بصوتها المميز.. كيف أبهرت أسمهان عمالقة الموسيقى في العالم العربي
ولدت الفنانة أسمهان في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1912، وهي مغنية وممثلة سورية، واسمها الحقيقي "آمال الأطرش" وهي شقيقة الموسيقار فريد الأطرش.
وصف الكاتب كرم ملحم كرم صوت أسمهان بـ"السخي المفعم بالشجن"، يأسر الآذان ويدخل القلوب، ويُنقل عن محمد عبد الوهاب قوله عن أسمهان عندما كانت في السادسة عشرة: "إنها فتاة صغيرة، لكن صوتها يحمل نضج امرأة مكتملة"، حيث تألقت في عالم الأغنية العربية، وأصبح صوتها مميز.
السيرة الذاتية لأسمهان
هي ابنة الأمير فهد الأطرش، الذي كان درزيًا من جبل الدروز في سوريا وشغل منصب مدير ناحية في قضاء ديمرجي بتركيا، ووالدتها علياء المنذر، درزية لبنانية من بلدة شويت في المتن.
ولدت آمال على متن باخرة كانت تقل العائلة من تركيا بعد نشوب خلاف بين والدها والسلطات التركية، وفي طريق العودة، توقفت الأسرة في بيروت عند بعض الأقارب في حي سرسق، ثم توجهوا إلى سوريا حيث استقروا في جبل الدروز، موطن عائلة الأطرش، وعاشوا هناك حياة هادئة حتى وفاة الأمير فهد في عام 1924.
عقب اندلاع الثورة الدرزية في جبل الدروز والثورة السورية الكبرى، اضطرت والدتها الأميرة علياء للرحيل بأطفالها إلى مصر، واستقرت العائلة في حي الفجالة بالقاهرة، حيث واجهوا ظروفًا صعبة دفعت الأم إلى العمل في الأديرة والغناء في حفلات الأفراح الخاصة، سعياً لإعالة وتعليم أولادها الثلاثة.
سبب تسميتها أسمهان
بدأت مواهب آمال في الغناء تظهر مبكرًا، حيث كانت تغني في البيت والمدرسة، مرددة أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وكذلك أغاني شقيقها فريد، وفي إحدى المناسبات، حضر الملحن الكبير داود حسني إلى منزلهم، وكان فريد حينها في بداياته الفنية.
سمع حسني آمال تغني في غرفتها، فطلب منها أن تقدم عرضًا أمامه. أدهشه صوتها عندما غنت، وبعد انتهائها، قال لها: "كنت أدرب فتاة تشبهك في الجمال والصوت، لكنها توفيت قبل أن تصبح مشهورة، لذا أود أن أدعوك باسمها: أسمهان." وهكذا أصبح اسم آمال الفني "أسمهان".
بدأت أسمهان تشارك شقيقها فريد الأطرش الغناء في صالة ماري منصور بشارع عماد الدين منذ عام 1931، بعد تجربتها السابقة في الغناء مع والدتها في حفلات الأفراح والإذاعة المحلية.
حياتها الشخصية
في سنة 1934 تزوجت من الأمير حسن الأطرش وانتقلت معه إلى جبل الدروز في سوريا ليستقروا في قرية عرى مركز إمارة آل الأطرش لتمضي معه كأميرة للجبل مدة ست سنوات رزقت في خلالها ابنة وحيدة هي كاميليا، لكن حياتها في الجبل انتهت على خلاف مع زوجها، فعادت من سوريا إلى مصر، وقد عاد إليها الحنين إلى عالم الفن لتمارس الغناء ولتدخل ميدان التمثيل السينمائي.
أسمهان في السينما
فتحت الشهرة التي اكتسبتها أسمهان بفضل جمال صوتها وصورتها الباب أمام دخولها إلى عالم السينما، ففي عام 1941، قدمت أول أفلامها انتصار الشباب إلى جانب شقيقها فريد الأطرش، وشاركته أداء أغاني الفيلم. خلال تصويره، تعرفت على المخرج أحمد بدرخان وتزوجته عرفيًا، لكن هذا الزواج لم يستمر طويلًا وانتهى بالطلاق، مما حال دون حصولها على الجنسية المصرية التي فقدتها حين تزوجت الأمير حسن الأطرش.
