اقتصادات آسيا تئن بين فكي الدولار.. هل تتمكن من الهروب؟
تواجه اقتصادات القارة الآسيوية مزيدا من التحديات مع انهيار اثنتين من أهم العملات في المنطقة وهما اليوان والين أمام هجمة قوية للدولار.
وتشهد كل من عملة الصين واليابان انخفاضا بسبب التفاوت المتزايد بين موقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) المتشدد وصناع السياسة المتشائمين في كل من الصين واليابان.
فبينما تحفر دول آسيوية أخرى بعمق في احتياطياتها من النقد الأجنبي للتخفيف من أضرار قوة الدولار، فإن تراجع اليوان والين يزيد الأمور سوءًا للجميع، ويهدد عباءة المنطقة كوجهة مفضلة للمستثمرين مع ارتفاع المخاطرة.
ركائز لاستقرار اقتصاد آسيا
وفي هذا الإطار يقول فيشنو فاراثان، رئيس قسم الاقتصاد والاستراتيجية في بنك ميزوهو في سنغافورة،أن "الرنمينبي (العملة الصينية) والين من الركائز الكبرى وضعفهما يهدد بزعزعة استقرار العملات في التجارة والاستثمارات في آسيا".
كما اعتبر أن مواصلة العملتين للهبوط بمثابة اتجاه "نحو مستويات عالية من التوتر في الأزمة المالية العالمية في بعض الجوانب"
كما حذر من أن الخطوة التالية ستكون شهود القارة الآسيوية لأزمة مالية في حال تعمق خسائر العملتين.
ثقل كبير للصين واليابان
يتضح جاذبية الصين واليابان في التأثير الهائل لاقتصاداتهما وعلاقاتهما التجارية. فالصين أكبر شريك تجاري لدول جنوب شرق آسيا لمدة 13 عامًا على التوالي، وفقًا لبيانات صادرة عن الحكومة الصينية.
في حين تعتبر اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، هي مصدر رئيسي لرأس المال والائتمان.
قد يؤدي تراجع عملات أكبر اقتصادين في المنطقة إلى أزمة كاملة إذا خافت الصناديق الخارجية واتجهت لسحب الأموال من آسيا ككل، ما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال على نطاق واسع. وبدلاً من ذلك، قد تؤدي عمليات الانخفاض إلى إطلاق حلقة مفرغة من التخفيضات التنافسية لقيمة العملات وانزلاقًا في الطلب وثقة المستهلك.
ولمعرفة مدى خطوة هذا الأمر فإن التقارير تشير إلى أن المستثمرين منشغلين بالفعل بسحب الأموال من المنطقة، بحسب تقرير لوكالة بلومبرج.
وأخرجت الصناديق العالمية حوالي 44 مليار دولار من أسهم تايوان هذا العام، و20 مليار دولار من الأسهم الهندية، و14 مليار دولار من الأسهم الكورية، وفقًا لبيانات جمعتها بلومبرج.
كما شهد سوق السندات الإندونيسي خروج تدفقات نقدية تصل لقرابة 8.2 مليار دولار.
"تهديد أكبر"
قال تيمور بايج، كبير الاقتصاديين في DBS Group Ltd. في سنغافورة: "تشكل مخاطر العملة تهديدًا أكبر للدول الآسيوية من أسعار الفائدة".
ويعتبر ثقل كل من بكين وطوكيو أكثر وضوحا في الأسواق المالية حيث يشكل اليوان أكثر من ربع ترجيح مؤشرات العملات الآسيوية، وفقًا لتحليل أجرته BNY Mellon Investment Management. كما يعتبر الين هو ثالث أكثر العملات تداولا في العالم، لذلك كان لضعفه تأثير كبير على نظرائه الآسيويين.
وتراجع الين عن 145 مقابل الدولار للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين يوم الخميس الماضي بعد أن اتسع تباين السياسة النقدية بين الولايات المتحدة واليابان عندما رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للاجتماع الخامس على التوالي في اليوم السابق.
ورغم أن الين استعاد بعض خسائره بعد تدخل السلطات، لكن القليل منهم يرون أن الإجراء يعتبر بمثابة تأجل لانخفاض حتمي سيشهده الين في حال تواصل هذا التباين في السياسة المالية.
كما انخفض اليوان متجاوزًا مستواه الرئيسي البالغ 7 مقابل الدولار في وقت سابق من هذا الشهر، تحت ضغط من بنك الاحتياطي الفيدرالي المتشدد وتباطؤ النمو في الصين بسبب إغلاق Covid-Zero وأزمة سوق العقارات.
ويرى الخبراء أن مستويات مثل بلوغ الين 150 مقابل الدولار قد تؤدي لحدوث اضطراب يماثل مستوى الأزمة المالية الآسيوية لعام 1997، وفقًا لما ذكره المخضرم في السوق جيم أونيل، كبير اقتصاديي العملات سابقًا في "جولدمان ساكس".
من جانبه قال أنيندا ميترا ، رئيس استراتيجية الاستثمار والماكرو الآسيوية في BNY Mellon Investment Management في سنغافورة، إن الانخفاض السريع في الين واليوان "يمكن أن يصبح لكمة قوية للعملات الإقليمية الأخرى".
ويبدو أن الأيام المقبلة ستكشف إمكانية تفادي اقتصاديات آسيا لتلك المخاطر إذا تمكن صانعي السياسة النقدية في كل من الصين واليابان من إيجاد حلول تتناسب مع خطوات الفيدرالي الأمريكي التي تتسم بالتشدد تجاه رفع الفائدة.
aXA6IDMuMTQ1LjY0LjI0NSA= جزيرة ام اند امز