المنتدى الاستراتيجي العربي.. أسئلة وإجابات للمستقبل
دورة جديدة للمنتدى الاستراتيجي العربي تتزامن هذا العام مع أوضاع صعبة في نسخة تقدم قراءة دقيقة لرسم خارطة القرار الإقليمي والدولي.
وانطلقت الأربعاء في دبي أعمال المنتدى بمشاركة نخبة من المسؤولين وقادة الفكر، في جلسات مكثفة تبحث أبرز تحديات العالم العربي سياسيا واقتصاديا.
وركزت النسخة الجديدة للمنتدى، الذي يقام تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على حالة العالم العربي في عام 2024.
وعبر هذه المنصة، يشخص المتحدثون المتغيرات السياسية والاقتصادية، وموقع العرب ودورهم في التغيرات المتسارعة إقليميا ودوليا.
وخلال هذه الدورة التي تأتي في سياق استثنائي، يحاول الخبراء الاستراتيجيون الإجابة على العديد من الأسئلة، وفي مقدمتها: ما الذي يريده العالم من المنطقة العربية وما الذي تريده منه؟ وكيف ينظر العالم الخارجي إلى المنطقة العربية؟
وأيضا كيف يمكن قراءة المشهد الراهن بجميع تحدياته وملابساته من أجل الحصول على الأدوات اللازمة لرسم السيناريوهات المحتملة بالمرحلة المقبلة، وبالتالي اتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة تداعيات الحاضر ومفاجآت المستقبل؟
أسئلة كثيرة يحاول الخبراء الاستراتيجيون الإجابة عنها خلال جلسات المنتدى أملا في فك شفرة الأوضاع الصعبة وارتداداتها على المستقبل القريب.
وهذا الحدث الذي شهد حضورا وازنا لأهم قادة العالم العربي، يركز خلال جلساته على أبرز التطورات السياسية بالمنطقة في مقدمتها حرب غزة، واستمرار الصراعات وارتفاع منسوب التوتر بالبحر الأحمر.
فلسطين
دعمٌ إماراتي راسخ تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، تترجمه دولة الإمارات العربية المتحدة في كل محفل ومناسبة، وهو ما عبّر عنه المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، الدكتور أنور بن محمد قرقاش، خلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى.
وقال قرقاش: "لا بد أن يكون تضامننا مع الشعب الفلسطيني وقضيته"، مضيفا أن "إدارة هذا الملف ضرورة وشيء مهم جدا إلى جانب إدارة الملفات الإقليمية الأخرى".
وأضاف "لا بد من الوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية التي تهمش الخسائر في الأرواح التي نراها في غزة، ولابد من إيجاد مسار سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لأن مسارات المواجهة في التاريخ العربي مع إسرائيل كانت غير ناجحة".
واعتبر المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أن "هناك هجوما غير أخلاقي ولا إنساني على غزة"، مستطردا في هذا السياق "أعتقد أن أمامنا مهمتين متوازيتين أولهما التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته بالتوازي مع النظر إلى المستقبل.
ولفت إلى أن "النظام العربي يخوض 3 معارك اليوم.. موقعه في العالم.. والتعامل مع الدول الإقليمية غير العربية.. ومعركة داخلية سببتها محاولات تهميش دور الدولة الوطنية العربية لصالح بعض المليشيات".
إجابة «حاسمة»
المنتدى شكل أيضا مناسبة للرد بشكل مباشر وحاسم على أبواق الحاقدين والمتعطشين للانقسام ممن يروجون لمزاعم وجود خلاف سعودي إماراتي.
علاقات أبدية راسخة بين الدولتين، تجسدت اليوم في المنتدى الاستراتيجي العربي، حين بادر الإعلامي المصري البارز عماد الدين أديب، بطرح سؤال على كل من المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش، والأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، حول حقيقة وجود خلاف بين السعودية والإمارات.
وفي مداخلته التي تضمنت أكثر من ملف، قال عماد الدين أديب: "هناك سؤال ملح أريد أن أختم به هذه الجلسة.. على منصات التواصل الاجتماعي، نرى شدا وجذبا بين الإمارات والسعودية، وفي المقابل خلال اللقاءات الرسمية نشاهد اتفاقيات وتعاونا كبيرا.. نصدق من؟
ليوجه الإعلامي المصري سؤاله مباشرة "هل أنتما متنافسان مختلفان؟.. في إيه (ماذا يحدث) بالضبط؟. جاوبوني (أجيبوني)"
فيرد الأمير تركي الفيصل: "أنا أجاوبك عني أنا شخصيا.. يا أخ أنور (قرقاش) بينا شيء؟".
