تعريب المصطلح العلمي.. جدل ينتظر الحسم
هل نترجم مصطلح مثل nanoparticle إلى جزيئات النانو أم جسيمات النانو؟.. البعض يطلق عليها المسمى الأول، ويميل البعض الآخر لاستخدام الثاني.
الفارق كبير بين المصطلحين، ورغم ذلك من الوارد قراءة مقال علمي يستخدم مصطلح "جزيئات النانو" والآخر يستخدم "جسيمات النانو"، وكلاهما يقصد في الحقيقة المصطلح الإنجليزي (nanoparticle)، وهو ما يثير إشكالية كيف نعرِّب المصطلح العلمي إلى العربية عند كتابة التقرير أو المقال العلمي؟.
طرح الدكتور محمد زهران، مدرس الهندسة وعلوم الحاسبات في جامعة نيويورك، الحلول المختلفة التي تطرح في هذا الإطار، في مقال نشره بجريدة "الشروق" المصرية.
وقال زهران: "هناك مَن يرى أن بإمكاننا التغلب على هذه المشكلة باستخدام المصطلح الإنجليزي، وهي لغة العلم في عصرنا الحالي، مثلما نستخدم كلمات مثل التليفزيون أو الراديو وهي كلمات أجنبية".
وأوضح أن الميزة في هذا الحل السهل، أن كل المقالات العلمية العربية في عالمنا العربي ستكون موحدة من ناحية المصطلحات، ولكن العيب أنها ستقلل من ثراء لغتنا العربية، بالإضافة إلى مشكلة أخرى، وهي أن اللفظ الأجنبي له شبه قداسة في بلداننا العربية (جزء من عقدة الخواجة)، وإذا استخدمه الكاتب حتى في غير موضعه، فقد يتقبله الناس، ومن ثم يتعلم الناس معلومات خاطئة أو غير دقيقة.
أما الحل الآخر، الذي أشار إليه الكاتب، هو أن يجتمع المتخصصون في العلوم مع أهل اللغة العربية من أجل الاتفاق على تعريب المصطلح العربي بطريقة دقيقة لا تفقده معناه، لأننا إذا تعودنا على عدم الدقة في المصطلحات، فسنفقد المعنى تدريجياً وقد نفهم المقال العلمي بشكل خاطئ، والعلم يستلزم الدقة، وإذا ضحينا بالدقة سنفقد المعني.
وما بين الرؤيتين اللتين طرحهما الكاتب في مقاله، تتباين آراء العلماء والباحثين، المهتمين بكتابة تقارير عن أبحاثهم العلمية في وسائل الإعلام العامة والمتخصصة في الشأن العلمي.
ويميل الدكتور محمد محمدي، الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الزقازيق ( شمال شرق القاهرة)، إلى استخدام الترجمة الحرفية للمصطلح الأجنبي على غرار " تليفزيون " و"راديو"، رافضا ما يردده البعض من أن هذا التوجه سيفقد اللغة العربية ثرائها.
ويقول محمدي لـ"العين الإخبارية": "لنكن محددين، هل نحن نريد الحفاظ على ثراء اللغة العربية أم نريد نشر الثقافة العلمية بالعربية".
ويضيف: "إذا كنا نريد نشر الثقافة العلمية بالعربية، فهذا الحل هو الأنسب لضمان توحيد المصطلح".
ومن جانبه، يرى الدكتور صفوت عبدالحكيم، الأستاذ بكلية الطب جامعة بني سويف (جنوب القاهرة)، أن اختيار الحل السهل ليس الخيار المناسب.
ويقول عبدالحكيم في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "أنا أميل للجمع بين الحل السهل بأن نكتب مثلا كلمة (نانو بارتيكال)، ثم نتفق على ترجمة موحدة لها باللغة العربية تكتب إلى جوار الترجمة الحرفية للكلمة، وبذلك نجمع بين الأمرين.
لكن الحل الذي طرحه الدكتور عبدالحكيم، يرى الدكتور محمود فوزي، أخصائي القلب بوزارة الصحة المصرية، أنه يصطدم بوجود اختلافات بين الدول العربية في الترجمة، فمثلا هناك مَن يترجم كلمة (mobile) إلى "التليفون المحمول"، وآخرون يترجمونها "النقال"، ويميل آخرون إلى "الجوال"، وهذا من شأنه أن يعوق فهم المقال في الأقطار العربية المختلفة من المحيط إلى الخليج، فقد يفهم في مصر بمعنى، ويفهم في السعودية مثلا بمعنى آخر، وهذا غير مطلوب.
والمفارقة، كما يقول الدكتور فوزي، أن هذا الجدل بشأن تعريب العلوم مثار منذ فترات طويلة، ولم تتخذ إلى الآن أي خطوات جادة على طريق حسمه.
والحسم من وجهة نظره يكون باجتماع اللغويين والعلميين مع الكتاب المتخصصين في الشأن العلمي من الأقطار العربية المختلفة، تحت مظلة مبادرة "بالعربي" التي أطلقتها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، للاتفاق على توحيد للمصطلح العلمي بشكل يثري اللغة العربية ويسهل القراءة العلمية على العامة.