كُتاب عرب لـ"العين الإخبارية": المسرح محتفظ بجمهوره رغم المنافسة
الكاتب المسرحي السعودي، عباس الحايك، يقول إن المسرح ابتُكِر ليبقى ويشكل وعي الجماهير إذا تعامل معه المسرحيون على أنه فن يقدم قيما مهمة.
أكد مسرحيون عرب، بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، الذي يوافق 27 مارس/ آذار من كل عام، أن المسرح رغم وجود السينما والتلفزيون لا يزال حاضرا بدليل إقبال الجماهير على العروض المسرحية، وأضافوا أن المسرح سيحافظ على مكانته ما دام يتعامل معه القائمون عليه باعتباره فنا راقيا، وليس مكانا للضحك المبتذل.
وعبر "العين الإخبارية"، أوضح مسرحيون مثل الكاتب المسرحي والسينارست السعودي، عباس الحايك، أن المسرح ابتُكِر ليبقى ويشكل وعي الجماهير إذا تعامل معه المسرحيون على أنه فن يقدم قيما مهمة وليس مجرد مكان للتهريج والضحك غير المبرر.
وتابع الكاتب، الذي قدم عدة مسرحيات وسيناريوهات، والحاصل على جائزة التأليف بمسرح الشباب بالكويت: "رغم منافسة السينما والتلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي للمسرح، إلا أن العروض المسرحية في أمريكا والدول الأوربية ما زالت تلقى إقبالا جماهيريا، وتستمر لسنوات طويلة"، وأكد أن المسرح يمكنه بناء شخصية الفرد، وجعله قادرا على مواجهة الأزمات.
وقال الروائي والمسرحي المصري، أحمد أبو خنيجر، إن المسرح لا يزال فعالا، وسيبقى كذلك إذا أصر على تقديم القضايا التي يعني بها الناس، وإن اهتم بالفكرة أولا وقبل كل شيء، أما المسرح التجاري فلا يقدم شيئا يمكنه من التأثير.
وأشار الكاتب الفائز بجائزة ساويرس الثقافية إلى أن أشكال المسرح اليوم صارت كثيرة، مثل (مسرح الشارع) و(مسرح المقهى) و(مسرح الغرفة) وغيرها من أشكال المسرح التي تتناسب مع المجتمعات الفقيرة، إذ لا تحتاج لتجهيزات كبيرة، كما أنها تحمل في ذاتها رسالة النزول إلى الناس، وأوضح أن المسرح بالأساس خدمة ثقافية.
وأضاف أن "المسرح في عصر الصورة باقٍ وسيظل باقيا، حيث لا توجد إزاحة أو صراع، بين شكل فني وشكل فني آخر" وتابع: "لا يوجد ما يدعونا إلى تجاهل المسرح لأننا في عصر الصورة البصرية، كما لا يمكن أن نقول إننا في عصر الرواية على حساب غياب القصة القصيرة، أو زمن قصيدة النثر، على حساب غياب النص العمودي والتفعيلي، فالتنوع بالطبع يثري أي مجال، وبالأخص الفن".
وذكر الكاتب المسرحي المصري، سعيد حجاج، أن المسرح سيظل طقسا حيا ومحببا لدى الشعوب العربية ، لأن الظواهر المسرحية القديمة مثل الأراجوز وصندوق الدنيا شكلت جزءا كبيرا من تكوينها الوجداني والنفسي.
أما الكاتب المسرحي والروائي المصري، وليد علاء الدين، فيرى أن كتابة المسرح العربي حاليا تعاني عدة مشكلات، مثل أنها تكاد تكون محصورة في تيارين: الأول ملتصق دائماً بالأحداث التاريخية أو قصص التراث الشعبي لينطلق منها لبناء مسرحيته، وهي فكرة نجحت كثيرا من قبل، وبلغت ذروتها مع المبدع الكبير سعد الله ونوس، لكنها كانت مناسبة لعصرها ولثقافة كاتبها فنجحت، وليس شرطًا أن تنجح دائماً.
وتابع: "التيار الثاني فيشمل تلك النصوص التي تقتفي أثر مدارس الكتابة الغربية، وهي كذلك تنتج مسرحاً غريباً عن بيئته إلى حد كبير".
وأوضح مدير تحرير مجلة "تراث" الإماراتية أن "الكتابة المسرحية العربية الراهنة، تعانى من مشكلة وهي الاعتقاد بأن النص المسرحي الجاد لابد وأن يكون متجهماً وخَطابياً، حيث تجد الكثير من النصوص المسرحية مجرد تلوين إنشائي خَطابي متعالٍ، يمكن اختصاره في جملة وعظية، أو تجدها تنويعا على مقولة أخلاقية وهو لون أيضاً كان يناسب عصر كتابته، ولكن هناك خلطا بين الريادة التاريخية ومدى مناسبة النصوص لعصورها".
وقالت الكاتبة السورية، مناهل السهوي: "المسرح وحكاياته طريق للتساؤل ولدفع المتفرج إلى التفكير وهذا بحد ذاته تأثير كبير، نحن هنا لا نتحدث عن عناوين عريضة مباشرة، فالمسرح وكافة الفنون أبعد من أن تسلك الطرق السياسية والدينية وغيرها في توجيه الجمهور، الفن يعتمد على زيادة نسبة الوعي تجاه فكرة ما وهذا هو الأهم".
وأضافت المسرحية الحاصلة على جائزة الشارقة للإبداع العربي: "لا نستطيع تقديم أجوبة حاسمة فيما يتعلق بمسيرة أي جنس أدبي، إنما يمكن أن نقدم تصوراً وحسب، لأن هذه الفنون لديها قدرة هائلة على التداخل والتمازج وخلق حالات لا نهائية، اليوم أنت تستطيع أن تقرأ قصيدة نثر فتحيلك إلى مشهد مسرحي، ويمكنك أن تقرأ رواية فتجد فيها المسرح والشعر وأجناساً أخرى".
وترى أن الواقع يثبت أن المسرح ما زال يتسرّب في حياتنا اليومية بأشكال مختلفة، وتابعت: "أقصى ما يمكن أن نفعله هو أن نستمر بكتابة المسرح وبتقديمه، وأعتقد أن هذا هو الأهم، فديمومة أي جنس أدبي تتعلق بالدرجة الأولى بوجود من يود حقّاً في كتابته والعمل عليه وكأن حياته تتوقف على هذا الأمر".
ويرى الكاتب المسرحي والصحفي المصري، شريف صالح، أن "أي فن يستطيع التأثير في وعي جمهوره أو المتلقي للفن، لكن المسرح أو الرواية أو القصة أو أي شكل إبداعي حاليا ليست لديه القدرة على الهيمنة على وعي الجمهور أو يزعم أنه الأكثر تأثيرا على وعي الجمهور لسبب بسيط، وهو توفر العديد من الأشكال الفنية والإبداعية".
ويرى صاحب رواية "حارس الفيسبوك" أن أي فن يتأثر سلبا بالتطور التكنولوجي كمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، إلا أنه أشار إلى أن التطور التكنولوجي يخدم الفن بطريقة أو أخرى بإتاحته سهولة الانتشار والتلقي، فشبكات التواصل الاجتماعي أتاحت إمكانية المشاهدة مباشرة لبعض العروض على منصاتها عن طريق إمكانية البث المباشر كعرض مهرجان ما في الشارقة أو القاهرة مثلا، فمن لم يتمكن من الحضور يستطيع أن يشاهده ويتفاعل معه حتى وإن لم يحضر بذاته وإن كان ذلك سيؤثر سلبا على الرؤية التفاعلية المباشرة.
ويرى المسرحي العراقي، عباس حبيب الغالبي، أن "ما يعيشه المسرح الآن مخيب للآمال بل وأحيانا محبط، ولكن علينا أن لا نتلذذ بهذا الإحباط"، وأضاف الكاتب الفائز بجائزة الشارقة للإبداع العربي: "المسرح هو إعادة خلق الإنسان ورؤيته تجاه الواقع ويتطلب مواجهته".