جحيم تحت الماء.. هكذا يهدد تغير المناخ الأسماك
يؤثر التغير المناخي على أغلب الكائنات الحية، وبالطبع تتأثر الكائنات البحرية؛ فإلى أي مدى يمتد هذا التأثير؟
يتوقع كثير من الناس أنّ الاحترار العالمي يتسبب في دمار كل شيء، ويؤذي الأسماك والكائنات البحرية ويدمر الموائل، وظهرت نظرية قبل عدة سنوات تقول إنّ التغيرات المناخية التي شهدها الكوكب في الفترة الأخيرة، قد تسببت في تقليل أحجام الأسماك.
في المقابل ظهرت دراسة تشكك في هذه النظرية، وتضع تفسيرات أخرى منطقية، تُوضح ما إذا كان للاحترار العالمي يد خفية بشكل ما في التلاعب بأحجام الأسماك.
جحيم تحت الماء
في الحالات الطبيعية عند الحيوانات، مع ارتفاع درجات الحرارة، يصبح معدل النمو أسرع، لكن ما الذي يجعل نمو بعض الأسماك يقف عند حد معين؟ هذا ما كشفت عنه دراسة منشورة في دورية «إي لايف» (eLife) في 9 مايو / أيار 2023، أجرتها مجموعة من الباحثون بقيادة الدكتور «ماكس ليندمارك»، باحث في الجامعة السويدية للعلوم الزراعية، ووجد مع فريقه أنّ المياه الدافئة الملوثة بمياه التبريد من محطة للطاقة النووية، كانت تنمو فيها الأسماك الصغيرة بصورة أسرع. في نفس الوقت، ارتفعت معدلات الوفيات، ما أظهر الأسماك وكأن أحجامها أصغر من المعتاد.
آثار التلوث
عادةً ما تكون المقارنة هي الوسيلة التي تُمكّن العلماء من قياس حجم التغيير، ويستخدمون مجموعتين: مجموعة ضابطة وأخرى قيد التجربة. تعمل المجموعة الضابطة كنقطة مرجعية، وهي تُمثل العامل الثابت، أما المجموعة قيد التجربة؛ فهي العامل المتغير، وحجم التغير هذا هو المطلوب ملاحظته وقياسه.
وهذا ما فعله مؤلفو الدراسة؛ إذ راحوا يقارنون بين نفس النوع من الأسماك في بيئات مختلفة خلال فترة زمنية تُقدر بـ 23 عامًا تقريبًا، وهذه البيئات هي:
- خليج ساحلي مغلق، قريب من محطة طاقة نووية، تُلقي فيه مياه التبريد، وأكثر دفئًا من المياه المحيطة بمقدار يتراوح بين 5 إلى 10 درجات مئوية.
- مياه في الأرخبيل المجاور.
راح الباحثون يجمعون البيانات عن أحجام وأطوال الأسماك في هاتين المنطقتين، وحللوها جيدًا، ثم بدأوا البحث في تأثير تلوث المياه الدافئة على معدلات نمو وموت الأسماك وأعمارها وأعدادها.
لاحظ الباحثون وجود اختلافات في معدلات النمو والوفيات والأحجام بين أسماك الخليج المغلق والأرخبيل، ووجدوا أنّ الأسماك في منطقة الخليج (قيد التجربة) حجمها أكبر بنسبة تتراوح بين 7 إلى 11% من الأسماك من أي عمر في منطقة الأرخبيل (المرجعية). كما وجدوا الإناث في المنطقة الدافئة، تنمو بسرعة. بالإضافة إلى أطوال الأسماك في منطقة الخليج أكبر من أسماك الأرخبيل بنسبة 16%.
أشار مؤلفو الدراسة أيضًا إلى أنه ربما كانت الدراسات السابقة التي أيدت نظرية انخفاض أحجام الأسماك مع الاحترار العالمي، قد أُجريت في أماكن يكثر فيها الصيد. لذلك دعوا إلى ضرورة العمل على نطاق واسع، وفي مجتمعات مائية متنوعة، وعلى أنواع مختلفة؛ للوصول إلى نتائج أكثر قربًا من الواقع. ما يعزز فهمنا للتأثيرات المحتملة للاحترار العالمي، والبحث في مدى ضررها.
aXA6IDE4LjExNi44OS44IA==
جزيرة ام اند امز