معرض السوري مهند عرابي.. كرنفال الطفولة بعيداً عن الموت
غاليري "أيّام دبي" عن استضافته المعرض الفردي للفنان مهند عرابي في دبي
وجوه تتلون بألوان الحياة.. وجوه بكل الألوان، بعيون واسعة وثياب مزركشة وابتسامات هادئة.. هذه هي الوجوه التي رسمها مهند عرابي.
الفنان السوري، الذي افتتح مساء الأربعاء معرضه الفردي "تموجات" في "أيام غاليري" في دبي، يدخلنا إلى عالم الطفولة وبراءة وجودهم ووجوههم، من خلال لوحات زاهية، مختلفة أعماله السابقة.
ويسلطّ معرض "تموّجات" الضوء على جملة من الأعمال الجديدة التي يقدّمها الفنان المقيم في دبي، إذ يسعى عرابي من خلال لوحاته الأخيرة، إلى تقديم صورة مغايرة تبتعد عن "الموت والدمار"، المفهومان اللذان يقُدم اليوم معظم الفنانون السوريون على تجسيدهما ضمن أعمالهم.
وقد لجأ عرابي، خلال السنوات الماضية، إلى استلهام الوحي من حياته اليومية، فعلى سبيل المثال، يلاحظ تجسيد الأطفال ذوي العيون الواسعة الذين احتلوا أعماله منذ عام 2012 من خلال إدخال التفاصيل الحياتية لطفلته الصغيرة، كربطات وشرائط الشعر في دلالة منه على المراحل المبكرةّ لتبلور مفهوم الأنوثة.. يفيد هذا التركيز على مواضيع مستوحاة من الحياة اليومية بتوفير منفذ إبداعي للفنّان يخفف من معاناته، فهو متأثر بعمق بمآسي الحرب الدائرة في بلاده.
وتبدو في عدد من الأعمال، عصافير الدوري التي ظهرت للمرة الأولى في لوحات عرابي منذ عقد من الزمن وقد عادت لتجلس عند أقدام الأطفال المبتهجين الذين يظهرون بدورهم و هم في حالة من السلام الكلّي مع العالم من حولهم. هذه الصور، بحسب الفنان، توقظ ذكرياته عن سوريا ما قبل الحرب، في حين تشير الأسطح المتراكمة لقماش لوحاته والتي تمّت تغطيتها بطبقات من الرمل، إلى حياته الجديدة في الإمارات المتحدة والسنوات التي مرتّ عليه منذ غادر دمشق للمرة الاخيرة.. أمّا تلك التدرجات اللونية المدموجة مع الرمل فهي تعبّر عن البيئات المختلفة التي تتمّيز بها طبيعة الإمارات العربية المتحدة.. وتشير الدرجات المتفاوتة للألوان الترابية إلى المشاهد الصحراوية، أمّا اللون الأبيض اللامتناهي فيوحي بالحيوية التي تنبض بها الشوارع المشمسة، في حين أن درجات الأزرق الباردة تستدعي إلى الذهن مياه البحر المحاذية.
في حين تجسّد إحدى اللوحات، التي تحتل مكانة مركزية ضمن المعرض، طفلًا محاطاً بسماء مظلمة مليئة بالنجوم بينما يرتدي رداءً أحمر داكن اللون.. أمّا تحديد ماهية الطفل، إن كان ذكراً أو أنثى، فهو أمر قد تم تركه مبهماً، وذلك في مقاربة تشابه لوحات البورتريه زاهية الألوان التي نفّذها عرابي عندما كان يقطن في دمشق.
ومن جانب آخر، يبدو القمر بدرًا مكتملًا، يضييء ذاك الطفل أثناء تحديقه مباشرةً في المشاهد، فيجعل ضياؤه الملمس الغني للتصاميم المرسومة على ملابسه يتلألأ ببريقٍ ساطع، يجسّد هنا عرابي، كما هو الحال في عدد من لوحات أخرى حديثة قام بتنفيذها، عالماً بلا حدود، حيث ينعم الاطفال بحريةّ النمو، تبدو شخوصه منحوتةً، فتخلفّ إحساسًا جديدًا يوحي بوجود أبعاد متعدّدة، توصّل إلى ذلك من خلال اتباعه التقنية التي قام بتقديمها ضمن أعماله مستخدمًا مواد متنوعة –وسائط تقوم بخلق رابط بين عناصر اللوحات ضمن فضاء وأرضية مشتركين.
وبفضل انصباب اهتمامه على التجريب، فقد خاض عرابي أيضًا في استخدام مادة الحديد ليصنع أعمالًا قائمة بذاتها، حيث يسعى من خلالها إلى التركيز على الإطار الخارجي لشخوصه: أشكال لولبية صُمّمت بطريقة مستوحاة من التموجات التي يخلفّها رمي حجر في بركة من المياه العميقة.