بعد التوافقات.. خبراء يستشرفون لـ"العين الإخبارية" مستقبل ليبيا
تطورات جديدة متلاحقة تشهدها الساحة الليبية جميعها تصب في خانة توافق أطراف النزاع.
وبين من يراها تقطع طريق التدخلات الخارجية، ومن يعتبرها تعجل بالانتخابات وتسرع بالبلاد في طريق الديمقراطية، استطلعت "العين الإخبارية" في هذا الإطار آراء خبراء بشأن تلك التطورات والتوافقات وانعكاسها على مستقبل ليبيا.
- ليبيا في عيون خطة أمريكا العشرية.. مساع لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار
- الكعكة المخيفة.. "العين الإخبارية" تتعقب يورانيوم ليبيا المفقود
ملامح التوافقات
تلك التوافقات بدأت قبل نحو شهر بإقرار تعديل دستوري ثالث عشر يعد القاعدة الدستورية التي ستجري عبرها انتخابات مقبلة تحل الأزمة وذلك بتوافق مجلس النواب السلطة التشريعية العليا في البلاد مع ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري وهو أحد أطراف النزاع الليبي.
ذلك التوافق لم يتوقف فقط عن ذلك بل إن المؤسستين الليبيتين اتفقتا على تسمية كل منهما 6 أعضاء لتمثيلها في لجنة تضع قوانين انتخابية، وهي الخطوة التي أنجزها مجلس النواب قبل أيام في حين ينتظر من مجلس الدولة الخطوة ذاتها.
وفيما كان ذلك على الصعيد السياسي خطت القيادات العسكرية والأمنية المتخاصمة ذات الخطوة وذلك بلقائهم، الأحد، في العاصمة طرابلس في اجتماع موسع بهدف توحيد جهود تأمين الانتخابات المنتظرة.
وكشفت البعثة الأممية لدى ليبيا عن تفاصيل ذلك الاجتماع وذلك في بيان، الإثنين، قالت فيه إن "اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) نظمت اجتماعا حضره الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عبد الله باتيلي بحضور القيادات الأمنية بغرب ليبيا وشرقها وجنوبها".
وتم خلال الاجتماع، وفق البيان، "مناقشة دور المؤسسات العسكرية والأمنية في توفير بيئة مناسبة للدفع بالعملية السياسية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة خلال العام 2023".
نقاط اتفاق العسكريين والأمنيين
وقد أكد المجتمعون في طرابلس على عدة نقاط أهمها أن "يكون الحوار ليبيا - ليبيا وداخل الأراضي الليبية ورفض التدخل الأجنبي في الشأن الليبي".
إضافة لتأكيدهم "الالتزام الكامل بكل ما نتج عن الحوار بين القادة العسكريين والأمنيين مع اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في اجتماعها الأول في تونس، والثاني في طرابلس، ونبذ الاقتتال والعنف بكل أشكاله على كامل التراب الليبي".
واتفقوا أيضا على "مواصلة العمل في طريق توحيد المؤسسات العسكرية من خلال رئاسات الأركان وتوحيد المؤسسات الأمنية وباقي مؤسسات الدولة".
وأعلن البيان الختامي اتفاق المجتمعين أيضا على "إيجاد حكومة موحدة لكل مؤسسات الدولة الليبية وزيادة المجهودات لحل مشاكل المهجرين والنازحين والمتضررين من الاقتتال والحروب واستكمال جهود المصالحة الوطنية وجبر الضرر".
إضافة لذلك اتفقوا على "المضي في مسعى الانتخابات وحث مجلسي النواب والأعلى للدولة على استكمال الإجراءات المنوطة بهم وتم الاتفاق على عقد الاجتماع القادم خلال شهر رمضان في مدينة بنغازي (شرق)".
تعليق أممي
وتعليقا على ذلك قال المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي في تغريدة له عبر تويتر الإثنين: "كان اجتماع الأمس بمثابة عملية بناء ثقة مهمة للقيادات الأمنية والعسكرية الليبية".
وأثنى باتيلي على "الروح الوطنية التي أظهرها المشاركون"، معربا عن أمله في أن "يغدوا قدوة للآخرين الذين يسعون للتوصل إلى حلول للأزمة السياسية في ليبيا".
تعليق ليبي
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني أن "التطورات الأخيرة في المشهد الليبي تعد قطعا للطريق أمام التدخلات الخارجية في ملف حل الأزمة الليبية".
وبرهن الفزاني في حديث لـ"العين الإخبارية" على ذلك بالقول إنه "في الأساس كانت الأزمة الليبية أزمة ثقة بين الأطراف المتصارعة أما اليوم وبعقد لقاء موسع كالذي شهدته طرابلس أعتقد أن الثقة أصبحت متبادلة خصوصا وأن الطرف الذي يمثل غرب البلاد سيزور مدينة بنغازي في الشرق خلال الأسبوع المقبل".
ويعد ذلك وفق المحلل السياسي الفزاني "بمثابة ذوبان الجليد وإحلال للثقة المتبادلة، وهذا أمر يخرج الدول المتدخلة في الأزمة الليبية خارج الملعب، والتي كانت تتحجج فيما مضى بقيادتها للمباحثات كوسيط بين الأطراف الليبية".
