يزعم بعض المستشرقين أن العرب قد ظهروا فجأة في عالم الحضارة نتيجة لظهور الإسلام،
يزعم بعض المستشرقين أن العرب قد ظهروا فجأة في عالم الحضارة نتيجة لظهور الإسلام، ورغم ذلك فإن أولئك الذين يحترمون الحقائق التاريخية التي نعرفها اليوم يعرفون أن العرب لم يأتوا من عالم النسيان، إذ لديهم حضارتهم المتمثلة في كثير من الدول العربية ما قبل الإسلام، أيضاً، وأن القول إنهم قد ظهروا فجأة في تاريخ الحضارة يعتبر خاطئاً تماماً.
من الواضح أن العرب كانوا بناة للحضارة قبل أن يدخلوا تاريخ العالم. وعلى الرغم من أن هناك وثائق مدونة قليلة فقط، إلا أنه قد كان للعرب ثقافة مزدهرة، كما كانت هنالك آثار على وجود حضارة ما قبل الإسلام، والتي بدت واضحة في أطلال تدمر باليمن والبتراء بالأردن، وفي أماكن أخرى.
عند زيارة بعض المناطق في اليمن، يتم تذكير المرء بأن ثقافة ما قبل الإسلام لم تكن مقتصرة على الشعر والأدب والفولكلور. بل هناك الكثير من المنتجات المادية للحياة المتحضرة، وهي إشارة إلى العبقرية الحقيقية في العمارة التي كان ينبغي أن يكتب عنها المؤرخون المحليون.
كما تشير نتائج البحث إلى وجود الكثير من التطورات في مجال التجارة والدين، وقد احتوى الكثير منها على بعض الأفكار الحديثة، ومن الواضح أن العرب لم يبرزوا في التاريخ من دون التعرف على أي حضارة أخرى.
تتمثل الحقيقة في عثورهم على الفرصة الذهبية بقدوم الإسلام للمنطقة، الذي اعتنقوه بقوة. ويذكر أن الفلسفة العربية الإسلامية كانت مهمة، لأنها تعبر عن حب العلوم، وهو ما جعلها تحتل موقعاً مميزاً بين فلسفات العالم.
يجب علينا الامتنان للعرب كثيراً، لحفاظهم على جزء كبير من الأعمال المكتوبة باليونانية، وإنقاذها من الضياع المحتوم. فترجماتهم للفلسفة اليونانية الإغريقية ساعدتنا في دراستنا، وفي تطوير فكرنا البشري.
ولم يتوقف العرب عند ترجمة مثل تلك الأعمال الإغريقية بل شرحوا النصوص وأضافوا إسهامات مهمة لها. وربما من المهم أن نتذكر أن معظم الفلاسفة العرب في الأيام القديمة إلى جانب المسلمين حاولوا التوصل إلى معرفة التناقضات بين الدين والفلسفة.
يتمتع العرب بالكثير من الذكاء شأن الآخرين، كما أنهم بعقول حادة للغاية. إذ كانوا قادرين على تشرب إنجازات الحضارات الأخرى وتغييرها بحسب احتياجاتهم. لذلك نجد العقل العربي رائداً في العالم في مجالات الجبر والبصريات.
لقد دعمت التوجهات الفكرية والسياسية للتاريخ الإسلامي العربي التسامح الديني والفكري، على نحو أدى للقول إن التسامح الديني الأوروبي قد تم اقتباسه من العرب خلال العصور الوسطى.
التسامح الديني والعدالة الاجتماعية أهم عنصرين في الحضارة العربية الإسلامية، لا سيما عند ممارستهما في الوقت الذي لم يكن العالم المسيحي يفكر بتلك الأمور.
نحن مدينون للعرب في صقلية لإدخالهم طرق الري والزراعة الحديثة للنباتات، التي لم تكن معروفة في السابق في إيطاليا، مثل القطن. ويؤكد كل هذا على الخبرة التي تمتع بها العرب في مجال الزراعة. فخلال غزوهم لصقلية كانوا قادرين على إيجاد مناخ غني وثقافي وضعهم في مكانة أعلى من المجتمع الذي وجد في الجزيرة، وشكـّله الإغريق والرومان وغيرهم.
لقد أجبر الحكام الأصليون على توظيف العلماء العرب بصفة مستشارين في الشؤون العامة. وكان من بين أولئك الإدريسي الذي تمتع بالاعتراف به دولياً، وقد زودنا بالكثير من الأوصاف الدقيقة عن الدول المعروفة في ذلك الوقت.
بدأت الفتوحات العربية بداية القرن الثامن عند دخول العرب الجزء الجنوبي من سردينيا، وقد ظلوا هناك لمدة 150 عاماً قبل دخول صقلية. وحتى اليوم فإن تأثير العرب في صقلية يمكن أن يحس في كثير من الجوانب، ومنها على سبيل المثال في اللهجات الكثيرة التي تحتوي على كلمات عربية. وأيضاً في مواضيع مثل الطعام وبالطبع في بعض أوجه الهندسة المعمارية الرائعة التي يعود تاريخها إلى زمن العرب.
نقلا عن جريدة البيان
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة