بوابة آسيا.. هل دقت طبول الحرب العالمية الباردة في سمرقند؟

اجتماعات على جدول الأعمال وأخرى على هامشها استضافتها مدينة سمرقند بأوزبكستان ، هناك حيث يبدو رماد المواقف نابضا على لهيب مستعر.
قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي انعقدت أعمالها الخميس والجمعة، حملت طابع تحدٍ للولايات المتحدة التي تقود حملة العقوبات ضد موسكو وتقدم الدعم العسكري لكييف، وأثارت غضب بكين بزيارات أجراها عدة مسؤولين إلى تايوان.
قمة إقليمية بدت أشبه بجبهة ضد الغرب في أوج توتر حاد تفاقمه الأزمة في أوكرانيا، تنذر بتوسع دائرة الحرب الباردة لتتخذ طابعا شموليا، في وقت أصبحت فيه منظمة شنغهاي تضم نصف سكان الأرض، عقب الموافقة على انضمام إيران خلال قمة سمرقند.
وفي ظل التوتر القائم شرقي أوروبا وفي آسيا الوسطى، ومعركة العقوبات الغربية على موسكو وطهران، تتملك مراقبين شبه قناعة بأن المنظمة التي يعتبرونها الثقل المضاد لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، رسمت في قمتها الأخيرة خارطة تحالفات جديدة، تقسم العالم إلى نصفين متواجهين، وتبعث بأكثر من رسالة.
ومنظمة شنغهاي للتعاون "إس سي أو"، تأسست عام 1996 بوصفها تكتلا إقليميا أوراسيا باسم "خماسية شنغهاي"، يضم الصين وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وطاجيكستان، قبل أن تنضم أوزبكستان والهند وباكستان وأخيرا إيران.
نظام عالمي جديد
أوزبكستان، الدولة غير الساحلية بآسيا الوسطى، تقع على تخوم النار حيث تحدها دول مثقلة بالتوتر: قرغيزستان من الشمال الشرقي، وطاجيكستان من الجنوب الشرقي، وأفغانستان من الجنوب.
في هذا البلد، انعقدت أعمال قمة منظمة شنغهاي الأخيرة، وفيها بدا أن المشاركين بصدد وضع النقاط العريضة لنظام دولي جديد يتحدى نفوذ الغرب والنظام القائم.
توجه تجلى بالخصوص من خلال مداخلات الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج، بالقمة، حشدا عبرها قادة آسيا خلف ما يمكن اعتباره "نظاما دوليا" جديدا.
ومع أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لم يبد متحمسا للفكرة من حيث التوقيت، حيث رأى أن السياق "ليس وقت" إشعال نزاع في أوكرانيا، خصوصا في ظل المواجهات الحدودية العنيفة التي اندلعت بالتزامن مع القمة، بين قوات قيرغيزستان وطاجيكستان، لكنه لم يخرج عن الانسجام العام المخيم على مواقف بلدان يتقاسمون تحديات وأهداف متشابهة.
أما واشنطن التي كانت تراقب باهتمام مجريات القمة، فلم تتأخر في محاولة توجيه دفة تصريحات المتدخلين، محاولة ضرب بوتين، ومعتبرة أن تصريحاته الصادرة خلال القمة بشأن "المخاوف" الصينية والهندية المرتبطة بأوكرانيا تزيد الضغط على روسيا لإنهاء عمليتها العسكرية.
لكن الكرملين عكس الهجوم سريعا، واعتبر في بيان أن قمة شنغهاي تشكل بديلا "للمنظمات المتمركزة حول الغرب"، وهو ما أكده الرئيس الصيني بالقول: "لقد حان الوقت لإعادة تشكيل النظام الدولي والتخلي عن المعادلات الصفرية والسياسات القائمة على تشكيل كتل".
ودعا قادة العالم إلى "العمل معا لدعم تنمية النظام الدولي في اتجاه أكثر إنصافا وعقلانية"، في موقف متوقع من رئيس دولة يتملكها الغضب من انتهاك واشنطن لسياستها في تايوان.
حرب عالمية باردة
وفي قمة تضم بلدانا يشكل سكانها نصف الأرض، بدا أن لهيب الحرب الباردة امتد من موسكو إلى عواصم أخرى وخصوصا بكين وطهران، الأولى الغاضبة من انتهاك واشنطن لسياستها في تايوان عبر زيارات لمسؤوليها، والثانية المنتقدة لعقوبات غربية أنهكت اقتصادها.
حرب تتأهب لتكون شاملة في تطور قد يكون مرعبا لغرب يواجه أسوأ فتراته، في ظل أزمات الطاقة والتضخم والجفاف، وهذا ما أكده بوتين بإشادته بازدياد نفوذ الدول غير المحسوبة على الغرب، منددا في الآن نفسه بـ"أدوات الحمائية والعقوبات غير القانونية والأنانية الاقتصادية".
وقال بوتين بالقمة التي تعتبر أول مناسبة دولية بهذا الحجم يشارك فيها منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قبل نحو 7 أشهر، إن "دور مراكز القوى الجديدة التي تتعاون مع بعضها البعض يزداد وضوحا".
خلاصة روسية تشي بأن العالم دخل في منعطف حاسم يضع الغرب بمواجهة تكتل جديد يتوسع باتجاه أن يشكل ثقلا مضادا يوسع دائرة الحرب الباردة المستعرة منذ أشهر، وسط سيناريوهات غير مطمئنة تطرق أبواب العالم.
ومما يؤيد الطرح مشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأول مرة كضيف شرف بقمة دول منظمة شنغهاي للتعاون، في خطوة تطرح شكوكا كبيرة بشأن موقف أنقرة من الغرب عموما، ومن مسألة الانضمام للاتحاد الأوروبي، ما يرجح إمكانية تخليها عن الفكرة والتوجه إلى التكتل الأول.
سيناريو قد يجد طريقه إلى أرض الواقع بتجسد مزحة بين أردوغان وبوتين قبل 10 سنوات.
ففي يوليو/ تموز 2012، كشف أردوغان عندما كان رئيسا للوزراء عن مزحة بينه وبين الرئيس الروسي بشأن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي.
وذكر أردوغان حينها أن بوتين سأله مازحا: "أنتم تزعجوننا بين الفينة والأخرى.. ماذا تفعلون في الاتحاد الأوروبي؟" فأجابه أردوغان مازحا: "أدخلونا إلى منظمة شنغهاي وسنراجع انضمامنا إلى الاتحاد الأوروبي".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTkg جزيرة ام اند امز