حمم أفريقية تشعل قميص أرسنال الإنجليزي.. السياسة تتسلل لملاعب أوروبا

توترات بين الكونغو الديمقراطية ورواندا تصاعدت في الآونة الأخيرة، لتنتقل حممها البركانية إلى قلب إنجلترا حيث نادي أرسنال الإنجليزي، الذي وجد نفسه محورًا للصراع بين البلدين.

واتُهم نادي أرسنال لكرة القدم بـ«إهانة» الحكومة الكونغولية، بعد رفضه عدم مقابلة وزير الخارجية لمناقشة صفقة الرعاية التي وقعها مع رواندا.

وتعاون أرسنال لأول مرة مع مجلس تنمية رواندا (RDB) في عام 2018، حيث وقع الطرفان على عقدة لمدة 3 سنوات، جرى تمديده في عام 2021 لمدة 4 سنوات، بقيمة 40 مليون جنيه إسترليني (49.6 مليون دولار أمريكي)، بموجبه يعرض النادي الإنجليزي كلمة «زيارة رواندا» على الأكمام اليسرى لقمصان الفريق.

وشهد جزء من الصفقة قيام لاعبي أرسنال السابقين والحاليين بزيارة رواندا، وأبرزها خلال أغسطس/آب 2022 عندما نشر النادي لقطات على قنواته من رحلة راي بارلور وروبرت بيريس.

خط النار

إلا أنه بعد التوترات الأخيرة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، حاولت تيريز كاييكوامبا فاغنر، وزيرة خارجية كينشاسا، التي كانت في لندن هذا الأسبوع لإثارة المخاوف بشأن دعم رواندا لـ«حركة إم 23»، إنها سعت لمقابلة مسؤولي نادي أرسنال لمناقشة صفقة رعاية النادي لبرنامج زيارة رواندا.

ومع ذلك، قالت إن أرسنال، أحد أندية الدوري الإنجليزي الممتاز الأكثر شعبية في العالم والذي يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة في أفريقيا، اختار عدم الرد.

وقال خبراء الأمم المتحدة إنه ما بين 3000 إلى 4000 من أفراد القوات الحكومية الرواندية عملوا إلى جانب حركة إم23 في شرق الكونغو الديمقراطية. ومع ذلك، تواصل رواندا إنكار عبور قواتها إلى داخل البلاد ونفت مراراً وتكراراً تورطها في دعم متمردي إم23.

وقالت فاغنر لصحيفة الغارديان: «لقد عرضنا مقابلة مسؤولي أرسنال، لكنهم لم يتصلوا بنا أو يقبلوا العرض. لم نتلق إجابة. من الواضح أنهم غير مهتمين بمقابلتنا».

فيما قال أحد أعضاء مجموعة من الكونغوليين في لندن، والذي طلب عدم ذكر اسمه، إن رد أرسنال كان بمثابة «إهانة فظيعة» لما وصفوه بـ«الملايين» من المشجعين في دولة بحجم أوروبا الغربية.

في المقابل، أرسل نادٍ بارز آخر لديه نفس صفقة الرعاية الرواندية - بايرن ميونخ الألماني - اثنين من موظفيه إلى رواندا لمراقبة الوضع المتصاعد، وهو على اتصال بوزارة الخارجية الألمانية.

وقبل وصولها إلى لندن، حثت فاغنر أصحاب نادي أرسنال على إنهاء ما وصفته بالصفقة «الملطخة بالدماء» مع منظمة «Visit Rwanda».

ويُعتقد أن برنامج «زيارة رواندا» الحالي الذي أطلقه أرسنال منذ عام 2021، تبلغ قيمته 10 ملايين جنيه إسترليني سنويًا وسيستمر حتى العام المقبل. وبرنامج زيارة رواندا هو فرع من مجلس تنمية رواندا، وهو إدارة حكومية.

والأسبوع الماضي، كشفت صحيفة الغارديان عن «مدى تورط» رواندا في هجوم حركة «إم23»، مشيرة إلى «مقتل المئات، وربما الآلاف، من قواتها خلال مهام سرية في الكونغو».

وسيطرت القوات الرواندية بقيادة حركة إم23 مؤخرا على مدينة غوما الكونغولية، وهي تتحرك الآن نحو الجنوب في هجوم يحذر الخبراء من أنه يهدد بتعميق الكارثة الإنسانية حيث أجبر نحو 700 ألف شخص على النزوح من منازلهم بالفعل هذا العام.

وكانت العلامات التي تشير إلى وجود استجابة دولية منسقة للأزمة بطيئة، لكنّ البرلمان الأوروبي حث الاتحاد الأوروبي يوم الخميس على تجميد الدعم المباشر لميزانية رواندا حتى تقطع علاقاتها مع متمردي حركة إم 23.

تأثيرات محدودة

والشهر الماضي، حذر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي من أن رواندا قد تواجه بقطع مليار دولار من المساعدات العالمية بمشاركتها في «غزو جمهورية الكونغو الديمقراطية»، لكن يبدو أنه لم يتم سحب أي تمويل حتى الآن.

وقالت فاغنر: «إن الإدانات والتصريحات كان لها تأثير محدود عندما يتعلق الأمر بالحد من تصرفات وطموحات الرئيس كاغامي».

والتقت فاغنر مع لامي ووزير أفريقيا اللورد كولينز من هايبري هذا الأسبوع، قائلة إن هناك «محادثة مستمرة كانت تدفع فيها إلى اتخاذ إجراء»، مشيرة إلى أنه «يتم تحليل خيارات مختلفة، لكن لم تتلق وعدًا ثابتًا بما سيحدث».

وتابعت: إن فرض العقوبات واتخاذ إجراءات حازمة أمر ضروري. فنحن نواجه وضعاً حيث تحتل دولة، دولة أخرى وتنهب الموارد الطبيعية، وهي مسؤولة عن مقتل ما لا يقل عن 3000 مدني وقوات حفظ سلام (..) يجب أن تتوقف أعمال القتل والنهب. ويجب أن يغادر المجرمون جمهورية الكونغو الديمقراطية».

ويواجه ناد أوروبي كبير آخر - باريس سان جيرمان - ضغوطا أيضا بسبب اتفاقه مع منتخب رواندا، حيث طالب قائد الكونغو الديمقراطية السابق يوسف مولومبو النادي بإعادة النظر في شراكته.