رئة اصطناعية ترصد كيفية تسبب كورونا في جلطات الدم
دراسة حديثة تشير إلى أن حوالي 10% من المرضى في المستشفى المصابون بمرض "كوفيد-19" يعانون من مشكلة تجلط الدم
طوَّر العلماء في مدرسة لوزان الاتحادية بسويسرا، معهد بحوث متخصص في العلوم الطبيعية والهندسة، نموذجاً اصطناعياً للرئة يسمح لهم لأول مرة بملاحظة كيف يهاجم فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الخلايا المبطنة للأوعية الدموية، مسبباً الجلطات، ونشروا هذا العمل مؤخراً في موقع الأبحاث ما قبل الطباعة (bioRxiv).
ويتسبب الفيروس المسبب لمرض "كوفيد-19" أحياناً في حدوث جلطات دموية.
وتشير دراسة حديثة إلى أن حوالي 10٪ من المرضى في المستشفى يصابون بهذه المضاعفات.
ولا يزال الأطباء غير متأكدين من سبب إثارة الفيروس لهذه المشكلة في الحالات الشديدة، حيث يمكن أن تؤدي الجلطات الدموية إلى السكتة الدماغية.
وللحصول على مزيد من البصيرة حول هذه الظاهرة، طوّر علماء مدرسة لوزان شريحة ميكروفلويديك تشبه الرئة البشرية وتكرر جزءاً من هيكلها لدراسة عدوى "كوفيد-19".
ويمكن لهذه الشريحة الاحتفاظ بالخلايا الظهارية للرئة وخلايا الأوعية الدموية وخلايا الجهاز المناعي، وتتيح للعلماء مشاهدة كيف يهاجم الفيروس الخلايا البشرية ويؤدي إلى تكوين جلطات الدم.
ويشتبه في وجود آليتين تتسببان في هذه المشكلة، إحداهما هي زيادة إنتاج السيتوكينات وهي بروتينات تلعب دوراً في إرسال إشارات الخلايا المناعية، ويمكن أن يتسبب فيروس كورونا في حدوث "عواصف خلوية"، أي ردود فعل مناعية غير متكافئة في الجهاز المناعي تؤدي إلى تلف الأوعية الدموية وتتسبب في تكوين جلطات الدم، وقد تكون قاتلة، أما الآلية الأخرى المحتملة فهي تلف البطانة الداخلية للأوعية الدموية -أو البطانة- في الرئتين.
وتحتوي الرئتان على الكثير من هذا النوع من الأنسجة، وعندما تتضرر يمكن أن يتخثر الدم بسهولة ويشكل جلطات.
إذن ما هي الآلية التي من المحتمل أن تكون الجاني؟ لمعرفة ذلك يحتاج الأطباء إلى أن يكونوا قادرين على مشاهدة كيفية تقدم العدوى في الرئتين ساعة بساعة، ويكاد يكون هذا مستحيلاً بالنسبة للمرضى الأحياء وغير ممكن جداً في دراسات الخلايا المختبرية أيضًا، نظرا لأنها تحتوي عادة على نوع واحد فقط من الخلايا ولا توفر تمثيلاً واقعياً بدرجة كافية لنظام الرئة بأكمله.
وتلقى العلماء في مختبر البروفيسور جون ماكيني الدعم من فرقة العمل الخاصة بــ"كوفيد–19" داخل مدرسة لوزان، وأخذوا الآن جهاز الرئة الاصطناعي وقاموا بتكييفه لنمذجة الخطوات الفردية في هجوم فيروس كورونا على الرئتين، حيث يحتوي الجهاز على قنوات ميكروفلويديك تغذي الخلايا الموجودة على الرقاقة بالمغذيات، والتي يتم ترتيبها لإعادة تكوين قسم من الرئتين.
وبشكل أكثر تحديدا تحتوي الرقاقة على طبقة من الخلايا الظهارية، أو الخلايا التي تغلف الرئتين، جنباً إلى جنب مع طبقة من الخلايا البطانية، أو الخلايا المبطنة للأوعية الدموية، ويتم فصل الطبقتين بواسطة غشاء.
وبعد أن أدخل العلماء فيروس كورونا المستجد في أجهزتهم، هاجم الفيروس أولاً الطبقة الخارجية من الخلايا الظهارية، تماماً كما هو الحال في العدوى الطبيعية.
ومن خلال العمل مع الدكتورة جيسيكا سورديت ديسيموز وفريقها في مرفق الأنسجة الأساسي، وجدوا أنه في غضون يوم واحد وصل الفيروس إلى الطبقة الداخلية من الخلايا البطانية وتسبب في أضرار جسيمة خلال الأيام اللاحقة.
ويقول فيفيك ثاكر، الباحث المشارك بالدراسة في تقرير نشره الأربعاء الموقع الرسمي لمدرسة لوزان الاتحادية بسويسرا: "كان هناك ضرر كافٍ لتدمير البطانة وتعريض الدم في الأوعية للهواء، مما تسبب في تكون الجلطات، ومن خلال نظام الرئة على رقاقة، وجدنا أن الفيروس قد يسبب جلطات دموية من خلال مهاجمة البطانة مباشرة، ومع ذلك هذا لا يعني أن السيتوكينات لا تلعب دوراً أيضاً وتزيد الأمور سوءاً".