ليجيب قرقاش "أبدا أبدا"، فيبدأ التصفيق يعلو في القاعة إلى جانب الضحكات تجاه التلقائية التي شهدتها ردود المسؤوليْن البارزين.
3 تحولات
"3 تحولات قد تشكل ملامح المنطقة والعالم في المرحلة المقبلة"، هذا ما أكده محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء بالإمارات، بكلمته الافتتاحية بالمنتدى.
وأضاف القرقاوي، وهو رئيس المنتدى الاستراتيجي، أن التحولات الثلاثة هي "القضية الفلسطينية وبروز دول الخليج كقوة اقتصادية مؤثرة، وتصاعد وتيرة الاستقطاب محلياً ودولياً".
وتابع: "نجتمع اليوم لنحاول تشكيل فهم معمق حول الاتجاهات العالمية السياسية والاقتصادية وموقعنا منها في ظل تزايد التساؤلات حول عجز النظام الدولي عن احتواء الأزمات".
واعتبر أن 2024 عام حاسم كونه "يتوجه خلاله أكثر من 4 مليارات شخص إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في أكثر من 75 دولة".
وتساءل: "فهل سيكون عاماً تتزايد فيه انقسامات المجتمعات وتباعد الدول والثقافات، أم سيكون عاماً تقترب فيه المسافات وتُبنى فيه جسور جديدة من العلاقات؟".
مبادرة الشيخ زايد
ضمن أعمال المنتدى، استعرضت جلسة "20 عاماً على غزو العراق.. التداعيات والنتائج" التداعيات السياسية ونقاط التحول التي نتجت عن الغزو سواء على العراق والمنطقة والعالم.
وخلال هذه الجلسة، استحضرت نخبة من المفكرين والسياسيين، بعد عقدين من الزمن على غزو العراق، مبادرة المغفور له، مؤكدين أن تلك الفرصة كانت ستعمل في حال تطبيقها على تجنيب الشعب العراقي كافة المآسي التي يمر بها اليوم.
فرصة تاريخية ضائعة من العيار الثقيل يجزم خبراء أن العراقيين يتحسرون عليها، حين طرح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مبادرته الاستراتيجية.
واعتبر الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن "مبادرة الشيخ زايد في ذلك الوقت كانت قائمة على أساس التوفير على المنطقة ويلات ما يمكن أن يحدث من تبعات".
وأضاف أن "الفكر الأمريكي كان قائما على قضيتين أن إحداث التغيير في العراق سيقود إلى تغييرات في المنطقة بشكل عام، والشيخ زايد كان عنده هذا الاستشعار بما يمكن أن تكون له خطورة في هذا الموضوع ولذلك قُدمت المبادرة".
وتساءل الدكتور عبد العزيز بن صقر الذي كان مواكبا لتلك الأحداث في ذلك الوقت "هل كان الشرط المطروح موافقة الجامعة العربية هو الذي يعوق تنفيذ المبادرة وهو لم يعق، أتذكر عمرو موسى (الأمين العام للجامعة العربية في حينه) قال في ذلك الوقت: لا يمكن أن أُعامل صدام مثل شارون كلاهما مطلوب منه المبادرة".
واستدرك: "لكن أُريد للمنطقة لأسباب أو مخططات مختلفة أن تدخل مرحلة مختلفة جدا ما زلنا نعيش تبعاتها حتى اليوم".
المستقبل بعيون الحاضر
وشهدت هذه النسخة من المنتدى إصدار تقارير متنوعة بالتعاون مع مؤسسات ومراكز تعنى بالتنبؤات الجيوسياسية والاقتصادية طرحت أبرز الأحداث العالمية المتوقعة بالسنوات القادمة.
ومنها تعرض النظام العالمي الحالي ومؤسساته الرئيسية لضغوط كبيرة خلال العقد القادم.
تحديات يطرحها الحاضر ضمن أهم القضايا الجيوسياسية والاقتصادية التي يناقشها المنتدى من أجل رسم صورة استشرافية لمستقبل أهم القضايا، ويساعد قادة العالم على اتخاذ القرارات المناسبة واعتماد ما يتماشى معها من خطط استراتيجية.
aXA6IDMuMTM3LjE1OS4xNyA=
جزيرة ام اند امز