"عرعر".. طريق حرير معبّدة بالمنافع لبغداد والرياض
مع افتتاح المنفذ الحدودي بين العراق والمملكة السعودية بشكل رسمي، يكون البلدان قد افتتحا طريق الحرير المعبد.
هذا المعبر سيصل بالبلدين إلى مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة.
يرى مراقبون ومعنيون، أن الأمر ليس افتتاح معبر مغلق بين جارتين، وإنما في فلسفته السياسية التي تشكل انفتاحاً صريحاً على تفاهمات واتفاقيات تعيد كلا البلدين إلى الواجهة الخليجية.
وأعلنت المنافذ الحدودية العراقية، الأربعاء، افتتاح معبر "عرعر جديدة"، مع الجارة السعودية بشكل رسمي وسط حضور حكومي رفيع من كلا البلدين، وتم تدشينه بدخول 15 قافلة مساعدات طبية كهدية من الرياض.
يأتي افتتاح المنفذ، وفقاً لنتائج أعمال مجلس التنسيق المشترك في دورته الرابعة، التي اعتمدها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ورئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الأسبوع الماضي.
ويقع المنفذ على بعد 50 كم شمال مدينة عرعر السعودية، وعلى بعد 15 كم عن بلدة النخيب العراقية؛ وهو واحد من المعابر الحدودية الخمسة للعراق مع دول الجوار.
وأغلق المعبر عام 1990، من قبل الجانب السعودي بعد الغزو العراقي إلى الجارة الكويت، غير أنه افتتح بشكل جزئي عام 2014 أمام حركة الحجاج، وأعيد إغلاقه مرة ثانية بعد سيطرة تنظيم داعش على مدن شمال وغرب العراق.
- شريان اقتصادي حيوي
يقول المحلل السياسي، نبيل عرام، إن الوصول إلى يوم الافتتاح الرسمي للمنفذ الحدودي، هو نتاج لتقارب في الرؤى الإقليمية والدولية بين بغداد والرياض، خلال جولات وزيارات متبادلة أسست لتدشين عهد جديد.
ويشير عرام في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "المعبر الحدودي سيؤمن طرق مختصرة بين العراق والسعودية لتبادل التجارة وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي، فضلاً عن موقعه الاستراتيجي الذي يعد ممراً رئيسيا لحركة البضائع ومرورها نحو دول المنطقة ذهاباً وإياباً ".
من جانبه، يرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي، ميثم لعيبي، أن "معبر عرعر من المنافذ الحدودية، التي ستسهم في زيادة حركة التبادل التجاري بين البلدين، وتسهيل حركة الحجاج والمعتمرين العراقيين ودول شرق أوروبا".
وتوقع لعيبي في حديث مع "العين الإخبارية"، أن "يتحول طريق المنفذ مستقبلا إلى شريان اقتصادي حيوي يربط بين موانئ البحر في السعودية، ليصل إلى شمال العراق مما يعني رفد الاقتصاد العراقي بمبالغ كبيرة جراء رسوم العبور".
ويكتسب منفذ عرعر أهمية كبيرة نظرا لقرب المسافة واختصار الزمن وقلة التكلفة، بدلا من مرورها من منافذ تجارية أخرى بعيدة تحمل التجار التكلفة العالية والزمن والبعد.
- نواة لبناء منطقة حرة
ومن الممكن أن يكون منفذ "جديدة عرعر" نواة لبناء منطقة حرة ستكون الأكبر على الحدود البرية للبلدين، وستكون الأكبر على مستوى المنطقة العربية.
ويمكن للتجار من البلدين الدخول تلك المنطقة الحرة بحرية، وتبادل البضائع والبيع والشراء وإنشاء المخازن، كما ستكون مكاناً لتصنيع وإعادة تصنيع المنتجات، من دون رسوم جمركية على المواد. بحسب خبراء ومتابعين للشأن الاقتصادي .
ويقع مشروع إنشاء وتحسينات منفذ (جديدة عرعر) من الجانب السعودي ومنفذ (عرعر) من الجانب العراقي على مساحة إجمالية تبلغ مليوناً و666 ألفاً و772 متراً مربعاً. ويربط العراق والسعودية، شريط حدودي يصل إلى 800 كم، ممتد من الأنبار غرباً وإلى محافظة المثنى جنوباً.
ومن أبرز مكونات المشروع، فيما يخص منفذ "جديدة عرعر"، إنشاء ساحة لمنطقتي الصادرات والواردات، وإعادة تأهيل ساحات المعاينة والمباني التابعة لها والمباني الأمنية، بما يتوافق مع المعايير الخاصة بتطوير بيئة العمل، وإعادة تأهيل سكن الموظفين والطريق الدولي.
فيما يضم الجانب العراقي إنشاء منفذ جديد ومتكامل لحركة الشحن والركاب في القدوم والمغادرة، يشمل أنظمة الفحص الإشعاعي للبضائع والشاحنات، ونظام وزن الشاحنات، ومحطة كهرباء لتغذية المنفذ، وأخرى لتنقية المياه، ومصرف، ومسجد، ومستودعات، وساحات انتظار للشاحنات.
كانت المملكة، تعهدت في الاتفاقية التي وقعتها مع العراق عام 2017، خلال تأسيس المجلس التنسيقي المشترك، على فتح المنفذ وتعبيد الطرق وإنشاء مدينة رياضية.
aXA6IDE4LjIxOS4yMDcuMTE1IA== جزيرة ام اند امز