محلل سوري: "أستانة 6" تؤسس لسيناريو تقسيم سوريا
تأتي الجولة السادسة من محادثات الأستانة لمناقشة الوضع المعقد في إدلب، بعد أيام من التصريحات حول صفقة بين تركيا وإيران لتقاسم النفوذ
تأتي الجولة السادسة من محادثات الأستانة لمناقشة الوضع المعقد في محافظة إدلب، بعد أيام من تزايد الحديث حول صفقة بين تركيا وإيران لتقاسم النفوذ.
وأشارت تصريحات تركية إلى أن "أستانة 6" ستعد بمثابة مرحلة نهائية لمباحثات العاصمة الكازاخستانية. فهل اتفقت القوى الكبرى على سيناريو نهائي للأزمة المستعرة منذ أكثر من 6 سنوات؟
واختتم، مساء الخميس، اليوم الأول من محادثات "أستانة 6" التي تستمر يومين في جولتها السادسة منذ مطلع العام الحالي.
توقع باحث سياسي سوري أن "أستانة 6" ستعد بمثابة تقنين لتقسيم سوريا لمناطق نفوذ بين أمريكا وروسيا وإيران وتركيا، وتقويض لموقع المعارضة السورية ميدانيا وسياسيا، خاصة بعد استعادة الرئيس السوري بشار الأسد لكثير من المناطق التي خسرها، والاتفاق التركي الإيراني الأخير في توزيع نفوذهما بسوريا.
تقسيم النفوذ
ميسرة بكور، الباحث السياسي السوري ومدير مركز الجمهورية للدراسات وحقوق الإنسان، قال إن "أستانة 6" تعد "المسمار الأخير الذي يدق في نعش الفصائل الثورية المعارضة بعد أن استطاعت موسكو فصل المعارضة إلى سياسية وعسكرية".
وتوقع بكور أيضا، في تصريحات خاصة لـ"بوابة العين" الإخبارية، أن الجولة الحالية من محادثات الأستانة ستهدف لتوزيع وتقسيم الدولة السورية لمناطق نفوذ للأطراف الدولية والإقليمية: أمريكا وروسيا، في المقام الأول، وإيران وتركيا.
وتابع بكور أن تلك النتائج تعززها التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السورية، مثل الحديث حول صفقة بين إيران وتركيا لتبادل جنوب دمشق مقابل محافظة إدلب، فضلا عن التصريحات الروسية المتباهية بسيطرة الأسد على أغلب المناطق السورية.
وتتداول وسائل إعلام منذ يومين أنباء عن ملامح صفقة بين إيران وتركيا، تتضمن مقايضة وجود عسكري في إدلب مقابل سيطرة إيرانية على جنوب دمشق وتوسيع منطقة السيدة زينب.
وأمس الأربعاء، قال قائد مقر القوات الروسية في سوريا: إن قوات النظام السوري تمكنت من "تطهير" 85% من مساحة البلاد من المتشددين.
أمريكا ضمنت مصالحها
وعن المصالح الأمريكية، قال بكور إن واشنطن عملت في الفترة الأخيرة على ضمان مصالحها بسوريا خاصة في الشمال السوري بإنشاء المطارات والقواعد، وتدعيم الوجود الكردي عسكريا، ما سمح لهم بالتقدم ضد داعش في الرقة ودير الزور.
واعتبر الباحث السوري أنه ومنذ موافقة واشنطن على اتفاق "خفض التوتر"، وبالأخص في جنوب سوريا، فإنها عمليا تكون وافقت بالوجود الروسي بعد 40 كم من الحدود الفلسطينية والأردنية، التي تتخوف إسرائيل من وجود الميليشيات التابعة لإيران فيها.
مزيد من إضعاف المعارضة
وأشار بكور إلى أن إعلان الهدف من جولة المحادثات الحالية حول وضع خرائط مناطق تخفيف التوتر، والحديث حول محاولة التوصل لرقابة مشتركة بين الدول الضامنة الثلاث في إدلب، يأتي لتعزيز إضعاف وضع المعارضة السورية خاصة العسكرية.
وأعلنت وزارة الخارجية الكازاخستانية في 1 سبتمبر/أيلول الجاري، أن الأطراف المشاركة في "أستانة 6" سترسم حدود مناطق خفض التوتر في محافظات إدلب وحمص والغوطة الشرقية لدمشق.
و"مناطق خفض التوتر" هي اتفاق توصل له الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في سوريا (روسيا وإيران وتركيا) في مايو/اّيار الماضي في الجولة الرابعة من محادثات أستانة.
ويشمل الاتفاق 4 مناطق لتخفيف التصعيد فيها وهي: إدلب والغوطة الشرقية وشمال حمص وجنوب سوريا.
وتشير تقارير إلى تقريب وجهات النظر بين موسكو وأنقرة حول إدلب تقضي بتنظيم رقابة مشتركة لوقف إطلاق النار فيها، خاصة بعد لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، أمس، بعد تزايد الأنباء عن الصفقة التركية الإيرانية.
وأوضح الباحث السياسي السوري أن روسيا نجحت، من خلال محادثات الأستانة، في تقسيم فصائل المعارضة السورية إلى فصائل سياسية وأخرى عسكرية، معتدلة وأخرى متطرفة، ما أضعف وضعها.
وأضاف بكور أن المعارضة تراجعت في الفترة الأخيرة بشكل ملاحظ، وهو ما اتضح بالأساس في الجنوب السوري.
وقالت تقارير إن فصيلي "أحمد العبدو" و"أسود الشرقية"، الناشطين في جنوب سوريا والمدعومين أمريكيا، تلقيا تعليمات بالانسحاب وعدم محاربة قوات الأسد.
وعن وضع "جبهة النصرة" في إدلب، توقع بكور سيناريوهين حول التعامل معها: الأول شن معركة ضدها تشترك فيها روسيا وتركيا، وهو السيناريو المرجح، أو استيعابها شريطة اعترافها بما تم التوافق عليه وحل نفسها وتسليم المحافظة لإدارة مدنية.
تكريس بقاء الأسد
وتوقع بكور أن تكون الخطوة التالية بعد تقسيم الغنيمة السورية في "أستانة 6" هي الذهاب لعقد جولة جديدة من مباحثات جنيف. مرجحا أن يتم الإعداد لتلك الجولة من خلال مؤتمر ثان للمعارضة في الرياض.
وعقدت المعارضة السورية ممثلة بمنصاتها الثلاث: الرياض وموسكو والقاهرة، مؤتمرا في العاصمة السعودية الرياض في أغسطس/ اّب الماضي، بهدف تشكيل وفد موحد يمثل المعارضة في محادثات جنيف، وهو ما فشلت المعارضة في التوصل إليه.
ورجح بكور أنه في حال فشل مؤتمر الرياض في تشكيل وفد موحد للمعارضة يمثلها في جنيف، فإن القوى الدولية ستستبعد فصائل المعارضة التي ستعترض على مخرجات الأستانة، أو بالأحرى التي ستعترض على بقاء الأسد في السلطة.
واختتم بكور بالقول: إن جولة جنيف المقبلة من المتوقع أن تكون تكريسا لبقاء الأسد، وتقنينا لتقسيم النفوذ بين القوى الدولية.