكأن المصاب في أرضه، ولا محال أنها أصابت روحه العربية.
لم تكن الحرب فقط حرب مدافع وآليات، بل كانت حرباً إعلامية ضخمة أيضاً، وانتبه لها زايد فأعلنت وسائل الإعلام حالة الطوارئ وأرسل الراحل أربعين صحفياً ممثلين لأكبر الأجهزة الصحفية في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، لتغطية المعارك على نفقته الشخصية، ليساهموا في نقل الصورة الصحيحة إلى الرأي العام العالمي.
انتهت الحرب.. ومرت سنوات السلم.. ولم ينسَ زايد مصر التي تشكل سوراً منيعاً يحمي الوطن العربي بأسره، فهو كان يؤمن بأنه لا وجود للأمة العربية دون مصر، وتجلى ذلك عبر الشوارع والمدارس والمساجد والمشروعات التي تخلد اسم زايد حتى اليوم على لافتاتها، وحتى تلك الأحياء التي قصفت في حرب يونيو عام 1967 رممت بعطاء زايد وأبناء شعبه.
هكذا تبلورت حالة الانسجام الإماراتي المصري لتنتج اليوم تحالفاً من أقوى التحالفات في المنطقة يرقى ليكون شراكة استراتيجية تضرب في خاصرة المشككين، فتبلور نموذجاً عربياً مشتركاً حتى على صعيد العمل الحكومي المشترك لنقل التجربة الإماراتية إلى القاهرة، مكملة بذلك مرحلة توافق الرؤى السياسية إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وضخامة التعاون الاقتصادي والاستثماري وقوة التبادل العلمي والثقافي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة