محمية عتمة البرية.. لوحة خضراء في قلب اليمن (صور)
سحر يمني خالص يأسر الألباب في محمية عتمة البرية، حيث الطبيعة الخضراء الخلابة في الجبال والوديان.
وتزخر المحمية البالغ مساحتها الإجمالية 460 كيلومترا مربعا (أي ما يعادل 46 ألف هكتار)، بمقومات سياحية وتنوع بيئي وحيوي فريد، إذ يشكل الغطاء النباتي 80 بالمائة من مساحتها منها 50 بالمائة مدرجات زراعية و30 بالمائة غابات خضراء.
وتقع عتمة غرب محافظة ذمار ضمن الامتداد الطبيعي لسلسلة جبال السراة الواقعة جنوب العاصمة صنعاء على بعد 155 كيلومترا وترتفع عن سطح البحر بحوالي 2600- 2700 متر ما جعل قممها تخترق السحب البيضاء في السماء في مشهد يأسر القلوب.
تلك المقومات البيئية والمناخ المعتدل والطبيعة الساحرة فاتنة الخضرة إلى جانب المراعي والغابات والأحراش والأشجار المعمرة والنباتات الطبية والعطرية النادرة والحيوانات والطيور المختلفة، جعل الحكومة اليمنية تعلنها أول محمية طبيعية برية في البلاد 1999 بهدف الحفاظ على جمال طبيعتها البكر واستغلالها في السياحة البيئية.
تكامل المقومات
يقول الإعلامي اليمني محمود منصور العتمي لـ"العين الإخبارية"، إنه في عتمة تتكامل مقومات التنوع البيئي والحيوي مع المقومات التاريخية والثقافية وجمال الطبيعة البديع لكل زائر نظراً لما يشاهده من جبال شاهقة تعانق قممها السحاب مكسوة بمدرجات زراعية خضراء تعكس مهارة الإنسان اليمني وقدرته على تطويع تلك الجبال.
وأوضح أن عتمة دائمة الاخضرار طوال العام وتمتاز بقلاعها وحصونها المشيدة على قمم الجبال العالية والشاهقة والتي تمثل حماية طبيعية للمنطقة وإطلالتها على عدد من القرى الجميلة، إذ إنه لكل معلم من المعالم تاريخ حافل بالأحداث المتعاقبة منذ آلاف السنين.
وتحتوي عتمة على أكثر من 28 قلعة وحصنا تاريخيا أبرزها قلاع "ابزار" و"سماه" و"بني أسد" و"ضورة"، وحصون شامخة العنفوان منها "الذاهبي"، خطفة"، "المصنعة"، "يدهل"، "الحمراء"، "نوفان"، " رصب" "المقنزعة" و "الحصين" وتمثل شواهد تاريخية حية تؤكد ارتباط عتمة بالحضارات اليمنية القديمة .
وبحسب العتمي فإن عتمة تتوسط غرب وشرق اليمن وتمتاز باعتدال المناخ وتنوعه والتضاريس الجبلية المنبسطة والتي تغطيها نسبة عالية من التربة الزراعية الخصبة، وارتفاع معدلات سقوط الامطار السنوية ووجود الكثير من العيون والغيول السطحية والينابيع.
تنوع نباتي وحمامات طبيعية
وتضم محمية عتمة البرية أنواعاً من "السرخسيات" و"الفطريات" و"الطحالب" و"الأشنات"، فضلا عن أشجار معمرة ونباتات طبية وعطرية نادرة, إذ تحتوي على نباتات طبية ما بين 600 إلى 800 نوع من النباتات الطبية والعطرية والسامة.
كما تعد مصدراً رئيسياً للحبوب المختلفة في مقدمتها الذرة الرفيعة وتزرع فيها 12 صنفاً كالذرة الشامية البيضاء والصفراء والدخن والقمح والشعير وجميع أنواع البقوليات وأنواع من الخضار والفواكه والبن الدوائري المشهور وتعد المحمية سلة للأغذية والمحاصيل الزراعية.
وتشير دراسة بيئية يمنية أجريت قبل أكثر من عقد إلى أن عتمة موطن 267 نوعاً نباتياً من بينها نبات الرمان البري النادر، الذي يمكن استخدامه كلقاح للأمراض التي تتعرض لها ثمار الرمان في مختلف أنحاء العالم.
وإلى جانب الشلالات البديعة، يتواجد في عتمة حمامات طبيعية وهي حمام "مقفد" و"السبلة" اللذان يرتادهما الكثير من اليمنيين لغرض الاغتسال بالمياه الكبريتية الساخنة التي تنبع من بطون الجبال المحيطة بهما بغية الشفاء من عدد من الأمراض وفي مقدمتها الجلدية.
وسميت عتمة بهذا الاسم نسبة لـ"العتم" وهو أصل الزيتون البري الذي ينتشر بكثرة في المحمية فيما يقول العلامة اليمني نشوان الحميري المتوفى سنة 778 هجرية إن التسمية جاءت نسبة إلى ملك من ملوك حمير هو "ذو عتمة" واسمه "مالك بن حلل بن السيب بن ربيع بن شرحبيل" وأولاده العتميون وبه سمي حقل عتمة.
يشار إلى أن عتمة كانت انتفضت ضد مليشيات الحوثي عام 2017 وكبدت المليشيات عشرات القتلى والجرحى بقيادة عبدالوهاب معوضة قبل أن تخمدها المليشيات وتحول المحمية إلى ساحة للنهب والعبث فضلا عن تهجير أكثر من 1790 أسرة من المحمية واعتقال العشرات لا زال منهم مغيبون حتى اليوم.