وفي عام 1944، مثّلت في فيلمها الثاني والأخير غرام وانتقام مع يوسف وهبي، وأنور وجدي، ومحمود المليجي، وبشارة واكيم، وقدمت فيه مجموعة من أجمل أغانيها، وكان نهاية الفيلم بمثابة خاتمة لحياتها أيضًا.
وكانت أسمهان قد شاركت بصوتها في بعض الأفلام السابقة، مثل فيلم يوم سعيد حيث غنت مع محمد عبد الوهاب في أوبريت مجنون ليلى، وسجلت أغنية محلاها عيشة الفلاح، التي لحنها عبد الوهاب وأعاد غناءها بصوته لاحقًا.
كما غنت ليت للبراق عينًا في فيلم ليلى بنت الصحراء.
أغاني أسمهان
اشتهرت أسمهان بتنوع تعاونها مع العديد من الملحنين، فلم تقتصر على ملحن واحد مهما كان متميزًا. وقد أدت ألحانًا خالدة من كبار الملحنين مثل محمد عبد الوهاب، ورياض السنباطي، ومحمد القصبجي، وشقيقها فريد الأطرش، إلى جانب مكتشفها داود حسني.
ومع ذلك، كانت لمحمد القصبجي وفريد الأطرش الحصة الأكبر في تلحين أغانيها الأكثر شهرة، وكما اختلف الملحنون، كذلك تنوعت أسماء الشعراء الذين تعاونت معهم، ومن أبرزهم أحمد رامي، ويوسف بدروس، والأخطل الصغير، ومأمون الشناوي، وبديع خيري، وبيرم التونسي. وإليكم قائمة بأبرز أغانيها:
- هديتك قلبي.
- غير مجدٍ في ملّتي واعتقادي.
- نار فؤادي.
- دخلت مرة في جنينة مدحت عاصم.
- يا حبيبي تعالى الحقني.
- مجنون ليلى.
- أن بنت الليل.
- حديث عينين.
- في يوم ما اشوفك.
- الورد.
- يا حبيبي الله.
وفاتها
عادت أسمهان إلى العمل في الغناء والسينما في مصر، رغم أن زواجها من أحمد سالم لم يكن موفقًا. وأثناء تصويرها فيلم غرام وانتقام، طلبت من المنتج يوسف وهبي إذنًا لقضاء فترة استراحة في منطقة رأس البر، فوافق.
صباح الجمعة 14 يوليو 1944، انطلقت أسمهان برفقة صديقتها ومديرة أعمالها ماري قلادة، وفي الطريق فقد السائق السيطرة على السيارة، فانحرفت وسقطت في ترعة الساحل (الموجودة حاليًا في طلخا)، حيث فارقت أسمهان وصديقتها الحياة عن عمر يناهز 32 عامًا، فيما نجا السائق واختفى بعد الحادث، تاركًا لغزًا لم يُحل حول وفاتها.
وقد وُجهت أصابع الاتهام إلى جهات عدة، منها المخابرات البريطانية، وزوجها الأول حسن الأطرش، وزوجها الثالث أحمد سالم، وأيضًا أم كلثوم وشقيقها فؤاد الأطرش.
ومن المفارقات الغريبة، أنه قبل أربع سنوات من وفاتها، وفي سبتمبر 1940 تحديدًا، مرّت أسمهان بنفس المكان وشعرت بالخوف عند سماع صوت آلة ضخ المياه البخارية في الترعة. حينها ألقت قصيدة غير مجدٍ لأبي العلاء المعري، التي كان قد لحنها لها الشيخ زكريا أحمد، وكانت تتدرب عليها استعدادًا لتسجيلها للإذاعة. وقالت للصحافي محمد التابعي، رئيس تحرير مجلة آخر ساعة الذي كان يرافقها: "كلما سمعت مثل هذه الدقات تخيلت أنها دفوف جنازة".
aXA6IDMuMTQuMjQ1LjE3MiA= جزيرة ام اند امز