بفضل وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، أضحينا نعرف الأماكن التي توجد فيها الجماعات الإرهابية.
هناك معاقل لا يتم الحديث عنها، ومعرفتها ضرورية لاستكشاف نية الإرهابيين، لذا سنستعرض اليوم حالات تنظيم القاعدة داخل القارة الأفريقية.
يجري تداول أنباء في جنوب ليبيا تفيد بأن تنظيم داعش يسعى إلى العودة إلى البلاد، وفي مقابل ذلك لا نكاد نسمع أي أخبار عن نيات تنظيم القاعدة.
وفي أوائل يونيو/حزيران الماضي، أعلن الجيش الليبي عن اعتقال ثلاثة من قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مدينة تاروت، على بعد 600 كيلومتر جنوب طرابلس.
كانت لهؤلاء القادة صلات مباشرة بخلية اعتُقِلت ومعها كمية كبيرة من الأسلحة في أوباري، في مارس/آذار الماضي، على بعد 140 كلم جنوب تاروت.
وفي أواخر يونيو/حزيران الماضي، حذّر رئيس المخابرات الليبية، حسين محمد خليفة العائب، من أن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يعتزم الهجوم في ليبيا، على الأرجح في طرابلس والزاوية وصرمان.
ومصلحة التنظيم في إبقاء هذه الأماكن غير مستقرة لها تفسير واحد، وهو أنه في حالة انقطاع الخط اللوجيستي، الذي يعبر ليبيا من الشمال إلى الجنوب، فإن التنظيم سيتأثر من حيث التزوّد بالأسلحة وغيرها من الاحتياجات الأخرى التي تأتي من خلاياه في طرابلس.
كما تم مؤخراً اعتقال أعضاء من "القاعدة" في السودان.. وفي هذه الحالة، كان عددهم تسعة وينحدرون من جنسيات مختلفة، بعضهم مدرج على قوائم الإرهابيين، التي أصدرها مجلس الأمن الدولي.
وكان المعتقلون يعتزمون تنفيذ هجمات في أماكن في الخليج العربي، مع اتّخاذ السودان كقاعدة خلفية لعملياتهم.
ومنذ مايو/أيار الماضي، نلاحظ أن حركة الشباب الصومالية الموالية للقاعدة، شرعت في تنفيذ سلسلة هجمات في شمال غرب كينيا، وهذه الاعتداءات معتادة إلى حد ما، لكنها تساعد حركة الشباب في الوجود بشكل دائم في شمال كينيا.
في خضم ذلك، تلقينا أنباء عن إنقاذ 300 شاب كانوا قد التحقوا بحركة الشباب في كينيا، وكانت المنظمة الإرهابية تنوي استخدامهم لشن هجمات داخل كينيا.
لقد أطلقت العديد من المنظمات الكينية برامج لإعادة دمج العائدين من صفوف الحركات الإرهابية، والتي حققت نجاحاً من حيث المبدأ، ولكن من ناحية أخرى، لا ينبغي أن ننسى تعليقات البعض منهم، الذين يؤكدون أنه "لا يمكننا التجمّع هنا للاحتفال بتركنا السلاح ثم ينتهي بنا الأمر دون وظائف ولا يوجد شيء مثمر للقيام به.. فقد يجبر هذا بعضنا على العودة إلى صفوف الإرهابيين.. وعلى الحكومة أن تضع خطة حول كيفية مساعدتنا في دعم أنفسنا".
هناك منطقة أخرى اكتشفنا وجود نشاط فيها لكتيبة جديدة في بوركينا فاسو، وبالضبط على حدودها مع بنين.
ويتعلق الأمر بمجموعة تسمى "مجاهدي القاعدة"، والتي ارتكبت مجزرة "الصلحان"، التي راح ضحيتها أكثر من 160 مدنياً، ويُعتقد أنها تقف وراء عملية اغتيال ثلاثة صحفيين، وهم إسبانيان وأيرلندي.
في البداية، ونظراً إلى طبيعة الهجوم، تم نسبه إلى "فرع داعش في الصحراء الكبرى"، ومما أسهم في تعزيز تلك الفرضية إصدار فرع "القاعدة"، جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، بياناً ينفي فيه أي مسؤولية له عن الهجوم.
بمرور الوقت، اتّضح أن هذه المجموعة قد انشقّت عن "داعش"، وانضمت إلى "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، التابعة لـ"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".
وأكد تنظيم "داعش" أن الجهة المسؤولة عن الهجوم هي "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".
ونفّذت جماعة "مجاهدي القاعدة" الهجوم من تلقاء نفسها للانتقام لمقتل بعض عناصرها الذين قضوا على يد قوات الأمن البوركينية، ما يظهر عدم احترامها لزعيم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، إياد أغ غالي.
وتملك جماعة "مجاهدي القاعدة" معسكراً في غابة بوندوري، داخل بوركينا فاسو، ولكنه لا يبعد عن الحدود مع النيجر سوى 100 كيلومتر غرب العاصمة، نيامي، وهي جماعة تنشط في بوركينا فاسو، وكذلك في النيجر وبنين.
ومما لا شك فيه أن هذا الهجوم قد خلق نوعاً من الاضطراب والاستياء بين قادة القاعدة في منطقة الساحل، والأكيد أنهم إذا لم يتجاوزوه، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث انشقاقات جديدة.
وتمرّ كتيبة تحرير "ماسينا"، التابعة "لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، بفترة حرجة وأزمة قيادة قد تنتهي بتغييرات جذرية في فرع القاعدة.
وشوهد أعضاء هذه الكتيبة في بلدة "ديديني" وهم يجندون مقاتلين جددا، ليتواروا عن الأنظار في بلدة جافيناني على بعد 28 كيلومتراً فقط من الحدود الموريتانية، وهو ما قد يكون دليلاً على أن المجموعة تريد تعزيز وجودها على حدود مالي مع موريتانيا والسنغال.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة