عاصفة رسوم ترامب.. «الفيدرالي» يُبطئ خطوات التدخل والإنقاذ

لطالما اعتاد المستثمرون على تدخل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الأزمات وذلك باعتبار أن البنك المركزي سيكون طوق النجاة في أوقات الاضطرابات الاقتصادية.
لكن مع التراجع الحاد في الأسواق الناتج عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يبدو أن «الإنقاذ الفيدرالي» ليس في الأفق.
ووفقا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أوضح رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، هذا الأمر بجلاء يوم الجمعة الماضية، قائلاً إن نطاق الرسوم الجمركية "أكبر من المتوقع"، وأن ضخامة تأثيرها الاقتصادي تتطلب مزيداً من الدراسة قبل اتخاذ أي قرار بشأن السياسة النقدية ومن المبكر جداً تحديد المسار المناسب لأسعار الفائدة."
وفي ظل غياب دعم فوري من البنك المركزي، تبدو احتمالات المزيد من التراجع في الأسواق أقوى من فرص التعافي القريب. وما شهدته الأسواق حتى الآن يُعرف بـ"تصحيح السوق"، أي انخفاض بنسبة 10% أو أكثر من أعلى مستوى سجّلته.
ولكن الهبوط المستمر يقرّب السوق من الدخول في ما يُعرف بـ"السوق الهابطة"، وهي حالة يُسجل فيها انخفاض بنسبة 20% على الأقل. وبالنسبة لمؤشر S&P 500، الذي أغلق الجمعة عند 5,074 نقطة، فقد خسر نحو 17.4% من ذروته في فبراير/شباط.
التدخل مستبعد
ونقل التقرير عن المحلل المخضرم إدوارد يارديني إن التوقع بانتهاء التراجع الحالي سابق لأوانه، قائلاً: إن تدخل الاحتياطي الفيدرالي لا يبدو وارداً حالياً."
وأمام الغموض الذي تسببه الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، ومع رد الصين بإجراءات مماثلة، يتريث الفيدرالي . فالرسوم الجمركية تمثل في جوهرها ضريبة تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار، وهو ما يعقد مهمة الاحتياطي الفيدرالي المكلف بتعزيز التوظيف والحفاظ على استقرار الأسعار.
ومع بقاء التضخم مصدر قلق رئيسي بعد موجة زيادة معدلات التضخم في 2022 و2023، يتحفظ الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة، خاصة وأن الأرقام الأخيرة تشير إلى متانة نسبية في الاقتصاد. فقد أضاف سوق العمل 228 ألف وظيفة في مارس/آذار، وهو رقم يفوق التوقعات، فيما ارتفعت البطالة بنسبة طفيفة إلى 4.2%.
حسابات باول
وبالتالي، يبدو أن باول ينتظر تباطؤاً اقتصادياً حقيقياً –يتجلى في خسائر كبيرة في الوظائف– قبل أن يتخذ قراراً بتقليص أسعار الفائدة. وفي المقابل، يواجه باول ضغوطاً من ترامب، الذي وصف يوم الجمعة على منصة "تروث سوشال" بأن الوقت الحالي هو "الأنسب لخفض الفائدة". ولكن لم يُظهر باول أي تجاوب مع هذه الضغوط، حفاظاً على استقلالية البنك المركزي.
وفي ظل هذا المشهد، سيكون على المستثمرين التحلي بالكثير من الصبر. فالتحولات السريعة في سياسة الرسوم الجمركية هي الأمل الوحيد القريب لإنقاذ الأسواق ومنع دخول الاقتصاد في ركود، وهو السيناريو الأسوأ الذي يهدد ليس فقط الأسواق المالية بل الحياة اليومية للمواطنين.
وقد أظهرت تحليلات شركة "نيد ديفيس ريسيرش" أن الأسواق الهابطة التي تترافق مع ركود اقتصادي تميل لأن تكون أطول وأشد قسوة، بمتوسط انخفاض يبلغ 32.8% ومدة تصل إلى 528 يومًا. أما الأسواق الهابطة التي تحدث بدون ركود، فتمتد في المتوسط إلى 224 يومًا مع تراجع 23.3% فقط.
والرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، والتي قد تُصبح الأعلى في قرن كامل إذا طُبّقت بالكامل، من غير الواضح ما إذا كان الرئيس سيتراجع عنها ما يعزز احتمالات الركود وتفاقم تراجع الأسواق.
احتمالات الركود
وهناك قلق من احتمال دخول الاقتصاد في مرحلة "الركود التضخمي" -وهي مزيج خطير من تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار- وقد تم رفع تقديرات لاحتمال حدوثه إلى 45% خلال العام المقبل.
وخفض بنك "غولدمان ساكس" توقعاته لأداء مؤشر S&P 500، وتوقع انخفاضاً بنسبة 5% في الأشهر الثلاثة المقبلة، بعد أن توقع في بداية 2025 ارتفاعاً بنسبة 16%. أما بنك "جي بي مورغان" فقد رفع احتمالية الركود العالمي هذا العام إلى 60%.
ورغم الأداء الجيد للسندات والأسواق الدولية نسبياً، لا يُتوقع أن ينجو أحد تماماً إذا حدث ركود حاد. ومع ذلك، فإن من يتمكن من الصمود على المدى الطويل قد يحقق عوائد كبيرة. فقد سجل مؤشر S&P 500 منذ ذروة عام 2007 وحتى اليوم، عائداً إجمالياً يفوق 356%، رغم كل التقلبات.
aXA6IDE4LjE5MS4xNTYuMzYg جزيرة ام اند امز