"جيش الـ50 ألف مقاتل".. صدام فاغنر وواشنطن بـ"رصاص الحروف"
حتى اللحظة دخلت مجموعة فاغنر الروسية في حرب كلامية بـ"الحروف" مع البيت الأبيض، بعد إعلان واشنطن المجموعة "منظمة إجرامية دولية".
قبل ساعات، صنّفت الولايات المتحدة مجموعة فاغنر بأنها "منظمة إجرامية دولية"، منددة بتجاوزاتها في أوكرانيا واستخدامها أسلحة توفرها كوريا الشمالية وتجنيدها سجناء.
المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، وصف المجموعة الروسية بأنها "منظمة إجرامية تواصل ارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع"، على حد قوله.
أرقام مخيفة
وكشفت الأرقام الأمريكية عن نشر فاغنر نحو "50 ألف مسلح" في أوكرانيا، معظمهم سجناء صدرت في حقهم أحكام في روسيا، وفقا لـ"كيربي".
التصنيف الأمريكي قدم صورة أكثر دقة بإعلانه انتشار "عشرة آلاف من المرتزقة وأربعين ألف سجين"، وسط تحذيرات من واشنطن بعدم الاكتفاء بإعلان المجموعة منظمة إجرامية بل ستفرض عليها عقوبات أخرى.
المسؤول الأمريكي قدم صورا ملتقطة بالأقمار الاصطناعية قال إنها تظهر قطارات روسية تتجه إلى كوريا الشمالية لنقل معدات مخصصة لمجموعة فاغنر وتعود منها إلى الأراضي الروسية مع عتاد عسكري يشمل صواريخ للمجموعة في أوكرانيا.
ووفقا للرواية الأمريكية فإن الصور تم التقاطها يومي 18و19 نوفمبر/ تشرين الثاني، فيما نقل هذه المعلومات إلى مجلس الأمن الدولي في إطار العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ.
ويدير مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، وهو رجل أعمال روسي يبلغ الحادية والستين ومقرب من الرئيس فلاديمير بوتين.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية فإن المجموعة تنشط للغاية في المعركة الشرسة التي تخاض في شرق أوكرانيا للسيطرة على مدينة باخموت.
وتمتد خريطة انتشار "فاغنر" إلى دول أخرى في العالم، خصوصا قارة أفريقيا، حيث تعهد جون كيربي بـ"العمل دونما هوادة لتحديد الأطراف التي تساعد فاغنر وفضحها واستهدافها".
قصة الأزمة
ورغم تحذيرات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، من النمو المتصاعد لـ"فاغنر" فإنه تحدث عن "معلومات من أجهزة الاستخبارات تشير إلى تفاقم التوتر بين المجموعة ووزارة الدفاع الروسية".
وزعم المسؤول الأمريكي أن "فاغنر باتت مركز سلطة ينافس الجيش الروسي ووزارات روسية أخرى"، متهما "بريغوجين بتعزيز مصالحه الخاصة في أوكرانيا".
وتستند الرواية الأمريكية للأزمة إلى انقسامات بين الجيش الروسي وفاغنر بعد إعلانها السيطرة على مدينة سوليدار الصغيرة في شرق أوكرانيا، قبل أن تسارع وزارة الدفاع الروسية إلى تكذيبه معلنة بعد يومين الاستيلاء على المدينة الأمر الذي نفته كييف.
ومنذ الصيف الماضي، تحاول قوات فاغنر والجيش الروسي السيطرة على مدينة باخموت الواقعة في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا رغم أهميتها الاستراتيجية المتواضعة، لكنها باتت الآن ترتدي أهمية رمزية.
إلا أن الكرملين نفى الإثنين أن يكون ثمة توتر بين الجيش الروسي والمجموعة؛ حيث أكد الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف وجود "تلاعب".
يعود تشكيل مجموعة فاغنر، إلى عام 2014؛ حيث جندت آلاف السجناء للمحاربة في أوكرانيا في مقابل وعد بخفض عقوباتهم.
"فاغنر" تحذر واشنطن
أما يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر الروسية فقد أشاد بفاعلية قواته في أوكرانيا، مؤكدا أن لديهم "الانضباط الأكثر شراسة".
وقال بريغوجين في فيديو نشره الجهاز الإعلامي للمجموعة، مساء السبت، إن أسباب سيطرة عناصر مجموعته على سوليدار في شرق أوكرانيا يعود إلى أنهم "متمرسون في القتال ويحققون جميع أهدافهم بصورة مستقلة، لأنهم يملكون طائراتهم ومدفعيتهم ومدرعاتهم".
ولفت بريغوجين، الذي ظهر خلال الفيديو مرتديا بدلة مرقطة، وبجانبه رجل عرفه كقائد لمجموعة فاغنر في معركة سوليدار، إلى أن "الأهم هو نظام القيادة الذي تم تطويره بشكل تام، كما أنه بإمكان كل واحد التعبير عن رأيه داخل المجموعة".
لكنه استدرك: "بعد اتخاذ القرار، يتم تنفيذ كل المهمات، لا يمكن لأحد أن يعود إلى الخلف، وهو ما يعطينا انضباطا أكثر شراسة".
وكانت وزارة الدفاع الروسية، في بادرة نادرة، أصدرت بيانا يشيد بـ"شجاعة" عناصر "فاغنر" في سوليدار.
وردًا على التهديدات الأمريكية، بعث رئيس فاغنر برسالة قصيرة إلى البيت الأبيض يسأل فيها عن الجريمة التي تُتهم شركته بارتكابها، وذلك بعد أن أعلنت واشنطن أنها ستفرض عقوبات جديدة عليها.
وتقول رسالة نُشرت عبر تليغرام على قناة الخدمة الإعلامية التابعة ليفغيني بريغوغين مؤسس فاغنر: "عزيزي السيد كيربي، هل يمكنك توضيح الجريمة التي ارتكبتها شركة فاغنر؟".
ويتمسك بريغوجين بأن فاغنر قوة مستقلة تماما لديها طائراتها ودباباتها وصواريخها ومدفعيتها.
إلا أن يفغيني بريغوجين مطلوب في الولايات المتحدة بتهمة التدخل في الانتخابات الأمريكية، وهو أمر قال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إنه فعله وسيواصل فعله.