إصدار ترجمة عربية لسيرة الأديب السويسري هيرمان هيسه المُصوّرة
"دار فواصل" في سوريا تصدِر الترجمة العربية لكتاب "هيرمان هيسه .. سيرة مصور" وهو من تأليف فولكر ميتشلز وترجمة ثائر ديب
صدرت حديثا عن "دار فواصل" في سوريا الترجمة العربية لكتاب "هيرمان هيسه .. سيرة مصورة" وهو من تأليف فولكر ميتشلز وترجمة ثائر ديب.
يتضمن الكتاب عرضا مصورا بالغ التشويق لسيرة الكاتب السويسري ذو الأصول الألمانية هيرمان هيسه، صاحب الرواية الاستثنائية "لعبة الكرات الزجاجية" والحائز على جائزة نوبل للآدا عام 1946، منذ ولادته بمنطقة كالف الألمانية في الثاني من يوليو/تموز 1877 حتى وفاته يوم التاسع من أغسطس/آب 1962.
ويقدّم الكتاب سيرة هيرمان هيسه، عبر عرض صوره والمدن التي عاش فيها بداية شبابه مع عائلته المحافظة، ما دفعه إلى الهرب والاستقلال عن السلطة الأسرية، والاعتماد على نفسه والانخراط ضمن مجال العمل.
وكان هيسه قبل ذلك غادر مع عائلته إلى مدينة بازل، وفي عام 1993 مُنِح والده الجنسية السويسرية، قبل أن يعود مرة أخرى إلى ألمانيا.
وفي سنة 1892 أُصيب بمرض نفسي، ليبدأ إثرها رحلته الطويلة في التمرد على سلطة العائلة والمجتمع المحافظ والتقليدي.
بدأ هيسه عمله ساعاتيا ثم بائع كتب في مكتبة، بعدها اتخذ التأليف والكتابة منهجا في حياته، وعمل محررا بعدة مطبوعات.
أسس خلال الحرب العالمية الأولى شركة مستقلة للنشر، تولّت العناية بتجارب أسرى الحرب، إذ أصدرت هذه الدار نحو 22 كتابا.
واعتبارا من عشرينيات القرن الماضي بدأ هيسه شهرته بكتابة الشعر إلا أنه في ما بعد ألف روايات فلسفية كثيرة، نُشِر بعضها بأسماء مستعارة، لكن شهرته تحققت مع روايات مثل "دميان" و"سيد هارتا" و"نزيل المجتمع"، فضلا عن "الرحلة إلى نومبرج" و"ذئب البوادي".
وفي سنة 1943 نشر روايته الشهيرة "لعبة الكريات الزجاجية"، وقد تُرجِمت هذه الأعمال إلى العربية، وصدرت في عدة طبعات منذ منتصف الستينيات.
وخلال خمسنيات القرن الماضي، نُشِرت في ألمانيا أعماله الكاملة، وتأسّست جائزة تحمل اسمه، حيث تمنحها جمعية تطوير الفن الألماني.
ويتضمن الكتاب الصادر في 240 صفحة، فصلا ختاميا يشمل سردا زمنيا موجزا للمحطات الرئيسة في سيرة هيسه، و تأتي مقدمة المرجع في شكل نص محرر على لسان هيسه كتبه سنة 1925.
يتضمن النص موجزا عن سيرته، ويُظهِر نزعته المتمردة على وصايا عائلته وأساتذته في المدارس التي التحق بها، إذ يعتز هيسه قبل أي شيء بقدرته على الاستجابة لحواسه أكثر من التعاليم والوصايا، ويشير كذلك إلى ولعه المفرط بالميتافزيقا، وهو شغف تنامى في جميع كتاباته وبقي يلازمه طوال حياته.
وفي تلك المقدمة يؤكد هيسه أنه أراد منذ مراهقته أن يكون شاعرا، لكنه اكتشف أن هذه الرغبة سخيفة وسط بيئة تمقت خيارا مماثلا.
ويقر هيسه كذلك بأنه جلب العار لعائلته نتيجة تدهور وضعه الدراسي، حيث انتهت كل محاولات إبقائه في المدارس إلى الفشل، غير أنه بادر بتعويض هذا الفشل باهتمام بالغ بتثقيف نفسه اعتمادا على مكتبة جدّه، التي أعطته ما يكفي "لأي مسيرة جامعية معتادة" حسب قوله.
وكانت الكتب خياره لاحقا، فقد عمل في مكتبة ومنها بدأ التعرف إلى عالم الأدباء، كما امتلك جرأة نشر كتاباته الأولى كشاعر.
وفي عام 1915 أسّس أول دورية صحفية عبّرت عن رفضه النظام السياسي الذي كان قائما في بلاده، إلى جانب إدراكه للمعاناة التي خلّفتها الحرب العالمية الأولى.
وبدأ يواجه متاعب جمة عقِب أن اتهمته صحف بلاده بالخيانة نتيجة رفضه سياسة الحرب، فعاد وحيدا من جديد .
وحين أوشكت الحرب على النهاية، كان هيسه غادر إلى سويسرا من جديد، وأصبح أقرب لروح "الناسك"، وشرع في التعبير عن نفسه بلغة أقرب إلى الفلسفة الشرقية.
وسعى إلى ما أسماه "إعادة خلق عالمي"، ممارسا الرسم ومنشغلا بعوالم السحر والتعاويذ.
واتُّهم بعد أن جاوز السبعين بإغواء فتاة يافعة عن طريق السحر، فقضّى أوقاتا في السجن، وهناك عاد إلى الرسم مرة أخرى، قائلا: "أنستني العودة للفن أنني كنت سجينا".
ومنذ ثلاثينيات القرن الماضي بدأ هيسه يتحول إلى كتابة السرد الروائي، وانصرف لما أسماه "اللهب الداخلي".