بالفيديو.. "الخيامية" فن وتراث وطوق نجاة لاقتصاد مصر
واحد من أبرز فناني صناعة الخيامية في مصر، يحكي لـ"العين" كيف تخلى عن شهادته من كلية الإعلام من أجل مهنة يراها حلًا لمشاكل اقتصادية.
على أريكة داخل ورشته الصغيرة، في حي الحسين غرب العاصمة المصرية القاهرة، جلس محمود الحريري، الذي تخطى عمره حاجز الـ50 عامًا، يحكي -لبوابة "العين" الإخبارية- كيف تخلى عن تفوقه الدراسي وشهادته التي نالها من كلية الإعلام، ليندمج في صناعة الخيامية، التي يعتبرها فنًا جديرًا بعشقه وتضحياته.
محمود، الذي يعتبر نفسه "فنانًا"، وكذلك كل من يمتهن صناعة الخيامية، يرى أن الصناعات اليدوية بصفة عامة، وصناعة الخيامية، بصفة خاصة، تراث ثري يمكنه أن يكون طوق نجاة للاقتصاد المصري من أجل توفير العملة الصعبة للبلاد، وحل كثير من المشاكل، في مقدمتها البطالة.
يقول "الحريري"، وهو يتوسط قطع الخيام المتنوعة، والمرسومة بألوان تواكب العصر: "بعدما خفتت صناعة الخيامية في الفترة الماضية، بدأنا كصناع وتجار ننشئ صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، تويتر وفيسبوك، ووجدنا مردودًا مصريًا وعربيًا واسعًا، وحققنا رواجًا".
يقبض بأصابعه على الإبرة السميكة مستكملًا الخياطة وحديثه معًا: "هذا الرواج لم يكن محليًا فقط، لكنه كان خارجيًا أيضًا، بدأت أبيع عن طريق الإنترنت، وبدأت أرسل صورًا لتصميمات عن طريق برنامج الواتس آب، بما يمكن العميل من تحديد الصور والألوان التي يرغب بها ومن هنا نتمم البيعة".
والخيامية تراث فني مصري، يعني الرسم على القماش بالقماش، وفي اللغة مشتق من كلمة الخيم، وهناك مراحل لإعداد الخيامية تبدأ بطباعة التصميم على القماش باستخدام لوح خشبي، ثم تحديده بقلم أبيض، تليها المرحلة الأصعب والأطول وهي الخياطة على الخط الأبيض باستخدام الخيوط الملونة الزاهية.
يرجع البعض صناعة الخيامية إلى العصر الفرعوني؛ حيث ارتبطت بالسرادق، لكنها ازدهرت في العصر الفاطمي؛ حيث كانت تقوم على تصنيع الأعلام وأكياس البضائع، للتجار الوافدين من المغرب والشام، والذين كانوا يستخدمون أيضًا الخيام في سفرهم.
ومن هنا جاءت مهنة "الخيامية" التي ظهرت بعد ذلك في الاحتفالات وموائد الرحمن في عهد الحاكم بأمر الله، ثم استمرت في الأفراح وسرادق العزاء، لترتبط بكل مناسبة اجتماعية لدى المصريين.
هناك فروع عدة للخيامية، منها الإسلامي واللوتس والفرعونية والطبيعة التي تحاكي الأشخاص والأجواء المحيطة، والخطوط، وكذلك الخيام.
"حب أفلاطوني" هكذا يصف الحريري علاقته بالخيامية: "أغنتني وفتحت بيتي وزوجتني، وعلمت أولادي في مدارس خاصة.. تخليت عن مستقبلي الأكاديمي والإعلامي لأجلها؛ حيث حصلت على بكالوريوس إعلام عام 1990 لكن لم أمارس الإعلام لشغفي بالخيامية".
وعن أذواق الزبائن، قال: "الأوروبي يفضل مفارش السرير وأكياس المخدات والتابلوهات.. كما أن شغفه بالحضارة المصرية القديمة تدفعه لامتلاك أنواع الخيم المختلفة.. ويشتري أيضًا تابلوهات تحاكي شخصيات مشهورة مثل كليوباترا ورمسيس".
ويضيف "في اليابان وأمريكا، يفضلون التصميمات النباتية، والأشكال الزخرفية والألوان الكثيرة، أما في الكويت والبحرين فما زالوا يحبون الخيام المستخدمة في رحلات الربيع.. أما الإمارات فهي منطقة حيوية تضم أسواقًا أخرى مثل الهندي والصيني وغيرها كمنافسين لنا".
أما السوق الخليجية، بحسب الحريري، فهي مفتوحة على جميع الصناعات ما دفعه لاستخدام الزخارف الإسلامية والنباتية فوق العباءات الخليجية، بالإضاعة إلى حقائب وملابس نسائية (تونيك)، وبعضها أيضًا فوق حجاب النساء.
ويرى الحريري، الذي اختارته اليونسكو من قبل لتعليم فن الخيامية، أن ثمة شروط ينبغي توافرها لمن أراد العمل بهذا الفن، كأن يكون صغير السن؛ حتى يتدرب على مهارة استخدام كل أصبع بحرفية شديدة، لافتًا إلى أن المهنة تعلم الصبر والتركيز، فخطأ واحد يجعلك تعيد العمل من جديد.