لم يكن زايد رئيس دولة فحسب، بل كان مدرسة أسست جيلاً طيب الأعراق، كان الملهم والمعلم، وكان الحلم الذي انبلج مع الصبح إشراقاً وأشواقاً.
لم يكن زايد رئيس دولة فحسب، بل كان مدرسة أسست جيلاً طيب الأعراق، كان الملهم والمعلم، وكان الحلم الذي انبلج مع الصبح إشراقاً وأشواقاً وأحداقاً ترتفع، وأعناقاً ترتفع لتطال عنان السماء، كان زايد النبضة التي حرّكت أعضاء الجسد لتصبح الأيدي أشرعة تسافر عبر المحيط الإنساني، وتصير الأعين نجوماً تضيء سماء العالم، وتغدو الشفاه بوح الأمل الذي ملأ الدنيا هديلاً وسلسبيلاً.
لم يكن زايد حاكماً تتحدد سلطته بتضاريس جغرافية معينة، بل كان زعيماً مد العالم بيراع النهر وشراع البحر، وأعطى الصحراء مداها، لتبدو واحة ينشد الطير على كثبانها لحن الخلود، وترتع الغزلان في فيافيها مبتهلة مبللة بنث العطاء الجزيل، ورخاء ما جادت به قريحة الزعيم المنعم بثراء البديهة وترف الفطنة الفطرية، فلم يأتِ زايد بنظريات، وإنما جاء بتجليات الحنكة، وإبداعات الروح الشفيفة، والقلب الصافي.
زايد علَّم الناس كيف يزخرفون أحلامهم بالإرادة، ويلونون أيامهم بالصدق والولاء للوطن، ويروون أشجار أمنياتهم بالإيمان بقيمة الوطن، وما يقدمه من أمن وطمأنينة لكل من يسكن على أرضه
فلا غرابة أن يحظى زايد بكل هذا الحب والولاء ليس من شعبه، وإنما من كل إنسان يخطو على أرض الله، لأن زايد أعطى من القلب وما يخرج من القلب، يصل إلى القلب من دون مقدمات ولا محسنات، إنها الروح التي افترشت سجادتها المخملية في دواخل الناس، فأصبحت مثل أجنحة الفراشات تلون أوراق الزهر بالحب.
زايد المعلم، علَّم الناس كيف يكون الحب قصيدة عصماء تتقفى أثر المعنى، وتذهب إلى المشاعر بأبيات مرهفة مرفرفة مهفهفة، مدنفة بالشوق إلى الانسجام مع الآخر، من دون حدود أو حواجز. زايد علَّم الناس كيف يكون العطاء، وكيف يكون السخاء، وكيف يكون الإنسان، إنساناً عندما يتحرر من أنانيته ليصبح مثل النهر لا يسقي إلا العذوبة، فيذهب إلى الأشجار ليرويها بالحب ويجعل من أوراقها أجنحة تظلل عابر السبيل، ويسترخي تحت فيئها كل محب للحياة.
زايد علَّم الناس كيف يحبون، فأحبوه وعاشوا في ذكراه واقعاً يضيء لهم طريق الحياة ويمنحهم الأمل فيما يبتغون، وما يتطلعون إليه من آمال في الحاضر والمستقبل. زايد علَّم الناس كيف يزخرفون أحلامهم بالإرادة، ويلونون أيامهم بالصدق والولاء للوطن، ويروون أشجار أمنياتهم بالإيمان بقيمة الوطن، وما يقدمه من أمن وطمأنينة لكل من يسكن على أرضه.
زايد علَّم الناس كيف يعلو صرح الوطن عندما تتلاحم القلوب، وتتشابك الأيدي وتتحاذى الأكتاف، ليصبح الوطن الموئل والمنهل، والسهل والأمل، يصبح الوطن خيمة والشعب أفراد أسرتها.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة