هل يساوي «الكويكب سايكي» 10 كوينتيليون دولار؟
في السنوات الأخيرة، جذبت فكرة تعدين الكويكبات انتباه وسائل الإعلام والجمهور، خاصة عند الحديث عن الأرقام الضخمة المرتبطة بها، ومن بين أبرز هذه الكويكبات هو "سايكي"، أكبر كويكب معدني في حزام الكويكبات، والذي يُقدر البعض قيمته بما يصل إلى 10 كوينتيلي
ومع ذلك، تساءلت دراسة حديثة بتمويل من شركة " أستروفروجي" الناشئة، والمتخصصة في تعدين الكويكبات، عن مدى واقعية هذه الأرقام وما تعنيه بالفعل.
الدراسة، التي أجراها كيفن كانون، أستاذ في برنامج الموارد الفضائية بجامعة كولورادو ، قدّمت تقييما علميا دقيقا للمعادن الموجودة على الكويكبات.
وقسمت الدراسة المعادن إلى فئتين: الأولى هي المعادن التي تستحق إعادة نقلها إلى الأرض، والثانية هي المعادن التي يمكن أن تكون مفيدة للبناء في الفضاء.
المعادن النادرة: الكنز الحقيقي
خلصت الدراسة إلى أن المعادن الوحيدة التي تستحق إعادة نقلها إلى الأرض هي معادن مجموعة البلاتين (PGMs)، وهي معادن نادرة تتميز بتكلفتها العالية وفائدتها الكبيرة في التطبيقات التكنولوجية الحديثة مثل المحولات الحفازة، وهذه المعادن تُعتبر ذات قيمة اقتصادية كبيرة بسبب ندرتها وصعوبة الحصول عليها، مما يجعلها مغرية لتعدينها في الفضاء.
في المقابل، فإن المعادن الأخرى مثل الحديد، الألمنيوم، والمغنيسيوم قد لا تكون ذات جدوى اقتصادية لإعادتها إلى الأرض، نظرا لتوفرها الكبير على كوكبنا، لكن يمكن استخدامها في الفضاء نفسه لبناء هياكل ضخمة مثل محطات الفضاء أو مصفوفات الطاقة الشمسية.
ومع ذلك، يشير كانون إلى مشكلة معقدة تتمثل في عدم وجود طلب فعلي على هذه المعادن في الفضاء حتى الآن، بسبب ارتفاع تكاليف التعدين والنقل.
هل الكويكبات المعدنية خيال علمي؟
أحد أكثر الاكتشافات إثارة في الدراسة هو أن الكويكبات التي يُعتقد أنها مكونة بالكامل من المعدن، مثل "سايكي"، قد تكون في الواقع "خيالا علميا "، بينما يبدو أن بعض الكويكبات التي كانت تعتبر فقيرة بالمعادن قد تحتوي على كميات قابلة للاستخراج من المعادن النادرة، ولكن البيانات الجديدة تشير إلى أن هذه الكويكبات ليست "مصنوعة من المعدن النقي" كما كان يُعتقد سابقًا.
وأظهرت تحليلات لعينات النيازك، التي تعد بمثابة بقايا من الكويكبات، أن تركيز معادن البلاتين في بعض الكويكبات أعلى بكثير من نظيراتها الأرضية، وواحدة من أبرز هذه الاكتشافات هي وجود "حبيبات معدنية مقاومة" (RMNs) تحتوي على تركيزات عالية من المعادن النادرة، لكنها صغيرة جدا (ميكرونية أو أصغر)، مما يجعل استخراجها تحديا كبيرا.
التحديات التقنية: معضلة الدجاجة والبيضة
وبينما تمتلك هذه الكويكبات إمكانات اقتصادية هائلة، تواجه عمليات تعدين المعادن المستخدمة للبناء تحديات تقنية ضخمة. على سبيل المثال، تحتاج هذه العمليات إلى مصادر طاقة هائلة لمعالجة المعادن من حالتها المؤكسدة، وهي عملية تتطلب تقنيات مثل التحليل الكهربائي لصهر الصخور.
ومع ذلك، بناء هذه البنية التحتية سيتطلب المعادن التي تحتاج إلى تعدينها في الفضاء، مما يعيدنا إلى "معضلة الدجاجة والبيضة".
مهمة "أستروفروجي" القادمة
وللمساعدة في التغلب على هذه التحديات، تخطط شركة " أستروفروجي" لإطلاق مهمتها المقبلة في يناير/ كانون الثاني المقبل لاستكشاف الكويكبات القريبة من الأرض.
والهدف من هذه المهمة هو تحديد ما إذا كانت هذه الكويكبات "معدنية" بالفعل وقابلة للتعدين، وإذا نجحت المهمة، فقد تمهد الطريق نحو فتح الباب أمام ثروة ضخمة من الموارد المعدنية خارج كوكب الأرض.
وستساعد نتائج هذه الدراسة والمهمة المستقبلية في إضفاء مزيد من الواقعية على الأرقام المذهلة المرتبطة بتعدين الكويكبات، وتقديم فهم أعمق للقيمة الحقيقية لهذه الموارد الفضائية.