وسط أجواء من القلق والتوتر، وإشكاليات متداخلة عربياً ودولياً وإسلامياً، انعقدت القمة العربية بالظهران بالمملكة العربية السعودية.
وسط أجواء من القلق والتوتر، وإشكاليات متداخلة عربياً ودولياً وإسلامياً، انعقدت القمة العربية بالظهران بالمملكة العربية السعودية، قمة استعرضت الأزمات والإشكاليات التي مازالت تعرقل قيام وحدة عربية متجانسة على الرغم من المشتركات الدينية واللغوية والتاريخية.
ففي الوقت الذي انعقدت فيه القمة تواجه دمشق ذات مصير بغداد الذي واجهته قبل 15 عاماً، بالتمام والكمال، وبينما جرح دمشق يقطر دماً، ونحن نعجز عن علاجه، أو حتى على الأقل تقليل حجم الدماء المنهمرة، وتركت دمشق تواجه مصيرها منفردة دون أن يحرك العرب ساكناً، وللأسف دفعت سوريا فاتورة صراع دولي على زعامة العالم وإثبات النفوذ في المنطقة، وفي الوقت الذي تسعى أميركا لاستعادة نفوذها المتراجع من المنطقة، تتبعها كالعادة بريطانيا، أما فرنسا فتسعى لحيازة زعامة أوروبا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بينما تأبى ألمانيا أن تترك طريق «ماكرون» لتحقيق ذلك مُعبداً.
تنعقد القمة العربية وتنفض، وتبقى ملفاتنا العالقة كما هي، ولسنا هنا بصدد جلد للذات بل مكاشفة لواقع عربي صعب حان الوقت لتغييره، حتى لا نقضي على مستقبل الأجيال القادمة
وفي المقابل نجد دفاعاً روسيا عن نفوذ القيصر الروسي في المنطقة، نفوذ تجري لجواره مشاريع إقليمية تركية إيرانية في المنطقة، ونحن بكل أسف نبقى خارج كل تلك الحسابات المتداخلة والمعقدة.
ومن التهاب الملف السوري والصراع الدولي على أراضيها إلى القضية الفلسطينية وشظايا الانحياز الأميركي المفضوح للكيان الإسرائيلي المحتل، وقرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فضلاً عن عمليات تعطيل المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية.
ومن فلسطين المحتلة إلى اليمن والتدخل الإيراني والمشروع الصفوي الذي يسعى لتطويق المنطقة العربية من خلال التواجد في أربع عواصم عربية، ودعم الانقلاب «الحوثي» وتهديد أمن المملكة العربية السعودية، وتهديد أمن الرياض وتهديد أمن الحرمين الشريفين.
ومن المشروع الصفوي في المنطقة إلى التعنت القطري وعدم التزامه بالمعاهدات الخليجية والعربية واستمراره كذريعة لشق الصف العربي، والنيل من المنطقة ككل عبر دعم الإرهاب «الداعشي» وإيواء ورعاية جماعة «الإخوان» الإرهابية، وممارسة سياسات تخريبية في عموم العالم العربي، وكذلك دعم سياسات دول كبرى للاستمرار في استنزاف كل العرب.
ومن أزمات المشرق العربي إلى المغرب العربي عمليات التصعيد في موضوع حق المغرب التاريخي في أقاليمه الجنوبية، ذلك التصعيد غير المبرر والذي رغم تعدد مساعي إنهاء الخلاف حولها إلا أن التعنت يغلق الأبواب دائما لإيجاد أي حلول تنزع فتيل الأزمات.
ومن المغرب العربي ننتقل للتدخلات الإقليمية في أزمات العالم العربي، حيث يترقب عقد الانتخابات المقبلة بالعراق ولبنان، وهي الانتخابات التي تشهد تدخلاً إيرانياً مفضوحاً يسعى لزعزعة الاستقرار في تلك البلدان العربية مجتمعة والتأثير على المنطقة ككل.
ومن المشروع الصفوي الإيراني إلى المشروع العثماني التركي، وهو المشروع السياسي «الإخواني»، والذي يسعى للهيمنة الاقتصادية بالوطن العربي، وممارسة دور داعم للجماعات «الإخوانية»، التي تساقطت عنها الأقنعة في الأزمة المصرية خصوصاً، وكذا في مساعي التدخل في بلدان عربية وحتى خليجية. هكذا تنعقد القمة العربية وتنفض، وتبقى ملفاتنا العالقة كما هي، ولسنا هنا بصدد جلد للذات بل مكاشفة لواقع عربي صعب حان الوقت لتغييره، حتى لا نقضي على مستقبل الأجيال القادمة.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة