بالفيديو.. "العين" في أقدم ورشة لصناعة الأرابيسك بشارع المعز
الأسطى محمد عبد الرازق يدق على الخشب ليبقي فن صناعة الأرابيسك على قيد الحياة في أقدم شوارع القاهرة.
بِظهر تقوس من كثرة الدق على الخشب، طوال سنوات، يقف الأسطى عبد الرازق متوسطًا ورشته الصغيرة منذ 37 عاماً لصناعة الأرابيسك، داخل أحد أقدم شوارع القاهرة الفاطمية، مازجاً بين عشق التراث ومواجهة خطر الانقراض.
يقول الأسطى محمد عبد الرازق، لبوابة "العين" الإخبارية، إن بدايته مع مهنة الأرابيسك تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، بحكم مهنة والده، الذي كان يعمل حفاراً على الخشب، وسرعان ما قرر الانفصال عن والده ليبدأ رحلته مع الأرابيسك.
تلمع عيناه كأنه يشهد لحظة ميلاد صغيره، عندما يمسك بقطعة البارفان (فاصل من الخشب كان يستخدم في البيوت القديمة) بعد الانتهاء منها، ويقول لـ"العين": قضيت نصف عمري في مهنة الأرابيسك، ليست مرحلة أو اثنين، لكنها رحلة تبدأ من تقطيع الشجرة، ثم دخول الخشب للورشة هنا، وأبدأ في تحديد الرسومات، وأخذ المقاسات، ثم مرحلة نسميها "الشق على المنشار"، وهي مرحلة قطع الخشب.
يكمل عبد الرازق: "بعدها نبدأ مرحلة المسح عليه وعمل تخانات له لتوحيده (يقصد سُمك الخشب)، ثم يليها مرحلة الكتابة على الخشب قبل تنقيره وتجميعه للعمل، وأخر مرحلة تكون الأرابيسك والتي تبدأ بخراطة الخشب ثم تخريمه ثم تجميعه".
يعد الأرابيسك أحد الفنون الزخرفية المعتمدة على حفر الخشب بعد قطعه وعمل أشكال مختلفة منه وتركيبها ببعضها البعض على هيئة تحف جمالية للبيوت أو الأمكان التي توضع به، ما يجعلها أحد مصادر الدخل لجذبها السياح الأجانب.
عبد الرازق، الذي بدا حزيناً على مهنته المهددة بخطر الانقراض، يقول لـ"العين": "الصناعة اختلفت عن الماضي، فكانت تلقى في الماضي رواجاً أكثر من اليوم، الجيل الماضي كان يفهم صناعة الأرابيسك وكان يعشقه أكثر من الجيل الحالي".
يفسر سبب هذا العشق بأنه عشق التراث، فمعظمهم كان يريدون أن تكون بيوتهم على غرار بيوت الأباء والأجداد، مستطردًا: "بالطبع مازال هناك من يشتري الأرابيسك ويفضله على الحديث، لكن لو استمر الحال كما هو 10 سنوات على حد أقصى ستنتهي مهنتي".
يصمت قليلًا فيتعمّق في أسباب قد تدفع بمهنته نحو الانقراض فيقول: "لا يوجد من يتعلم مهنتي الآن، الشباب الصغار الذين تبدأ أعمارهم من 15 عاما إلى 18 عاما يفضلون الأعمال الأخرى اليسيرة، لا يبحثون عن مهنة يتعلمونها من الصغر ليحصدوا ربحها في الكبر مثلي".
وبسبب عمله بشكل منفرد في الورشة لا يفكر عبد الرازق حالياً في التصدير للدول العربية والغربية، متأملًا أن يحدث فائض في المال والعمال حتى يتمكن من هذه الخطوة المستقبلية، خاصة أنه لا يفكر في تغيير مهنته التي يراها مثلها مثل بقية الصناعات اليدوية أحد أعمدة النهضة في مصر.
ويضيف "عبد الرازق"، لماذا أغير مهنتي.. بالعكس هي تدر عليّ ربحاً، خصوصا أنني أحبها وأصرف بها على بيتي... كما أنني أشعر بحنين قديم للأرابيسك أثناء عملي به، أصالة الوقت وعشق التراث كل ذلك لا يمكنني الاستغناء عنه.
بُعد آخر يوضحه الأسطى محمد الذي يقضي شهورا طويلة في صناعة قطعة من الأرابيسك، يصفها مرتادو الورشة بأنها نادرة، وهو ترميم أعمال الأرابيسك القديمة، وإعادة تجديدها وجمالها لتحيا 20 و30 عامًا جديدة على عمرها.
aXA6IDMuMTQ0LjEwOS4xNTkg جزيرة ام اند امز