يوم المياه العربي.. متطلبات الاستدامة وحلول المستقبل العادلة

دعت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إلى ضرورة العمل على إدارة الموارد المائية بطريقة متكاملة وعادلة، والتعاون بين جميع القطاعات والمجتمعات.
وذلك لضمان أمن المياه على الصعيدين الوطني والإقليمي، وذلك لتحقيق الأمن المائي في المنطقة.
يوم المياه العربي
جاء ذلك في بيان الأمانة العامة الأحد، بمناسبة يوم المياه العربي الذي تحتفل به الدول العربية يوم 3 مارس/آذار من كل عام، ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار "مياه مستدامة نحو مستقبل مائي أفضل".
وقال الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية السفير الدكتور علي بن إبراهيم المالكي، إن ملف المياه يعد من الموضوعات المهمة التي تتابعها الأمانة العامة للجامعة العربية، عبر إدارة الإسكان والموارد المائية والحد من الكوارث "الأمانة الفنية للمجلس الوزاري العربي للمياه"، الذي يجتمع دوريا كل عام، بهدف متابعة كل ما يتعلق بهذا الموضوع الهام وتنسيق المواقف العربية في هذا المجال.
وأضاف أن يوم المياه العربي، يحل هذا العام في ظل ظروف خطيرة تمر بها المنطقة العربية، جراء تصاعد الحروب والصراعات في المنطقة، ويأتي على رأسها العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وما خلفه من دمار هائل في الأرواح والممتلكات وسائر مقومات الحياة.
ويسلط شعار الاحتفال لهذا العام الضوء على أهمية تطوير القطاع المائي ومواجهة التحديات التي تواجها الدول العربية في تحقيق الأمن المائي، حيث تعد الدول العربية من أكثر الدول ندرة في المياه في العالم، إذ يعيش معظم السكان في حالة ندرة المياه التي تشكل تحديا كبيرا أمام تحقيق التنمية المستدامة، لأنها تؤثر بشكل مباشر على القدرة على ضمان الوصول إلى المياه، مما يؤثر أيضًا على أمن الطاقة والغذاء، وعلى التنمية الاقتصادية.
- سياسة «المنشار الكهربائي».. حل سحري لاقتصاد الأرجنتين يُبهر ماسك
- النمسا تعود لقائمة الدول المصدرة للكهرباء.. بفضل الطاقة النظيفة
ضغوط بيئية ومناخية
ويُحتفل بـيوم المياه العربي سنوياً في 3 مارس/آذار، وهو مناسبة لتسليط الضوء على التحديات المائية التي تواجه الدول العربية وأهمية الإدارة المستدامة للموارد المائية.
تأتي هذه المناسبة في ظل تزايد الضغوط البيئية والمناخية، وارتفاع الطلب على المياه نتيجة النمو السكاني والتوسع العمراني، مما يجعل الأمن المائي قضية محورية تستدعي حلولًا عاجلة ومستدامة.
التحديات التي تواجه الأمن المائي العربي
الدول العربية من بين أكثر الدول معاناةً لشحّ المياه في العالم، إذ يعيش ما يقرب من 362 مليون شخص في المنطقة في ظل شحّ مائي إلى شحّ مائي مطلق، حسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
وتتلخص أبرز التحديات في ما يلي:
- شح الموارد المائية: تعاني المنطقة العربية من ندرة المياه، حيث تقع معظم دولها في مناطق جافة وشبه جافة، مما يقلل من مواردها المائية المتجددة.
- الاعتماد على الموارد المائية الخارجية: تحصل الدول العربية على حوالي 54% من مواردها المائية السطحية من مناطق جغرافية تقع خارج حدودها، مثل حوض نهر النيل وحوضي دجلة والفرات، مما يزيد من مخاطر النزاعات المائية ويحد من قدرة الدول على التحكم في مصادرها.
- التغير المناخي: يؤدي تغير المناخ إلى تقلبات في أنماط هطول الأمطار، مما يؤثر على توافر الموارد المائية.
- الاستهلاك المفرط: يشكل الري الزراعي حوالي 85% من إجمالي استهلاك المياه في المنطقة العربية، مع انخفاض كفاءة الاستخدام بسبب تقنيات الري التقليدية.
- التلوث المائي: تزايد التلوث الصناعي والزراعي يؤثر على جودة المياه المتاحة، مما يزيد من الحاجة إلى معالجة مكلفة.
- ضعف البنية التحتية: تسريب المياه وضعف شبكات التوزيع يؤديان إلى هدر كميات كبيرة من الموارد المتاحة.
متطلبات تحقيق الأمن المائي في العالم العربي
تتطلب المياه العابرة للحدود تنسيقًا مشتركًا بين الدول العربية لمواجهة التحديات المائية، مثل اتفاقيات تقاسم الموارد المائية وإدارة الأحواض المشتركة.
كما أصبح تحسين كفاءة استخدام المياه، متطلباً رئيسياً لتحقيق الأمن المائي العربي، وذلك من خلال تحديث أنظمة الري، مثل استخدام الري بالتنقيط بدلاً من الغمر، واعتماد التقنيات الذكية في إدارة الموارد المائية.
ويُعد الاستثمار في تحلية المياه، ركيزة استراتيجية، ومثال على ذلك تحول دول الخليج إلى مراكز رائدة في مجال تحلية مياه البحر، إذ توفر نسبة كبيرة من احتياجاتها المائية من خلال هذه التقنية. ومع ذلك، فإن تكلفة التحلية العالية تدعو إلى تطوير تقنيات أقل استهلاكًا للطاقة.
فيما يمكن أن تسهم محطات معالجة مياه الصرف الصحي في دعم الزراعة والصناعة، مما يُخفف الضغط على الموارد الطبيعية.
وتحتاج المجتمعات العربية إلى تعزيز ثقافة ترشيد المياه عبر برامج التوعية والتثقيف البيئي، وتشجيع استخدام الأجهزة الموفرة للمياه.
وختاماً، يؤكد الخبراء أن تحقيق الأمن المائي في العالم العربي يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة تعتمد على التخطيط طويل المدى والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة. ومع تزايد المخاطر، يصبح تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية أمرًا حتميًا لضمان استدامة الموارد المائية للأجيال القادمة.
هل يمكن للعالم العربي مواجهة التحديات المائية بنجاح؟ الإجابة تكمن في تكامل الجهود بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات لتحقيق إدارة مائية مستدامة وعادلة.