طموحات كبيرة وشروط صعبة مع بدء "طلاق" بريطانيا من أوروبا
رئيسة الوزراء البريطانية تواجه مهمة صعبة تتمثل في الحفاظ على وحدة البلاد وإدارة محادثات شاقة مع 27 دولة أوروبية
بعد تجهيزات استمرت 9 أشهر، ومعارك شهدت انتصارات وهزائم أمام البرلمان، جذبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي "زناد" بريكست، وأطلقت رسميًا إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي بتسليم إخطار رسمي بشأن قرار مغادرتها بعد عضوية دامت 44 عاما.
وسلم سفير بريطانيا في بروكسل، السير تيم بارو، رسالة إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك تشير إلى تفعيل "المادة 50" من معاهدة لشبونة، التي بمقتضاها تبدأ البلاد رسميًا عامين من المفاوضات والإجراءات ستنتهي بخروجها من الاتحاد الأوروبي عام 2019.
وبعد ساعات من تفعيل "المادة 50"، التي تمثل شارة البدء للخروج التاريخي، بدأت الخلافات تظهر حول بعض المطالب الرئيسية التي يشترطها الجانبان قبل مغادرة الكتلة الأوروبية.
ورغم أن ماي نشرت وثيقة تحدد مسارا من 12 نقطة في المحادثات ستغير شكل مستقبل بريطانيا والاتحاد الأوروبي فإن صورة استراتيجيتها ليست واضحة تماما في أذهان العديد من الشركات والمستثمرين والناخبين.
وطلبت في رسالتها إلى دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة التي تأسس بموجبها الاتحاد الأوروبي، لبدء محادثات تستمر عامين بشأن انفصال بريطانيا عن الاتحاد.
وركزت في خطابها الطموح الذي تضمن تهديدات مبطنة، على أهمية الاتفاق على شروط الشراكة المستقبلية بين الطرفين قبل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لكن الدول الأوروبية أصرت على مناقشة الإجراءات والآثار المتعلقة بخروج بريطانيا، مثل حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا والبريطانيين في القارة الأوروبية، قبل التحدث عن العلاقات المستقبلية بين الطرفين.
وهددت تيريزا ماي بالانسحاب من اتفاقية التعاون الأمني مع الاتحاد الأوروبي، بعد رفض فرنسا وألمانيا بدء محادثات التجارة قبل أن توافق بريطانيا على دفع "فاتورة طلاق" بريكست.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الخميس، إن وثيقة البرلمان الأوروبي بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تتضمن سلسلة من القرارات التي تتعارض مع آمال الحكومة البريطانية بخصوص العلاقات المستقبلية مع التكتل الأوروبي.
ويصر الوزراء البريطانيين على الحصول على اتفاق شامل للتجارة الحرة خلال العامين القادمين وترك محكمة العدل الأوروبية، بينما تعهد البرلمان الأوروبي بعدم منح بريطانيا صفقة تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي في العامين المقبلين، وأن الإجراءات لتخفيف آثار خروج بريطانيا بعد عام 2019 لن تستمر أكثر من 3 سنوات.
وذكرت وثيقة البرلمان الأوروبي أن بريطانيا ستخضع لولاية محكمة العدل الأوروبية خلال الفترة الانتقالية، وسيتم مقاضاتها بشأن معاملتها لمواطني الاتحاد الأوروبي حتى بعد خروجها منه.
وفي هذه المرحلة، ربما تواجه ماي (60 عاما) مهمة أصعب من أي سلف لها في التاريخ المعاصر تتمثل في الحفاظ على وحدة البلاد في وجه تجدد مطالب الأسكتلنديين بالاستقلال، وإدارة محادثات شاقة مع 27 دولة أوروبية في الشؤون المالية والتجارية والأمنية وغيرها من القضايا المعقدة.
وترسم نتيجة المفاوضات مستقبل الاقتصاد البريطاني أكبر خامس اقتصاد في العالم، ويبلغ حجمه 2.6 تريليون دولار وستقرر ما إذا كانت لندن ستحتفظ بمكانتها كأحد أكبر مركزين ماليين في العالم.
أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي ينوء تحت ثقل الأزمات المتتالية جراء الديون واللاجئين، يشكل خروج بريطانيا أكبر ضربة له خلال 60 عاما من جهود إقامة وحدة أوروبية بعد حربين عالميتين مدمرتين.
ويحدد خطاب ماي الرؤية العريضة بشأن عملية الخروج خلال العامين المقبلين، وتشمل القضايا المعقدة التي سيجري التفاوض بشأنها مشروع القانون المالي للخروج، ووضع الاتحاد الأوروبي والمواطنين البريطانيين في الخارج، والعلاقة التجارية المستقبلية.
محادثات تستمر عامين بشأن الانفصال
عبرت ماي عن رغبتها في إتمام عملية الخروج والمفاوضات بشأن العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي في غضون عامين غير أن الزعماء الأوروبيين اعتبروا أن هذا الأمر سيكون صعبا.
التفاوض على اتفاقية تجارة حرة
ربما يبدو هذا السيناريو المثالي بالنسبة لبريطانيا، لكن من غير المرجح تقبله بروكسل، حيث تريد الشركات من مختلف القطاعات أن تتفاوض الحكومة على اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي تضمن نوعا من الوصول المتبادل إلى الأسواق، وتجنب التأخيرات الجمركية المكلفة.
ضمانات للعاملين في الاتحاد الأوروبي
يشكل مواطنو الاتحاد الأوروبي نسبة كبيرة من القوى العاملة في البلاد في جميع القطاعات، بل تعتمد بعض الصناعات، مثل الزراعة والغذاء، اعتمادا كاملا على عمال من أوروبا الشرقية والوسطى ليشغلوا مصانعها ويكدحوا في الحقول، وهي مهن شاقة يواجه أرباب العمل صعوبة في العثور على بريطانيين يرغبون في العمل بها.
ولذلك فإن أحد أهم المطالب من جميع قطاعات الأعمال، هو تمكين الشركات من الاستمرار في توظيف عمال الاتحاد الأوروبي في المستقبل، دون الحاجة إلى معاملات ورقية صعبة مع ضمان حقوق الموظفين الحاليين بالبقاء في المملكة المتحدة بعد بريكست.
ترك الشرطة الأوروبية (يوروبول)
رجحت وزيرة الداخلية البريطانية، أمبر راد، الأربعاء، أن تترك لندن وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" بعد تفعيل الانسحاب من الاتحاد، وقد تأخذ "معلوماتها معها" إذا لم يتسنَ التوصل إلى اتفاق أمني مع التكتل.
وبريطانيا واحدة من أكبر 3 مستخدمين لبيانات يوروبول، بينما تستفيد الدول الأوروبية أيضاً من المعلومات التي تحصل عليها من بريطانيا من خلال اتفاق "العيون الخمس" القديم لتبادل معلومات المخابرات بينها وبين الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.
عدم تغيير التشريعات واللوائح
بينما يمثل روتين الاتحاد الأوروبي واحدا من أكبر مصاعب المملكة المتحدة، تحذر الشركات من تغيير القواعد القائمة لأنها يمكن أن تصعب بيع منتجاتهم في الاتحاد الأوروبي.
استمرار الإعانات والمنح
تعتمد العديد من الصناعات، مثل التكنولوجيا وعلوم الحياة والهندسة والزراعة على إعانات الاتحاد الأوروبي ومنحه لتشجيع الابتكار والإبقاء على العجلات تدور في الأوقات الصعبة.
شروط الاتحاد الأوروبي
وفي المقابل، أعلن مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، أن قيادة الاتحاد في بروكسل ستعيق أي اتفاق على خروج بريطانيا منه، إذا ما أنهت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حق حرية الحركة قبل الخروج، وتشمل الشروط الرئيسية للتكتل الأوروبي:
- 50 مليار إسترليني تكلفة خروج بريطانيا لتغطية التزامات عالقة
- وضع المغتربين البريطانيين ومن الدول الأخرى في الاتحاد
- قضايا قانونية عالقة للاتحاد
- قوانين جديدة للحدود
aXA6IDE4LjIxOC43MS4yMSA= جزيرة ام اند امز