"اللغة العربية آية للتعبير عن الأفكار، فحروفها تنفرد بحروف لا توجد في اللغات الأخرى. أما مفرداتها فتميزت بالمعنى والاتساع والتعدد، ودقة تعبيرها من حيث الدلالة والإيجاز والمعاني".
عبارة للمستشرق الإيطالي أجنتسيو جويدي، الذي أحب اللغة العربية وتعلمها وعلمها، تلخص سحر اللغة العربية وتميز موسيقاها، وغنى مفرداتها، وجمال فنونها، وتعكس تقدير العالم للغتنا باعتبارها من أقدم اللغات وأكثرها انتشاراً، وتمتلك إرثاً حضارياً ومعرفياً ورصيداً إنسانياً عريقاً.
وقفت دولة الإمارات دوماً عند مسؤولياتها لصون اللغة العربية، فأطلقت عشرات المبادرات والبرامج والمشاريع والجوائز المعنية باللغة العربية، وسنّت القوانين والسياسات والتشريعات التي تعزز حضورها تعليمياً ومجتمعياً، وأنشأت المؤسسات والمراكز والمجامع اللغوية التي ترفد لغتنا بالأبحاث العلمية والتقارير الدورية لرصد واقع اللغة العربية على مختلف الصعد.
يعكس ذلك القناعة التامة لدى القيادة الرشيدة لدولة الإمارات بأهمية العربية لغة ثقافة وعلوم وحضارة، وكنزاً للمعرفة والفكر الإنساني، وأداة للتواصل والتفاعل، وقبل كل ذلك، علاقتها الوثيقة بالهوية الوطنية، وما تحمله لغة الضاد من إرث تراثي وتاريخي ثري، هذه القناعة التي وجهت بتشكيل المجلس الاستشاري للغة العربية، وإصدار وزارة الثقافة والشباب، تقرير "حالة اللغة العربية ومستقبلها"، كأول تقرير أكاديمي يرصد حالة اللغة العربية في محاور عدة بمشاركة 18 جامعة حول العالم و65 مؤسسة و10 مجامع لغوية، ليكون أساساً ودراسة موسعة لمقاربة تحديات اللغة العربية بطريقة علمية تساعد على تطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة.
وفي هذا السياق، تنعقد قمة اللغة العربية، التي تعد أول حدث حكومي رسمي بهذا المستوى في العالم، يومي 19 و20 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وستقام في "إكسبو 2020 دبي" بالتزامن مع مؤتمر الوزراء المسؤولين في الشؤون الثقافية في العالم العربي، وتنظمها وزارة الثقافة والشباب، بالشراكة مع مركز أبوظبي للغة العربية، وتحظى برعاية كريمة من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
تحتفي القمة بتاريخ غني من ثقافة لغتنا، وتسعى لتشكيل أسس صلبة لبناء الجهود المستقبلية لترسيخ مكانة اللغة العربية، وإبراز ما تحمله من أبعاد إنسانية وقيم راقية وتراث ثقافي عظيم، خاصة في العوالم الجديدة التي رصد تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها إقبالاً كبيراً فيها على تعلم لغتنا.
تركز القمة على اللغة العربية بصفتها جوهر أمتنا، والعنصر الرئيس في البناء الثقافي والحضاري الذي رفعت الأمة صروحه عبر الزمان، وتستشرف مستقبل لغة الضاد، ومجالات تعليمها، وإدماجها في العالم الرقمي، وإسهاماتها في المشهد الثقافي العربي، والعلوم والتكنولوجيا.
وهذا جزء من التحديات التي تسعى القمة لوضع الحلول الملائمة بشأنها، لاستعادة مكانة العربية في نفوس أبنائها، وإتاحة المزيد من الفرص أمام الإبداعات الثقافية العربية، في المنطقة والعالم، إلى جانب احتفائها بالطابع الإبداعي للغة العربية، وسعيها لتعزيز مكانة دولة الإمارات بصفتها مركزاً للامتياز في هذا المجال.
قمة اللغة العربية ستكون أحدث منصات لتحقيق مستهدفاتنا الاستراتيجية بدعم اللغة العربية وتطويرها.. قمة اللغة العربية دعوة للجميع لنعمل معاً على تعزيز حضورها في حياتنا اليومية، في مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا، دعوة للتخطيط المستقبلي حتى تأخذ لغتنا حقها في الفضاء الرقمي، لنعرف العالم على لغتنا، ونستقطب أجيالاً جديدة من مختلف دول العالم ترغب في تعلمها ودراستها.
سنعمل من أجل تحديد مجالات التطوير المستقبلية التي يمكن اعتمادها لتعزيز استخدام اللغة العربية في مختلف المجالات، لتصبح لغة العصر، حيث تجسد القمة الجهود الكبيرة التي تقوم بها دولة الإمارات، والتزامها بدعم جميع الجهود المتعلقة باللغة العربية، حتى تستعيد مكانتها الحضارية عالمياً.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة