أعمال "إجرامية" في زي رسمي.. مليشيات ليبيا عقبة أمام الحل
فيما تحاول ليبيا الفكاك من أسر السنوات الماضية وما حملته من "ماضٍ أليم"، تقف المليشيات المسلحة عقبة "كأداء" أمام أية محاولة لاستقرار البلد الأفريقي.
فمن اشتباكات مسلحة مرورا باحتجاز وتعذيب مهاجرين غير شرعيين إلى خطف واغتيال مدنيين ومسؤولين، تنوعت انتهاكات المليشيات المسلحة في غربي ليبيا، إضافة إلى محاولاتها تعطيل أية حلول من شأنها حلحلة الأزمة التي دخلت عامها الثاني عشر.
آخر تلك الانتهاكات ما أثارته منظمة العفو الدولية، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، قائلة إن إحدى تلك المليشيات "المتغولة" في العاصمة طرابلس تقف وراء احتجاز عضو بمجلس النواب الليبي، جرى اختطافه قبل قرابة شهر.
اختفاء قسري
واتهمت "العفو الدولية"، في بيانها الصادر مساء الجمعة، مليشيات الردع الخاصة (أكبر مليشيات في غرب ليبيا) بخطف واحتجاز عضو مجلس النواب عن دائرة ترهونة حسن الفرجاني سالم في 27 فبراير/شباط الماضي.
وأعربت المنظمة الحقوقية عن "قلقها إزاء احتجاز الفرجاني سالم بمعزل عن العالم الخارجي"، محملة مليشيات الردع "مسؤولية الاعتقالات التعسفية وعمليات الاختفاء القسري والتعذيب".
وقالت "العفو الدولية": "يجب على حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية وتسيطر على طرابلس) ضمان حماية حسن الفرجاني سالم من التعذيب وإطلاقه، ما لم يجر تقديمه إلى السلطات القضائية المدنية، واتهامه بارتكاب جريمة جنائية معترف بها دوليا"، مشددة على "ضرورة السماح للنائب بمقابلة أسرته ومحاميه حتى إطلاقه".
وفي 27 فبراير/شباط الماضي، كشفت وسائل إعلام محلية عن اختطاف النائب بمجلس النواب الليبي عن مدينة ترهونة حسن الفرجاني في العاصمة طرابلس، دون توضيح الجهة التي تقف وراء ذلك.
وبعدها بأيام، وتحديدا في 2 مارس/آذار الجاري، دان مجلس النواب حادث اختطاف عضو المجلس عن دائرة ترهونة حسن الفرجاني سالم، في بيان لم يعلن فيه -أيضا- هوية الخاطفين، قائلا إنه "خطف على يد مجهولين".
وطالب مجلس النواب الليبي -آنذاك- النائب العام باتخاذ الإجراءات القانونية كافة لمعرفة الجناة وتقديمهم إلى العدالة، كما طالب بالإفراج عن النائب "الذي يكفل له القانون الحصانة النيابية وفقاً لنص المادة (89) من القانون رقم (4) لسنة 2014".
وحمل المجلس الجهة الخاطفة "المسؤولية الكاملة عن سلامة النائب وجميع ما يترتب عن هذا الحادث وفقاً للقوانين ذات العلاقة".
الحادث ليس الأول
اختطاف البرلماني الفرجاني ليس أول حادث يؤكد انتهاكات المليشيات المسلحة وتغولها في طرابلس، ففي 12 مارس/آذار الجاري اندلعت اشتباكات بين مسلحين من كتيبة رحبة الدروع التي يقودها أمير الحرب المليشياوي بشير خلف الله الملقب بالبقرة، ومليشيات أسود تاجوراء بقيادة المليشياوي عبدالرحيم بن سالم.
وبحسب مصادر "العين الإخبارية" -آنذاك- فإن الاشتباكات استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة رغم أنها داخل أحياء سكنية، بعد توتر حدث بين طرفيها على خلفية مقتل مسلحين ينتمون لمليشيات رحبة الدروع على يد مسلح من كتيبة أسود تاجوراء.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي منعت مليشيات مسلحة في طرابلس أعضاء ما يعرف بمجلس الدولة الليبي من دخول قاعة الاجتماعات، ونشرت آليات مسلحة أمام مقر المجلس، الأمر الذي تسبب في إلغاء جلسة كانت ستناقش توافقات حول حل الأزمة الليبية.
وفي 5 سبتمبر/أيلول الماضي، تعذر عقد جلسة للبرلمان الليبي بسبب منع مليشيات في العاصمة طرابلس أعضاء بالمجلس من المغادرة من مطار معيتيقة بطرابلس صوب مدينة بنغازي حيث تعقد الجلسة.
وفي أغسطس/آب الماضي، اندلعت اشتباكات مسلحة بين مليشيات متقاتلة على السلطة والنفوذ في طرابلس، ما خلف نحو 40 قتيلا وعشرات الجرحى.
شرعية زائفة
من جانبه، قال الحقوقي الليبي يوسف العرفي، في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، إن "المليشيات في غرب ليبيا اكتسبت شرعية "زائفة" من السلطات، مشيرا إلى أنه رغم إطلاق مسميات نظامية عليها، إلا أن سلوكها الإجرامي لا يزال كما هو.
وأوضح الحقوقي الليبي أن "المشكلة تكمن في نظام ضم المليشيات المسلحة لقطاع الشرطة، في شكل جماعات وليس أفرادا، مما جعل تلك العناصر تعمل بذات النظام المليشياوي التي كانت تسير على خطاه قبل ضمها لأجهزة الأمن النظامية".
وأضاف أن "ضم المليشيات المسلحة لأجهزة الدولة يجب أن يكون على أساس فردي لا جماعي"، مشيرا إلى أن "إعطاء الشرعية لتلك المليشيات غير المنضبطة أمر كارثي، سواء بتسميتها بأسماء نظامية أو ضمها بجماعات لأجهزة الدولة ومنحها أموالا".
aXA6IDMuMTMzLjEwNy4xMSA= جزيرة ام اند امز