لقد فاجأنا نبأ الهجوم الإيراني على سفينة إسرائيلية مملوكة جزئيا لرجل أعمال إسرائيلي.
تمت مهاجمة السفينة بطائرة مسيرة، وقُتل اثنان من بحّارتها، أحدهما روماني والآخر بريطاني.
المفاجأة الكبرى أن وسائل إعلام دولية نقلت أن قناة "العالم" الإيرانية نقلت عن مصادر أن الهجوم على السفينة الإسرائيلية "جاء رداً على هجوم إسرائيلي على مطار الضبعة في سوريا"، وفي الوقت نفسه، أوردت القناة "الثانية عشرة" الإسرائيلية أن أصابع الاتهام موجهة إلى إيران.
السؤال المحوري في هذه القضية يحمل ثلاث زوايا مهمة يصعب تجاوز أي منها دون معرفة محتويات الزوايا الأخرى وردود فعلها المتوقعة.
الزاوية الأولى هي إسرائيل، والثانية هي إيران، أما الثالثة فهي أمريكا.. فهل نحن أمام انفصال ونقل مستحدث للأزمة الإيرانية نحو وجه جديد مختلف لتصبح المواجهة الإيرانية أكثر نشاطاً مع إسرائيل وأمريكا.. وكيف سيؤثر ذلك على السلوك الإيراني في المنطقة العربية؟
المعادلة صعبة جداً، ليس على إيران وحدها، ولكن على أمريكا، التي تجد نفسها في خيار صعب للتخلي، أو على أقل تقدير إبطاء مسار الإدارة الأمريكية في نهجها القائم على ترويض الاندفاع النووي الإيراني، عبر إعادة العمل بالمشروع الداعي إلى منع امتلاك إيران لسلاح نووي.
العمل الإيراني ضد السفينة الإسرائيلية ليس حالة عسكرية طارئة أو رد فعل كما تروج إيران، فحجم المغامرة أكبر من أن يمر بسلام عبر الركل المتبادل بين إسرائيل وإيران.
والمؤكد أن استراتيجية فاعلة يتم العمل بها، فالحال الإيرانية، سواء في الداخل أو حتى في وجودها المليشياوي داخل بلدان عربية، تتعرض لانحسار شديد، ففي الداخل الإيراني هناك مظاهرات تندد بالنظام بقوة، أما إقليمياً وفي البلدان التي تتدخل فيها إيران فتتصاعد فرضيات معادية للوجود الإيراني.
لهذه الأسباب، ربما وجد النظام الإيراني نفسه مضطراً إلى نقل معركته الداخلية إلى خارجه، وهذا نهج متوقع منه، فليس هناك أسهل من أن تعْلق إيران في أزمة مع إسرائيل للمراهنة على احتمالات التعاطف الشعبي معها، داخل إيران أو داخل دول عربية، لكن هل ينجح هذا النهج دائماً؟
لم تعد تلك المعادلة سهلة التنفيذ، وسوف تجد إسرائيل نفسها مضطرة إلى الانتقام من إيران بطريقة مؤلمة، خاصة أن مهاجمة إيران للسفينة الإسرائيلية أدت إلى مقتل مواطن بريطاني، وهذه الأزمة بحد ذاتها لن تمر بسلام على نظام الملالي.
من الواضح أن إيران تورطت بشكل كبير في هذه العملية، خاصة أن هناك مؤشرات من قوى دولية تمنح إسرائيل حق الرد بالطريقة التي تراها، وإسرائيل سوف تستثمر هذه الفرصة لتوجه صفعة مؤلمة لإيران على مرأى من العالم، وفي المقابل قد تؤدي هذه الصفعة إلى تسارع كبير لتقديم النظام الإيراني تنازلات جديدة لأمريكا في الملف النووي، لتفادي ضربات إسرائيلية أخرى أشد قسوة.
وبحسب بيانات صحفية، أبلغ وزير الخارجية الإسرائيلي نظيره البريطاني بأنه "لا بد من رد قاس"، إذ قال حرفياً: "إيران ليست مشكلة إسرائيل فحسب، لكنها مصدر للإرهاب والدمار وعدم الاستقرار، الذي يضر بنا جميعا، على العالم ألا يلوذ بالصمت في وجه الإرهاب الإيراني، الذي يضر كذلك بحرية الملاحة".
إذًا المعادلة الإيرانية بعد هذه التصريحات لن تكون معطياتها ولا نتائجها سهلة سياسيا ولا استراتيجيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة