«الخصوبة» تهدد الجيوش.. مستقبل «صعب» ينتظر شرق آسيا
في عالم تحفه المخاطر ويعج بالأزمات والحروب، تقف دول شرق آسيا، على حافة "مستقبل مخيف" من الناحية العسكرية.
إذ يُثير انخفاض معدلات الخصوبة في شرق آسيا التساؤلات حول قدرة القوى العسكرية في المنطقة، على الحفاظ على جيوشها في الأعوام المقبلة.
وتشهد منطقة شرق آسيا أدنى معدل خصوبة على مستوى العالم، حيث يبلغ معدل الخصوبة في الصين 1.0، واليابان 1.2، وكوريا الجنوبية 0.72 طفل لكل امرأة.
وفضلا عن ذلك، تٌعتبر اليابان أيضاً مجتمعا "متقدما في السن"، وتتبعها الصين وكوريا الجنوبية، وفقا لمجلة "نيوزويك" الأمريكية.
وفي إطار هذه المعوقات، تمتلك كوريا الجنوبية التي تفرض الخدمة العسكرية لمدة 18 شهراً على الرجال الأصحاء، قوة عسكرية قوامها نحو نصف مليون جندي.
ولكن بالنظر إلى معدل الخصوبة، وهو الأدنى في العالم، يقول بعض الخبراء إن هذا قد يتسبب في مشكلة طويلة الأمد لجيش البلاد.
"تأثير كبير"
إذ قال تشوي بيونج أوك، أستاذ الأمن القومي في جامعة "سانجميونغ"، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية في ديسمبر/كانون الأول، إن "المستقبل محدد سلفا. وسيكون تقليص حجم القوة العسكرية أمرا لا مفر منه".
ولمواجهة هذا المستقبل الصعب، دارت مناقشات داخل أروقة السلطة في كوريا الجنوبية، مؤخرا، حول إمكانية توسيع نطاق التجنيد الإجباري، ليشمل النساء.
الأكثر من ذلك، توقع سو تزو يون، الباحث في معهد أبحاث الدفاع الوطني والأمن، وهو مركز أبحاث دفاعي رئيسي في تايوان، أن يتم تخفيض فترة الخدمة العسكرية بشكل أكبر في كوريا الجنوبية، "للسماح للشباب بالعودة إلى المجتمع والانضمام إلى سوق العمل في وقت مبكر".
سو حاول قراءة الصورة كاملة في كوريا الجنوبية والصين واليابان، وقال إن "تأثير شيخوخة السكان يتجلى بطرق مختلفة في هذه البلدان الثلاثة".
وأضاف: "في الصين، سيكون التأثير الأكثر خطورة هو مشكلة اقتصادية ستتفاقم بسبب الحروب التجارية، في حين ستواجه كوريا الجنوبية واليابان المزيد من الصعوبات فيما يتعلق بالقوة البشرية العسكرية".
تداعيات صعبة
الباحث في معهد أبحاث الدفاع الوطني والأمن، يرى أن تراجع الخصوبة، سيكون له تأثيرا أكبر على القوات النظامية العادية، وليس القوات الخاصة، لأن الأخيرة محدودة العدد و"احترافية" للغاية بما فيه الكفاية حتى لا تتأثر بنقص القوة البشرية.
سو لفت إلى أن اليابان، التي تعتمد على الخدمة العسكرية التطوعية، "تواجه وضعا أكثر صعوبة".
وفي السياق، ذكرت صحيفة "اليابان تايمز"، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن عدد المتقدمين للانضمام إلى قوات الدفاع الذاتي اليابانية (الجيش)، انخفض بنسبة 30% تقريبًا على مدى السنوات الـ10 الماضية.
وانضم أقل من 4000 شخص لجيش اليابان في عام 2022، وهو معدل أقل من هدف التجنيد بأكثر من 50%، وفق الصحيفة ذاتها.
وتكافح قوات الدفاع الذاتي اليابانية (الجيش) من أجل زيادة صفوفها، إذ تحركت في عام 2018، لرفع الحد الأقصى لسن المجندين الجدد من 26 إلى 32 عامًا.
كما قامت الصين، التي تمتلك أكبر جيش في العالم، بتخفيض معايير التجنيد، بما في ذلك متطلبات الطول والوزن والرؤية، للحفاظ على الجيش.
دور التكنولوجيا
وقال أندرو أوروس، أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية في الولايات المتحدة: "رغم التحديات الديموغرافية، تحاول الصين منذ عقود بناء جيش أكثر قدرة وتقدما من الناحية التكنولوجية".
وتابع: "لا أعتقد أن التركيبة السكانية هي عامل مهم في سبب سعي الصين لاستغلال التكنولوجيا المتقدمة في القوات المسلحة.. بكين تفعل ذلك لأنها تريد جيشًا مشابهًا للولايات المتحدة".
ولكن أوروس قال "مع ذلك، تواجه طوكيو وسول تناقصًا سريعًا في عدد الأشخاص في سن القتال الذين يلتحقون بالجيش، مما يدفع البلدين إلى الاستثمار بشكل أكبر في التقنيات الموفرة للقوة البشرية".
وتوقع أيضًا أن "تؤثر التركيبة السكانية على الأمن العسكري حتى 2050".