باحثون: الشيخ زايد بنى المجتمع الإماراتي من خلال بناء الإنسان
مركز زايد للدراسات والبحوث ينظم ندوة بعنوان "زايد وبناء المجتمع الإماراتي" بمبنى جامعة الإمارات في العين.
نظّم مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات ومركز سلطان بن زايد، بالتعاون مع قسم علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، ندوة بعنوان "زايد وبناء المجتمع الإماراتي" بمبنى جامعة الإمارات في العين، بحضور فاطمة مسعود المنصوري مديرة المركز وجمع من أستاذة وطلاب وطالبات الجامعة.
تحدث في الندوة عدد من الباحثين والمتخصصين متناولين محاور عدة في فكر وفلسفة القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
بدأت الندوة التي أدارها الدكتور إبراهيم أحمد ملحم، بمحور "زايد وبناء المجتمع الإماراتي.. رؤية شاملة"، الذي تناوله الدكتور عقيل كاظم رئيس قسم علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية في جامعة الإمارات، حيث ثمّن في بداية حديثه مبادرة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، باختيار عام 2018 عاما لزايد، وقال إنه ينظر إلى الشيخ زايد رحمه الله، بوصفه "قائدا وزعيما تاريخيا"؛ كونه بنى مستقبل الإمارات.
وأضاف: "مجتمع الإمارات اليوم متلاحم ومترابط على أسس من الخير والعطاء والتسامح والعدالة، وهي أسس في غاية الأهمية بالنسبة للمجتمع"، مشيرا إلى التقدم الذي حققه مجتمع الإمارات، منوِّها بأنه "أبهر العالم اليوم بإنجازاته؛ حيث تتصدر الإمارات أكثر من 50 مؤشرا عالميا".
وطرح الدكتور عقيل عددا من الأسئلة تمهيدا للإجابة عنها، وهي: كيف بنى الشيخ زايد هذا المجتمع؟ ومتى بدأ بناءه؟ وكيف حوّل الشيخ زايد فكره إلى دستور؟ وقال في إجابته عن الأسئلة: إن الشيخ زايد بنى المجتمع الإماراتي من خلال بناء الإنسان، وقال إن فكر وفلسفة الشيخ زايد بُنيا على إيصال الإنسان إلى غايته عبر توفير حاجاته المعنوية والمادية بترسيخ الأخلاق وتوفير ما يحتاج إليه من سكن وتعليم وصحة، وأضاف أن بهذه الرؤية بنى الشيخ زايد الإنسان قبل أن يبني المجتمع. وقال إنه نظر إلى كل فئة وحاجاتها التي تختلف عن حاجات الفئات الأخرى. وكانت النتيجة تصدر الإمارات للمؤشرات العالمية.
وأكد الدكتور عقيل أن أفكار الشيخ زايد تضمنها الدستور، في تركيزه على القيم والمساواة والعدالة والأسرة والتعليم والصحة. وعرج الدكتور عقيل في سياحة تاريخية موجزة على واقع الإمارات قبل الاتحاد، مشيرا إلى أنه عندما انتقل الشيخ زايد من العين إلى أبوظبي حاكما بدأ الاتحاد، موضحا أن الشيخ زايد كان قبلها في العين مشغولا بالزراعة والتشجير، وأضاف: "كان يعلم أنك لتجني الثمر لابد لك من الاعتناء بالشجر، وعندما تسلم الحكم في أبوظبي عمل رحمه الله على بناء الإنسان وأنفق جهده في هذا الجانب. وخلص الدكتور عقيل في ختام حديثه إلى أن ما نراه من إنجازات اليوم هو ثمرة الفكر المتقدم للشيخ زايد في بناء إنسان ومجتمع الإمارات.
وفي محور "زايد وبناء المجتمع الإماراتي.. العين نموذج"، أكد الدكتور حمدان الدرعي رئيس قسم البحوث والدراسات في مركز زايد للدراسات والبحوث بنادي تراث الإمارات، أن مبادرة عام زايد مبادرة كبيرة ومهمة جدا؛ لأنه باني الإمارات، ومن حقه علينا إبداء التقدير والوفاء له، كونه الأب المؤسس للدولة".
وتناول الدرعي بعض النقاط والمحطات في سيرة الشيخ زايد مشيرا إلى أنه استطاع تجاوز العقبات والصعاب التي مر بها ليصبح هذا الرجل العظيم الذي نعرفه اليوم.
ووصف الدكتور حمدان الدرعي الشيخَ زايد رحمه الله، بأنه "نموذج الرجل المبتكر"؛ فقد كان همه بناء الإنسان. وقال: إن هناك نقطة تكشف عن شخصية الشيخ زايد، وهي كيف استطاع أن يدير الواحات الستّ نيابة عن أخيه حاكم أبوظبي؛ حيث أنقذ مدينة العين من الجفاف.
وتحدث الدرعي عن اهتمام الشيخ زايد بالتعليم بوصفه أداة لا غنى عنها للتنمية وبناء الإنسان، حيث دخل التعليم النظامي إلى العين، ودعا الشيخ زايد البدو لأن ينتظم أبناؤهم في الدراسة مع أبناء الشيخ، وقال لهم: سيأتي زمان الذي لا يستطيع أن يقرأ ويكتب لن يستطيع العيش.
