في خضم ما تُعانيه الإدارة الأمريكية من تحديات داخلية وخارجية، جاءت أزمة أوكرانيا لتُشكل عبئاً جديداً على "بايدن".
فقد أدى النزاع الروسي-الأوكراني إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز عالمياً، وفي داخل الولايات المتحدة أيضاً، ممَّا ألحق الضرر بالمواطن الأمريكي، خاصة أن أسعار الغاز مرتفعة بالفعل.
وعلى وقع تلك الأزمة، ظهرت تأثيرات واضحة وملموسة على أسواق الطاقة في العالم بشكل كبير، وتجاوزت أسعار النفط العالمي مع اليوم الأول لبدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حاجز 102 دولار للبرميل.
لذلك فإن شحنات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة لن تكون كافية لملء الفراغ، وقد يتسبب النزاع الروسي-الأوكراني في كارثة للأسهم بطريقة ستغير تصورات الناخبين بشأن الأمن الاقتصادي والازدهار، الذي وعد به "بايدن" خلال حملته الانتخابية، ممَّا يؤدي إلى زيادة مخاوف الديمقراطيين بشأن خسارة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس لصالح الجمهوريين.
بكل تأكيد ستؤدي التداعيات الاقتصادية لأزمة أوكرانيا إلى ارتفاع الأسعار، وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية.
ففي منتصف الشهر الجاري، أظهرت بيانات رسمية في الولايات المتحدة أن التضخم في البلاد قفز في شهر يناير الماضي إلى مستوى 7.5% على أساس سنوي، وذلك بأسرع وتيرة منذ فبراير 1982.
ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع معدلات التضخم إلى تجدد الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لتكثيف معركته للسيطرة على الأسعار من خلال رفع أسعار الفائدة بشكل كبير.
وقد استفاد الجمهوريون من النزاع الروسي الأوكراني لتوجيه مزيد من الانتقادات لإدارة "بايدن"، إذ ألقى الجمهوريون مسؤولية الأفعال الروسية على عاتق الرئيس "بايدن"، مُدَّعين أن إدارته "مهدت الطريق للنزاع الروسي الأوكراني عبر الأخطاء الفادحة في السياسة الخارجية، وعلى رأسها الانسحاب الكارثي للقوات الأمريكية من أفغانستان".
وبصورة عامة، يُحاول الجمهوريون تصوير سياسات إدارة "بايدن" الاقتصادية على أنها "كارثية".. ويُحمّلونه مسؤولية ارتفاع أسعار البنزين والسلع الأساسية في الولايات المتحدة.
التعامل مع التداعيات الاقتصادية الجمَّة المحتملة للنزاع الروسي-الأوكراني، وحل مشكلة ارتفاع الأسعار والتعافي من آثار أزمة كورونا، أصبحا الشاغل الأول للمواطن الأمريكي، فالأزمة الأوكرانية ستكون لها تداعيات سلبية، ربما تظهر بوضوح في نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في شهر نوفمبر المقبل.
ففي منتصف فبراير الجاري، حذّر الرئيس "بايدن" الأمريكيين من تداعيات الأزمة الأوكرانية وتأثيرها على الولايات المتحدة، مؤكدا أن من شأنها رفع أسعار البنزين في أمريكا، وأن إدارته تبذل جهوداً للتخفيف من حدة اضطراب الأسواق العالمية للطاقة.
ويُمثل هذا اعترافاً بالمخاطر، التي يُواجهها "بايدن" نفسه قبل الانتخابات النصفية، حيث أصبح التضخم أزمة للديمقراطيين.
إلى ذلك، فإن الأزمة ستؤدي إلى عجز "بايدن" عن استعادة شعبيته واستمرارها في التراجع.. وهذا -بدوره- سيؤدي إلى تقليص فرص دعم "بايدن" لإعادة ترشحه لفترة ولاية ثانية عام 2024.
فقد كشف استطلاع للرأي أُجري في يناير الماضي أن 45% فقط من الناخبين ذوي الميول الديمقراطية أرادوا من الحزب إعادة ترشيح "بايدن" في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024، بينما فضّل 51% منهم أن يختار الحزب مرشحاً آخر.
الأزمة الروسية-الأوكرانية ربما تؤجج العديد من الأزمات، التي قد تجد الولايات المتحدة أنها مضطرة للتدخل فيها عسكرياً.. وفي استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي بي إس نيوز"، أيَّد أكثر من نصف الأمريكيين عدم تدخل بلادهم في الأزمة الأوكرانية، فيما اعتبر 20% منهم أن نهج الرئيس "بايدن" تجاه روسيا "عدائيٌ للغاية"، كما أظهر استطلاع للرأي، أجرته شبكة "إيه بي سي نيوز"، في 31 يناير الماضي، أن 29% فقط من الأمريكيين يدعمون سياسات الرئيس "بايدن" بشأن أزمة أوكرانيا، وأن 38٪ من المشاركين يرفضون إرسال قوات إلى المنطقة للتدخل في الأزمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة