التجربة السياسية والاقتصادية لدول الخليج العربي على مدى سنوات مضت هي تجربة فريدة وناجحة بكل المقاييس.
فالحكم على هذه التجربة مرتبط بواقع التطور الملحوظ في مختلف دول الخليج العربي.
ولعل تصالح هذه الدول مع ذواتها وقدراتها جعلها تستفيد من ثرواتها وتستثمر في طاقات أبنائها، وتستشرف المستقبل عبر الخطط الطموحة.
فكما تعمل السعودية على إنجاز رؤية "2030"، تسعى الإمارات من خلال "عام الخمسين" إلى دعوة أبناء الوطن إلى التأمل في قيم الماضي وإنجازاته، اعتزازاً وفخراً بالآباء المؤسسين.
ولدى دول الخليج العربي الست مقومات جغرافية واستراتيجية تجعلها محور اهتمام العالم ونقطة التلاقي بين الشعوب والحضارات، فالعالم الإسلامي، من خلال منظمة التعاون، يتخذ من جدة في المملكة العربية السعودية مقراً له، وجامعة الدول العربية ترى في بلدان الخليج العربي القوة الرئيسية لمساعدة ونهضة المتعثرين من العرب، والاتحاد الأوروبي ينظر إلى دول الخليج العربي كشريك مهم لا يمكن الاستغناء عنه، بينما تؤكد واشنطن في كل المناسبات أن الكيان العربي الخليجي هو حليف أساسي تتجاوز العلاقة معه حدود تبدل الرؤساء في "البيت الأبيض"، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين.
ويدرك المواطنون العرب الخليجيون، في السعودية كما الإمارات وقطر والبحرين وعُمان والكويت، أن قادتهم يحملون على عواتقهم هموماً كبيراً وآمالاً عظيمة في غد مليء بالتحديات الإيجابية والتنافس المشروع لخدمة المواطن.
وقد جاء حضورُ بعض دول الخليج العربي مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة قبل أيام كمؤشر على وحدة مجلس التعاون الخليجي، الذي يزهو بثقله الإيجابي وريادته التنموية، إذ يولي هذا المجلس أهمية كبرى للتواصل والتعاون والعمل المشترك بين جميع دول المنطقة، على أساس متين من الاستقرار والازدهار والخير.
ومسيرة النهضة الخليجية تزخر بقصص النجاح العديدة في مختلف المجالات، وأرى أن تمكين المرأة في هذه الدول يعد من أبرز النجاحات، كما أن الاهتمام بالشباب يفوق ما يحدث لهم في دول غربية مهمة، وبناء جسور التعاون مع الأشقاء والأصدقاء يعتبر عنوان المرحلة الحالية لتحركات المسؤولين الخليجيين، بل إن هذا البناء يعتبر ركيزة من ركائز السياسة الخارجية لدول الخليج العربي.
إن النظر إلى المستقبل بإيجابية أمر جعل المصير الخليجي واحداً والنجاح مشتركاً، والمكسب في نهاية المطاف للمواطن العربي الخليجي، الذي يحافظ على مكتسباته الاقتصادية والخدمية والعلمية بكل ما أوتي من قوة.
وقد لا يختلف العقلاء في شرق هذا الوطن العربي الكبير وغربه، على أن قوة الخليج العربي ووحدته هي قوة لكل العرب، فقد ساعدت دول الخليج العربي كل منكوب أو محتاج، ووجد فيها كل عربي مظلوم ملجأ ونصيرا.
الخليج العربي نموذج مهم في تطوير الإنسان العربي لقدراته واستثماره الصحيح لثرواته ومنافسته المحمودة كي يحصل على دول قوية، يُضرب بها المثل، ويسعى حتى الغربي إلى الحصول على فرصة عمل بها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة