مليشيات طرابلس ترهب الليبيين.. إدانات حقوقية وحلول غائبة
اختفاء قسري وتعذيب واعتقال تعسفي وإعدام خارج نطاق القانون، مظاهر متعددة لممارسات المليشيات المسلحة غربي ليبيا بحق مواطني البلد الأفريقي.
فوسط حالة الإفلات من العقاب التي تنعم بها تلك المليشيات المسلحة، والتي تمولها الحكومة السابقة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بدأت تلك العناصر المسلحة، تمارس عدة جرائم بحق المواطنين، بحسب منظمة العفو الدولية.
ووثقت المنظمة الحقوقية، في تقرير صادر عنها، مقطعا وصفته بـ"الصادم" يصور عملية إعدام خارج نطاق القضاء على يد عناصر من المليشيات المسلحة في أحد شوارع غربي ليبيا، بحق مواطن ليبي، مؤكدة أن تلك الممارسات بمثابة تذكير قاتم بالعواقب المميتة لإفلات المليشيات والجماعات المسلحة من العقاب في ليبيا.
من جانبها، قالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن عملية القتل هذه عن قرب وفي وضح النهار، "مثال مخيف آخر على الإفلات الراسخ من العقاب الذي تحظى به المليشيات، التي مرت جرائمها دون عقاب لفترة طويلة جداً"، مطالبة السلطات الليبية بأن تحقق بسرعة وفعالية في عملية الإعدام خارج نطاق القضاء هذه، وضمان محاسبة المسؤولين عنها.
محاسبة المليشيات
وطالبت المسؤولة الحقوقية حكومة الدبيبة بعدم مكافأة هذه المليشيات على سلوكها "الإجرامي"، مشيرة إلى أنه يجب عليها التوقف عن تمويل المليشيات، ودمج أفرادها في مؤسسات الدولة.
الحادثة التي أشارت إليها "العفو الدولية" ليست منفردة، فالمنظمة أكدت أنها تحدثت إلى سبعة معتقلين سابقين، وخمسة نشطاء، وأربعة من أقارب الضحايا، بشأن الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات المسلحة، خلال زيارة إلى مدينة مصراتة، غربي ليبيا، في فبراير/شباط 2022.
إلا أنه رغم هذه الانتهاكات فقد سمح رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة بدفع 100 مليون دينار ليبي (21.6 مليون دولار) إلى تلك العناصر المسلحة، بحسب المنظمة التي أشارت إلى أنها وثقت على مدار السنوات الماضية نمطاً من الاعتقالات التعسفية على أيدي المليشيات المسلحة التي تستهدف الأفراد على أساس أصولهم الإقليمية أو آرائهم السياسية أو التعبير السلمي عن الأفكار التي تعتبر "غير أخلاقية".
حوادث سابقة
في 25 أغسطس/آب 2020، وسط احتجاجات نادرة الحدوث في جميع أنحاء ليبيا ضد الوضع الراهن وحكم المليشيات، اعتقل عناصر من المليشيات الصحفي والناشط عبداللطيف أبوحمرة في الضواحي الجنوبية لمدينة بني وليد، بينما كان يقوم بجمع عينات ممن يشتبه بإصابتهم بفيروس كوفيد-19 للمركز الوطني لمكافحة الأمراض، إلا أنه ظل رهن الاحتجاز التعسفي حتى منتصف سبتمبر/أيلول 2020.
وفي 7 ديسمبر/كانون الأول 2021 اعتقل الناشط حمزة التريكي، بعد أن حمّل مقطع فيديو ينتقد فيه بشدة رجل أعمال مقربا من رئيس وزراء حكومة عبدالحميد الدبيبة السابقة. كما نشر التريكي مزاعم فساد عن عبدالحميد الدبيبة وأقاربه والشركاء المقربين له، على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي 3 مارس/آذار 2022 اعتقل حافظ قدور، السياسي المعارض لحكومة الوحدة الوطنية، قبل الإفراج عنه في اليوم التالي، ليؤكد في تصريحات صحفية أن مسلحين اعتدوا عليه وعلى موظفيه، وأطلقوا أعيرة نارية عشوائياً، قبل إلقاء القبض عليهم واحتجازهم.
وفي يناير/كانون الثاني 2021، قُبض على رجل آخر في مصراتة واحتُجز في مكان لم يُعلن عنه. وبعد اختفائه، داهم عدد من المسلحين منزله وصادروا هاتفه، وفقاً لرواية شاهد عيان.
ملاحقة دولية
وقد وثقت منظمة العفو الدولية خمس حالات أخرى من الاعتقال التعسفي على أيدي المليشيات المسلحة، واستخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الضرب بأنابيب المياه، والتعليق في وضعيات مجهدة، والحرمان من الطعام الكافي.
وحول الدعوات المطالبة بمحاسبة المليشيات المسلحة، قال المحلل الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن هذه الدعوات مجرد كلمات على ورق، فلن يكون لها أي تنفيذ على أرض الواقع، وخاصة أن هذه المليشيات متواجدة منذ سنوات وهناك عدد من قادتها ملاحقين دوليا.
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أنه رغم الانتهاكات المتعددة لهذه العناصر المسلحة، إلا أنه لا وجود لأي خطوة حقيقية على الأرض تنبئ بإمكانية محاسبة قادة المليشيات.
تهريب البشر
وهو ما أكده المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، والذي أشار في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى أن ممارسات الخطف والتعذيب والقتل الممنهج ليست جديدة على المليشيات المؤدلجة والتي تعمل لحساب جماعات إرهابية ومافيا تهريب البشر.
وأوضح المحلل الليبي أن كبح جماح تلك المليشيات المسلحة يعتمد بشكل رئيسي على قيام دولة قوية تمتلك جيشا وأجهزة أمنية قوية، إضافة إلى محاربة مموليهم وتجفيف منابع دعمهم، مشيرا إلى أن هذه المليشات تقف في وجه كل من يسعى لإقامة ليبيا القوية.
aXA6IDMuMTQ5LjI1MC4xOSA= جزيرة ام اند امز