وعن علاقته بالقبائل، لفت الدرعي إلى ملاحظة الرحالة ولفريد ديكر، بأن وجود الشيخ زايد في العين قوَّى من علاقة القبائل بالأسرة الحاكمة في أبوظبي. قبل أن يعرج الدكتور حمدان الدرعي على ما حملته الوثائق من انبهار بالشيخ زايد عبَّر عنه كثير من السياسيين الأجانب والرحالة، ممن أتيح لهم الجلوس في حضرته طيب الله ثراه. وأورد أيضا من الوثائق عدة وقائع دلل بها على أن الشورى كانت أساسا ركينا في فلسفة الحكم عند الشيخ زايد.
وقدم الدرعي في ختام حديثه، اقتراحا بإنشاء مركز الشيخ زايد لتأهيل القادة، لأن الشيخ زايد كان قائدا فذا وملهما حقيقيا.
وفي محور "زايد وتمكين المرأة الإماراتية"، تحدثت الباحثة لطيفة النعيمي، عن تمكين المرأة والجذور التي رسخها الشيخ زايد، وقالت: "أعتقد أن تمكين المرأة بدأ قبل أن يتولى الشيخ زايد حكم أبوظبي؛ فمنذ أيام حكمه للعين تجلى ذلك في تمكينه المرأة في التعليم".
وعدَّدت النعيمي الأدوار الكبيرة التي اضطلع بها الشيخ زايد في سبيل نشر التعليم، وعلى وجه التحديد تعليم المرأة، وقالت: "كما نعلم كانت العادات والتقاليد تقيِّد حركة المرأة، إلا أن الشيخ زايد بحكمته استطاع ترسيخ أهمية التعليم النظامي وإقناع الأهالي به، حيث وظف مدرسات متوافقات مع البيئة نفسها، ثم قدم حوافز تشجيعية للأهالي من أجل إرسال بناتهم للتعليم".
وأضافت: "عندما قامت دولة الإمارات، وضع في الدستور ما يكفل للمرأة حقوقها وواجباتها، وحقها في التعليم وممارسة كل المهن".
وقالت النعيمي: إن الشيخ زايد "طيب الله ثراه" في موضوع المرأة، كان ينظر إلى الأمام ببصيرته الثاقبة، وأبانت أنه عندما مكَّنها في التعليم سعى لتمكينها في أوجه أخرى، فأنشأ الاتحاد النسائي ثم أنشأ جامعة الإمارات هذا الصرح الكبير ثم أمر بالبعثات، ورسخ معنى التعليم حتى صار للمرأة في الإمارات اليوم دور كبير بفضل أسس تمكين المرأة التي وضعها وجعلتها ترتقي في كثير من المهن، مؤكدة أن الإماراتيات يقطفن اليوم ثمار رؤية الشيخ زايد وأسسه التي وضعها.
بعدها ألقى الشاعر جمعة ربيع ياقوت الباحث والإعلامي بنادي تراث الإمارات، قصيدتين، تصف إحداهما حال الإمارات والتغيير الكبير الذي أحدثه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حتى جعلها بحسب وصف جمعة "واحة على شاطئ الخليج"، أما القصيدة الأخرى فكانت رثاء للمغفور له.
وتحدث الدكتور إبراهيم أحمد ملحم، عن بناء قيم الشباب الإماراتي، وقال إنها غرس تتم رعايته منذ مرحلة الطفولة؛ حيث يصحب الأب ابنه إلى المجالس ليتعلم بالسماع ما يحث على الشجاعة والنخوة والمروءة، وغيرها من القيم الإنسانية السامية الموجودة في مجتمع الإمارات.
وقال إن الشيخ زايد عمل على استثمار هذه القيم وترسيخها، موضحا أن شخصية الشيخ زايد شكلت لدى الإنسان الإماراتي شخصية متكاملة، والشيخ زايد يمثل لدى الإنسان الإماراتي والعربي والعالمي نموذج الشخصية المتكاملة.
وتحدث ملحم عن شعار الدولة "الصقر" الذي صممته الشاعرة ظبية خميس، والتشابه بينه وبين الشخصية الإماراتية، في العزة والكرامة والكبرياء والنخوة. وقال: "عندما نرى الصقر، فإننا نرى الشخصية الإماراتية بعزتها وكرامتها ودفاعها عن أمتها العربية". معدداً مواقف الشيخ زايد التي لا تُنسى في دعم القضايا العربية والقضية الفلسطينية. وأشار إلى أن الإمارات باتت اليوم حلم الشباب العربي، نتيجة للأسس التي وضعها الشيخ زايد لبناء دولة عظيمة ومجتمع مثالي.
وفي ختام الندوة، ألقى الشاعر سالم جمعة الكعبي، واحد من أصغر شعراء الإمارات سناً، قصيدة عبّر فيها عن حبه وتقديره لرئيس الدولة، ولوطنه الإمارات. بعدها كرّم الدكتور عقيل كاظم، الباحثين المشاركين في الندوة.