ورغم ذلك فإن الفزاني يرى أن "هناك دور على المجتمع الدولي لعبه أيضا وهو أن يكون حازما في تطبيق ما يتفق عليه الليبيون، لأنه مهما كانت الأطراف متفاهمة فهناك أيضا أطراف ستكون معارضة لأي اتفاق وعلى رأسها المليشيات المسلحة التي سترفض أي اتفاق ليبي - ليبي لا يكون لصالحها".
وبشأن ما يتم تسريبه من لقاء سري عقد بين رئيسي الحكومتين الليبيتين المتصارعتين على السلطة قال المحلل السياسي الليبي إن "ذلك اللقاء يرتب له لكنه لم يعقد بعد".
وأضاف: "ذلك اللقاء يرتب له من قبل وجهاء مدينة مصراتة التي ينتمي إليها الرجلان وسيكون في ذات المدينة"، مؤكدا أن "فتحي باشاغا حاليا موجود هناك لقضاء شهر رمضان مع أهله".
وعن فحوى اللقاء المنتظر يقول الفزاني: "في المرتبة الأولى هو لقاء اجتماعي بين رجلين من مدينة مصراتة التي تحرص حاليا على لم شملها وألا تكون فريقين أحدهما مع باشاغا والثاني مع الدبيبة أي أن اللقاء هدفه الأول يصب في مصلحة مصراتة".
أما ثانيا، يقول الفزاني، إن "اللقاء بوجه عام سيكون لصالح الرجلين وهو يأتي بعد عزم مجلس النواب ومجلس الدولة المضي قدما في تشكيل حكومة جديدة إلا أن هناك مقترحا آخر ينص على الجمع بين حكومتي باشاغا والدبيبة في حكومة واحدة وهو الأمر الذي سيكون محورا للقاء الرجلين في مصراتة".
لا يعكس طموح الأطراف الدولية
وفي ذات السياق، تحدث الإعلامي الليبي محمد عادل مطيريد، قائلا إن "الخطوات الأخيرة للمسار العسكري تعتبر إيجابية للتمهيد لوضع أكثر استقرارا يمكن من الذهاب إلى الانتخابات المنتظرة".
مطيريد، وفي حديثة لـ"العين الإخبارية "، اعتبر أن "ذلك أهم من التقارب السياسي بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الذي يسير بشكل بطيء ومتخبط"، وفق قوله.
وأضاف الإعلامي الليبي: "الاجتماع العسكري الأمني الذي عقد في العاصمة طرابلس لا يعكس طموح الأطراف الدولية المتصارعة، لأن الملف الليبي أصبح حاليا تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وبإشراف مباشر، وذلك للضغط وتوفير الالتزامات بعدم حدوث العنف السياسي والعسكري الذي يهز مسيرة الانتخابات المفترضة في سنة 2023".
وتابع: "وعليه فإن ذلك لا يدل على أن ليبيا خرجت من الوصاية الدولية لان أمريكا تفرض أجندتها بحجة وجود قوات أجنبية معادية لها وذلك رغم وجود قواعد أجنبية لدولة أخرى جهارا ونهارا في مطار معيتيقة العسكري بطرابلس الغرب".
وأضاف: "الخطوة المقبلة للكونغرس الأمريكي هي تنفيذ الخطة العشرية التي تعزز بحسب قول واشنطن الاستقرار الاقتصادي والسياسي بطرح 6 ملفات تطويرية لرؤية ليبيا إلى 2033".
تعليق الآمال على العسكريين
وفي 17 مارس/آذار الجاري وخلال ترؤسه لاجتماع لمجموعة العمل الأمنية الدولية المنبثقة عن مؤتمر برلين في تونس بحضور اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) ومشاركة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي الفريق عبد الرازق الناظوري ونظيره بغرب البلاد محمد الحداد طالب المبعوث الأممي عبد الله باتيلي "المؤسسات الأمنية الليبية بمواصلة العمل معاً من أجل السلام والاستقرار في ليبيا ودعم خلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة وشفافة في عام 2023".
ومنذ عامين وضمن المسار الأمني لحل الأزمة الليبية الذي ترعاه الأمم المتحدة يجري العسكريون الليبيون المنخرطون في اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5 ) المشكلة من 5 عسكريين يمثلون الجيش الليبي في شرق البلاد ونظائرهم في المؤسسة العسكرية في غربها مباحثات مكثفة".
تلك المباحثات التي انطلقت بعد توقيع أعضاء اللجنة الممثلين لأطراف النزاع العسكري على اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف قبل عامين وتهدف إلى السعي لتنفيذ بنود ذلك الاتفاق والتي منها إخراج المرتزقة من البلاد والمقاتلين الأجانب إضافة إلى توحيد المؤسسة العسكرية.
وإلى جانب المسار العسكري تشرف البعثة الأممية لدى ليبيا على مباحثات سياسية أخرى بهدف الوصول إلى انتخابات تحل أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع العام الماضي برئاسة فتحي باشاغا وحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب، وفق قوله.
aXA6IDE4LjExNi44OS44IA==
جزيرة ام اند امز