عند اندلاع أزمة سوريا عام 2011 كانت الإمارات أول من دعمت استقرار وأمن الشعب السوري.
ولكن تدخل وتداخل قوى عالمية مختلفة حينها أضر بمصالح شعب سوريا الشقيق، حتى صار الواقع هناك بعيدا عن وجهة الاستقرار.. وهنا جاءت الواقعية السياسية لتؤكد أن وجود الرئيس السوري بشار الأسد هو الخيار الواقعي والجواب الأكثر إقناعا لجميع التساؤلات حول استقرار سوريا وأمن شعبها.
واليوم مع الأزمة الأوكرانية برزت تحولات جيوسياسية تعكس لنا أننا أمام الصراع الأكبر، الذي سيؤثر بشكل كبير في رسم النظام العالمي الجديد، والذي ستسعى فيه القوى العظمى إلى إعادة توزيع وجودها، لذلك كان من المهم النظر إلى أهمية اتخاذ ما يضمن عدم عزل دمشق عن محيطها العربي، ويرجع ذلك إلى أهمية سوريا في خارطة الأمن القومي العربي.
وهذا ما ترفضه بالطبع القوى التي تسعى للاستفادة من الورقة السورية في صراعها، وما يؤكد ذلك هو أهم ما جاء في تصريح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، حين قال: "الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات عن سوريا أو تتخلى عنها، ولا تدعم إعادة إعمارها حتى يتم إحراز تقدم لا رجوع عنه نحو حل سياسي".
السؤال هنا: ما الحل من وجهة نظر الإدارة الأمريكية الحالية؟ هل الحل وجود بديل يحقق لهم أهدافهم أم تسليم سوريا كما تم تسليم العراق سيكون مُرضيا لهم؟ والأهم من كل ذلك هل إعادة إعمار سوريا ستتم حال تحقق الحل كما يريدون؟
الإمارات -مع هذه التحولات الجيوسياسية- تؤكد نهجها في تبني الواقعية السياسية، وتكرس دورها في دعم الأمن القومي العربي، وتدرك جيداً أن قراراتها في المرحلة القادمة تحتاج إلى خطوات شجاعة تضمن بها مستقبلا أفضل للمنطقة العربية وشعوبها، وتحرص على عدم عزل أي عاصمة عربية عن محيطها، في مقابل صراع جيوسياسي مشتعل، ولعل في بعض عواصمنا العربية المختطفة نجد العبرة.
هنا، وسط زخْم دولي، جاءت زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ إنها دليل على انفتاح سوريا على البيت العربي من جديد عبر بوابة الإمارات، وقد تزامنت الزيارة التاريخية، التي قام بها الرئيس السوري، بشار الأسد، لدولة الإمارات، الجمعة الماضي، مع مرور عام على إطلاق الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، مبادرة في مارس/آذار الماضي، تدعو إلى ضرورة عودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية.
زيارة ستكون "فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا والمنطقة جمعاء".. بتلك العبارة لخّص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، النتائج المتوقعة من زيارة الرئيس السوري إلى الإمارات.
زيارة "الأسد" لدولة الإمارات حملت دلالات كثيرة، منها إعادة التركيز على دور الإمارات دبلوماسيا في مساندة شعب سوريا الشقيق، كما تعد تدشينا لعودة سوريا للجامعة العربية، فضلا عن التقدير، الذي يحمله الرئيس السوري لدولة الإمارات في ظل موقفها الداعم لوحدة الأراضي السورية ودعمها لحل سياسي للأزمة هناك، وكذلك إدراكا من الرئيس "الأسد" لمكانة الإمارات وثقلها، وهي التي تترأس حاليا مجلس الأمن الدولي لشهر مارس/آذار الجاري، فضلا عن دورها الرائد في تعزيز التضامن العربي.
إن أبواب الدبلوماسية والسياسة الإماراتية مفتوحة على دعم الأمن القومي العربي، وعادة ما تمثل الإمارات ضربة البداية لإعادة مسارات الحل السياسي إلى طبيعتها وحيويتها، ثقة من المجتمع العربي بها وبقيادتها الحكيمة، تماما كما قال الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، بأن نهج الإمارات يرمي دائما لخفض التوترات وإيجاد حلول لأزمات المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة