لم يكن مقتل زعيم تنظيم "بوكو حرام" الإرهابي على يد تنظيم "داعش" الإرهابي حادثاً عرضياً، بل عملية خُطط لها بعناية فائقة.
فقد قرر "تنظيم داعش في غرب أفريقيا"، ضمن خططه التوسعية، أن يفعل ذلك من داخل الأرض التي يسيطر عليها ضد جاره الوحيد المزعج، "بوكو حرام"، والآن سيبدأ تنظيم "داعش" الإرهابي تكرار السيناريو ذاته خارج أراضي سيطرته.
وتتمثل التحركات القادمة المتوقعة للتنظيمات الإرهابية الأفريقية في التوسع انطلاقاً من مناطقها، وهو ما يتجلّى بوضوح في العديد من مناطق القارة.
ويُظهر "تنظيم القاعدة في منطقة الساحل" اهتمامه بشمال كوت ديفوار، ويقوم تنظيم "داعش" الإرهابي بالشيء نفسه في المساحة من نيجيريا إلى الكاميرون.
ويريد تنظيم "داعش" الإرهابي الحفاظ على نشاطه في ولايتين، الأولى على بحيرة تشاد، بينما تمتد الثانية إلى الجنوب قليلاً، وبالنظر إلى تحركات التنظيم الجديدة، يتضح أنه يريد تأسيس ولاية في شمال الكاميرون.
هناك سبب آخر يُفسر حاجة تنظيم "داعش" الإرهابي إلى التوسع، وهو أن العديد من أعضائه عادوا من جبهات في شمال أفريقيا، خاصة ليبيا، وتُقدر الإحصائيات هذا العدد بأنه يزيد قليلاً على 100 عضو، يشغلون في الغالب مناصب قيادية بسبب خبراتهم التي راكموها، وقد انعكس وصول هؤلاء على عدد ونوعية الهجمات داخل نيجيريا، طبقا للأسلحة المستخدمة.
في آخر فيديو دعائي لـ"تنظيم داعش في غرب أفريقيا"، والمنشور في 23 يوليو/تموز المنصرم، ومدته 14 دقيقة، خصص التنظيم أول 105 ثوانٍ لإظهار قوة النيران التي يملكها.
وتشير بعض التقارير الاستخباراتية إلى وصول أسلحة من الشمال، ليبيا، ويُعد هذا المعطى صحيحا جزئياً، لأن الأسلحة كانت تصل إلى الساحل الأفريقي انطلاقاً من السواحل الليبية منذ سنوات، ويعتقد بعض المحللين أن استعراض أسلحة "تنظيم داعش في غرب أفريقيا" في مقطع الفيديو الجديد يرجع إلى وصول أسلحة جديدة، ولكن عند التحليل المعمق يتضح أن هذا العتاد في الغالب مسروق من مخازن عسكرية.
وعلى سبيل المثال، توجد صورة لشاحنة مسلحة بقاذفة صواريخ تم تثبيتها على الهيكل المعدني بواسطة لوحة معدنية تُستخدم عادة للمرور فوق الوحل.
وهناك أسلحة أخرى مثل مدفع رشاش ملحوم في الخلف، ويدل هذا على وصول إرهابيين جدد بمعارف وخبرات جديدة مكنتهم من استخدام العتاد والمواد المسروقة من الجيوش بطرق ليست معهودة للتنظيم الإرهابي.
والمهم هنا الإشارة إلى التقارير الجديدة، التي ذكرت أنه من بين التغييرات في تكتيكات "تنظيم داعش في غرب أفريقيا" تطوير قدرات دفاعية ضد الطيران.
فقد اعترف الجيش النيجيري بأن الإرهابيين، الذين يصفهم بـ"قطاع الطرق"، أسقطوا طائرة عسكرية في "زامفارا".
وفي فبراير/شباط الماضي، تحطّمت طائرة أخرى تابعة لسلاح الجو النيجيري في أبوجا، بسبب عطل في المحرك، ودون أدنى شك فمن الممكن أن يكون عطل المحرك هو أحد الأسباب الحقيقية، لكن هناك معلومات أخرى مصدرها الأمم المتحدة، لم تحظ بتغطية إعلامية كبيرة، تؤكد أن الإرهابيين هاجموا في يوليو/تموز الماضي مروحية تابعة للأمم المتحدة في "داماسك" المتاخمة للحدود مع النيجر.
ويحاول "تنظيم داعش في غرب أفريقيا" الظهور بمظهر الحريص على حياة المدنيين في الكاميرون من خلال مهاجمة الجيش فقط، وهو أمر نراه بالفعل في مناطق أخرى من أجل كسب التعاطف.
وبمراجعة اعتداءات "تنظيم داعش غرب أفريقيا" في الكاميرون، نجد أنه نفذ هجوماً واحداً فقط في يوليو/تموز سنة 2020، وفي الشهر ذاته من العام الجاري هاجم 11 مرة.
ومن المتوقع أن يكون هناك انشقاقات بين مقاتلي تنظيم "بوكو حرام" الإرهابي للانضمام إلى صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، بعد أن أصبحت المناطق، التي كان يتصارع عليها، خاضعة بالكامل لسلطة "داعش" حاليا، وسيؤدي هذا بالتأكيد إلى توفير موارد للتنظيم من أسلحة وعتاد وعناصر ستُخصص لا محالة للتوسع نحو مناطق جديدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة