ضرائب ترامب تعصف بالأسواق العالمية.. انهيار بورصات آسيا وأوروبا

شهدت الأسواق المالية في العالم، اليوم الإثنين، حالة من الهلع الشديد، بعد تمسك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسياسة الرسوم الجمركية.
وتسببت رسوم ترامب في حالة من الفوضى المتصاعدة بالأسواق العالمية، ما ترتب عليه انهيارات كبيرة في مؤشرات البورصات، وسط تصاعد المخاوف من حرب تجارية شاملة.
انهيار البورصات الآسيوية
وسجلت بورصة هونغ كونغ أسوأ جلسة لها منذ أكثر من 16 عامًا، بهبوط تجاوز 12%، بينما تراجعت بورصات تايبيه بنسبة 9.7%، وشينجن 8.7%، وطوكيو 6.4%، وشنغهاي 6.3%، وسيول 4.9%، وبومباي 3%.
يأتي هذا الانهيار عقب دخول الرسوم الأمريكية المشددة حيز التنفيذ يوم السبت، وردت الصين بإعلان إجراءات جمركية مضادة، ما زاد من حدة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأكد محللون أن الخطوة الأمريكية بفرض رسوم جمركية عامة على الواردات تعني تحولاً جذرياً في النظام الاقتصادي العالمي، وليس مجرد نزاع تجاري عابر.
وعلى الجانب الصيني، تراجع المؤشر المركب لبورصة شنغهاي بنسبة 7.7% إلى 3083.80 نقطة، فيما انخفض مؤشر "هانغ سنغ" في هونغ كونغ إلى 20021.32 نقطة عند الساعة 10:00 بتوقيت أبوظبي.
المؤشر نيكي الياباني يهبط لأدنى مستوى له في عام ونصف
تراجع المؤشر نيكي الياباني اليوم الإثنين إلى أدنى مستوى في عام ونصف العام وسط انخفاض مؤشر أسهم البنوك بأكثر من 17% خلال الجلسة، إذ استمرت المخاوف بشأن الركود العالمي الناجم عن الرسوم الجمركية في التأثير على الأسواق.
وانخفض المؤشر نيكي بما يصل إلى 8.8% إلى 30792.74 نقطة للمرة الأولى منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قبل أن ينهي اليوم منخفضا 7.8% عند 31136.58 نقطة. وأغلقت جميع الأسهم المدرجة على المؤشر والبالغ عددها 225 سهما على انخفاض.
ونزل المؤشر توبكس الأوسع نطاقا بما يصل إلى 9.6% قبل أن يغلق منخفضا 7.8%.
وفي حديث على متن الطائرة الرئاسية أمس الأحد، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحدث جولة من الرسوم الجمركية الشاملة التي أمر بفرضها بأنها "دواء"، وأشار إلى استعداده لقبول تراجع السوق.
وهبط المؤشر نيكي 11.6% والمؤشر الأمريكي ستاندرد آند بورز 10.6% منذ إعلان ترامب عن الرسوم الأعلى والأكبر من المتوقع الأسبوع الماضي.
وقال ماكي ساوادا خبير الأسهم في شركة نومورا للأوراق المالية "من الصعب للغاية الحكم على المدى الذي سيصل إليه هذا التصحيح النزولي في سوق الأسهم (ولكن) طالما أن هناك عدم وضوح حول الرسوم الجمركية ورد فعل كل بلد، فإن السوق ستظل مثقلة بالضغوط".
وأضاف أنه في الوقت نفسه فإن "السوق في الوقت الحالي لا تراهن إلا على الأخبار السيئة"، لذلك إذا كانت هناك إشارات على وجود مرونة في السياسات التجارية أو الإعلان عن تدابير دعم اقتصادي، "فمن المحتمل جدا أن تصل السوق إلى أدنى مستوى".
البورصات الأوروبية
هوت الأسهم الأوروبية اليوم الإثنين إلى أدنى مستوى في 16 شهرا وسط سعي المستثمرين لتقييم احتمالات حدوث ركود بعد الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلنتها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
وتراجع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 5.8% بحلول الساعة 11:22 بتوقيت أبوظبي، بعد أن سجل أكبر انخفاض يومي له منذ جائحة كوفيد-19 يوم الجمعة.
ونزل المؤشر الرئيسي الألماني شديد التأثر بحركة التجارة 6.6% وكان من بين الأكثر تضررا، وهوى سهما كومرتس بنك ودويتشه بنك 10.7% و10% على التوالي.
وتراجعت أسهم شركات تصنيع الأسلحة التي سبق أن شهدت ارتفاعا كبيرا في وقت سابق من هذا العام على خلفية توقعات بزيادة الإنفاق الدفاعي. وخلال تداولات اليوم الاثنين، تراجع سهم شركة راينميتال لتصنيع الدبابات 23.7 بالمئة وكان أكبر الخاسرين على المؤشر ستوكس 600.
ويتخوف المستثمرون من أن تؤدي الحرب التجارية المتصاعدة إلى أزمة اقتصادية عالمية، في ظل انعدام مؤشرات التهدئة بين واشنطن وبكين.
تغيير النظام الاقتصادي العالمي
وقال ستيفن إينيس، المحلل في شركة "إس بي آي" لإدارة الأصول، إن الأمر لم يعد نزاعًا تجاريًا فقط، بل أصبح إعادة صياغة شاملة للنظام الاقتصادي العالمي، معتبرًا أن "قواعد هذا النظام يتم تفكيكها حاليًا".
وفيما تحاول عشرات الدول تفادي الدخول في صدام مباشر مع واشنطن، صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، بأن أكثر من خمسين دولة تواصلت مع الحكومة الأمريكية لطلب إعفاءات من الرسوم أو للتفاوض على تخفيض الحواجز الجمركية، مشيرًا إلى أن هذه الاتصالات تضمنت كذلك مطالبات بوقف التلاعب بأسعار الصرف.
رسوم ترامب الجمركية
وفي الأسبوع الماضي، فرض ترامب رسوم جمركية عامة بنسبة 10% على جميع الواردات إلى بلاده، متهمًا شركاء الولايات المتحدة بـ"نهبها اقتصاديًا"، على حد وصفه.
كما ستبدأ واشنطن، الأربعاء المقبل، بفرض رسوم إضافية بنسبة 34% على واردات من الصين، و20% على سلع من الاتحاد الأوروبي، ضمن قائمة تشمل دولًا عدة.
وكتب ترامب على منصته "تروث سوشال": "لدينا عجز تجاري هائل مع الصين والاتحاد الأوروبي، والرسوم الجمركية هي الطريقة الوحيدة لتسوية هذا الوضع، وهي ستدر عشرات المليارات على الولايات المتحدة. هذا رائع".
تصعيد مضاد
وفي المقابل، أعلنت الصين فرض رسوم جمركية بنسبة 34% على واردات أمريكية، مؤكدة أن هذه الخطوة تهدف إلى حماية الحقوق المشروعة للشركات، بما فيها الشركات الأميركية العاملة في الصين، بحسب نائب وزير التجارة الصيني لينغ جي، الذي شدد على أن بلاده ستظل أرضًا واعدة وآمنة للاستثمارات الأجنبية.
أما في أوروبا، فصعد الاتحاد الأوروبي تحركاته الدبلوماسية استعدادًا للرد، إذ يعقد وزراء التجارة في الدول الأعضاء اجتماعًا طارئًا اليوم في لوكسمبورغ، وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: "العالم كما كنا نعرفه انتهى".
مرحلة تعافي
وفي سياق متصل، قال ترامب للصحفيين من طائرته الرئاسية "إير فورس وان"، إنه في "بعض الأحيان يتطلب التعافي علاجًا مؤلمًا"، وذلك ردًا على تهاوي الأسواق العالمية نهاية الأسبوع.
وذكر مستشار ترامب التجاري، بيتر نافارو، عبر شبكة "فوكس نيوز": "لا يمكن أن نخسر أموالًا إذا لم نبع.. الاستراتيجية الذكية الآن هي عدم الهلع".
وتوحي العقود الآجلة الأمريكية بانخفاضات جديدة في وول ستريت، بعد موجة بيع عنيفة الخميس والجمعة الماضيين.
مفاوضات مع البيت الأبيض
ويستقبل ترامب اليوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، في لقاء من المتوقع أن يهيمن عليه ملف الرسوم الجمركية بنسبة 17% المفروضة على المنتجات الإسرائيلية، إلى جانب قضايا غزة والملف النووي الإيراني.
من جهة أخرى، طلب الأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي، تو لام، مهلة لا تقل عن 45 يومًا قبل دخول الرسوم الجمركية الأمريكية البالغة 46% على صادرات بلاده حيز التنفيذ، أملًا في التوصل إلى اتفاق سريع.
لكن بيسنت حذر من أن هذه المفاوضات لا يمكن إنجازها خلال أيام أو أسابيع، في إشارة إلى أن الإجراءات الجمركية الجديدة قد تبقى سارية لعدة أشهر على الأقل.
أما كيفن هاسيت، كبير المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، فقال إن الدول التي بدأت المحادثات مع واشنطن فعلت ذلك لأنها أدركت أنها ستخضع لنسبة مرتفعة من الرسوم.
ورغم إقراره بحدوث زيادات في الأسعار، إلا أن هاسبت قلل من المخاوف بشأن التأثير على الاقتصاد الأمريكي.
مع ذلك، يرى معظم الاقتصاديين أن الرسوم الجديدة ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، ما ينذر بمرحلة ركود اقتصادي عالمي إذا استمرت هذه السياسات دون حلول.
aXA6IDE4LjExNy43My4xODcg جزيرة ام اند امز