بعد ما يزيد عن 60 عامًا قضاها داخل الوسط الفني، رحل عن عالمنا الممثل المصري القدير أشرف عبدالغفور.
ولقي الفنان أشرف عبدالغفور مصرعه مساء اليوم الأحد، بعد تعرضه لحادث سير على طريق مصر إسكندرية الصحراوي.
وسبب الخبر صدمة كبيرة داخل الوسط الفني، بحيث حرص عدد واسع من النجوم على نعي "الفنان المخلص"، الذي ترك إرثًا زاخرًا بأعمال مشهودة وخالدة في ذاكرة تاريخ الفن المصري والعربي.
نشأته
وُلد الفنان الراحل في يونيو/ حزيران من عام 1942 في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية شمال القاهرة.
ونشأ "عبدالغفور" منذ صغره محبًا للفن، ففي سنوات طفولته، وصل حد عشقه للسينما إلى مشاهدة أفلام عربية وأجنبية، وحفظ تواريخ عرضها وأسماء أبطالها ومخريجها ومؤلفيها.
وازداد حب الفنان الراحل للتمثيل بانتقاله إلى محافظة الجيزة، ففيها ارتبط بأنشطة مؤسسة هيئة التحرير، وحرص على حضور ندوات وأمسيات ثقافية، من بينها عروض من تقديم فريق التمثيل.
ومن ثم، انضم "عبدالغفور" إلى فريق التمثيل، وقدم رفقته عروضاً مجانية أنفق عليها رفقة زملائه من مصروفهم الخاص، وما أن التحق بمدرسة الجيزة الثانوية، انضم لفريق التمثيل الخاص بها، وشارك في مسرحيات من أعمال الراحل نجيب الريحاني.
ويعتبر التميز سمة اُشتهر بها "عبدالغفور" في سنواته الأولى، فتولى رئاسة فريق التمثيل بمدرسته، وحصد كذلك جائزة أفضل ممثل خلال مجموعة عروض قدمها بدار الأوبرا المصرية في مبناها القديم.
بحصول الفنان الراحل على الشهادة الثانوية، قدم أوراقه في كلية التجارة، لكن بعد شهر من الدراسة فيها، جرى افتتاح معهد السينما، وهنا تجدد عشقه لهذا المجال، وقرر تغيير وجهة دراسته إليها.
أبرز الأعمال
في ستينيات القرن الماضي، بدأ "عبدالغفور" مسيرته الاحترافية في عالم الفن من بوابة المسرح، بمشاركته في عروض "جلفدان هانم".
ورغم عشق الفنان الراحل للسينما، قدم العديد من العروض المسرحية، أبرزها "ثلاث ليال"، و"سليمان الحلبي"، و"مصرع جيفارا"، و"موتى بلا قبور"، و"النار والزيتون"، و"وطني عكا"، و"الملك لير"، وغيرها.
وفي السينما، كان لـ"عبدالغفور" حضور مميز، بمشاركته في أفلام "الرسالة"، و"الشوارع الخلفية"، و"رجال في المصيدة"، و"صوت الحب"، و"الشيطان".
لكن الحضور الأكبر للفنان الراحل كان في العمل الدرامي، ومن أبرز المسلسلات التي شارك فيها: "زيزينيا"، و"حضرة المتهم أبي"، و"الرحايا"، و"بت القبايل"، و"رشيد".
الأعمال التاريخية وسر إتقان الفصحى
وشكلت الأعمال التاريخية والدينية جزءًا كبيرًا من مسيرة "عبدالغفور" الفنية، فقدم الفنان الراحل مسلسلات عدة في هذا الشأن، منها على سبيل المثال لا الحصر: "القضاء في الإسلام"، و"عمر بن عبدالعزيز"، و"الليث بن سعد"، و"الإمام المراغي"، و"فارس العرب"، و"الإمام النسائي"، و"الإمام محمد عبده"، و"على باب مصر"، و"الإمام الشافعي".
وبرهن الفنان الراحل على قدرته العالية بالتمثيل بلغة عربية فصحى، وهو ما كان له عدة عوامل وأسباب بدأت من داخل مبنى الإذاعة المصرية.
ففي تصريحات سابقة، قال "عبدالغفور" إن الفضل في إتقانه اللغة العربية يعود إلى عمله في الإذاعة المصرية، بعدما وجد نفسه مطالبًا بإجادة النطق بها.
ولجأ الفنان الراحل حينها إلى دراسة العربية على يدي "أساتذة"، في أمر أخذ منه وقتًا طويلًا، كما أنه خصص راتبه لشراء قواميس اللغة الفصحى.
ورغم إتقانه لها، ظل "عبدالغفور" يدرس اللغة العربية دون توقف، باعتبار أنها "بحر ليس له شاطئ" بحسب وصفه.
هذه العوامل ساهمت في خروج الأعمال التي يشارك فيها بجودة عالية، فسبق وأن نوه برفضه وجود أي خطأ لغوي في الحوار، حتى لو كلفه الأمر إيقاف التصوير من أجل تصحيح النطق.
الإخلاص
تعلق "عبدالغفور" بالسينما وأرشفة ما شاهده من أعمال، بجانب إتقانه للغة العربية في أعماله، تلخص ما وصفته به ابنته الفنانة ريهام عبدالغفور، والتي نعته بأنه "مخلص للفن".
وقالت النجمة المصرية في تصريحات إعلامية سابقة، إن والدها لعب دورًا كبيرًا في دخولها عالم التمثيل: "حينما رأيت إخلاصه وحبه للفن، وجدت نفسي أحببت التمثيل بطريقة غير عادية".
تم انتخابه نقيبًا للممثلين في 2011 بعد انسحاب الدكتور أشرف زكي من المنافسة.