لا يمكن فصل المصير المشترك بين السعودية والإمارات مهما كان. خاصة أنهما مؤثران كبيران في عالم الاقتصاد والنفط بالدرجة الأولى على المستوى الدولي، بالإضافة إلى تأثيرات إقليمية كبرى تلعبها كل من الرياض وأبوظبي في الكثير من القضايا الحساسة.
فعلى المستوى العربي، الذي يعيش حالة من عدم الاستقرار بتحديات وتحولات جذرية شاملة خلال العقد الماضي، يتطلب من دول مثل السعودية والإمارات الوقوف بجانب بعضهما، من أجل الإسهام في تقليص حجم الآثار السلبية التي يمكن أن تتركها تلك الأزمات على المنطقة، حيث تعتبر السعودية والإمارات من الدول الفاعلة اقتصاديا وسياسياً، بجانب تأثيرهما الكبير في إنتاج النفط العالمي والدور السياسي الذي تتمتع به كل دولة منهما، فقد أظهرت التجارب السياسية في المنطقة قدرة السعودية والإمارات على تجاوز المنعطفات وتحويلها إلى ممرات سهلة ومرنة.
عمليا، تعتمد السعودية والإمارات في علاقاتهما على معطيات تاريخية وسياسية، فكل منهما يدرك مكانة الآخر، ويدركان أهمية التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم، وقد ظهر ذلك جليا مع بروز أزمة كورونا التي غيرت كثيرا من المفاهيم، وقد بذلت السعودية والإمارات جهودا جبارة لمواجهة هذا الوباء، ليس في الجانب الصحي فقط، وإنما أيضا على الجانب الاقتصادي، خاصة أن الأنشطة الاقتصادية الدولية أصبحت عابرة للحدود، وتمتد تأثيراتها إلى أبعد من المساحات الجغرافية، وهذا ما ضاعف من مهمة الدولتين في ضرورة التغلب على المشكلات والتحديات، بغض النظر عن درجة تقاطعهما في هذه التحديات.
ولعله من الملفت للنظر أن السعودية والإمارات تشكلت لديهما القدرة الدائمة على تفكيك الأزمات، وتغيير اتجاهها بشكل إيجابي، كون الدولتان تؤمنان بأهمية التعاون المشترك وضرورة تجاوز المنعطفات وعدم السماح للمشكلات بأن تتجاوز المساحات المطلوبة.
ما يجمع السعودية بالإمارات مشتركات كبرى، فكلاهما جزء من المنظومة الخليجية، التي ينظر إليها عالمياً كركيزة مهمة في استقرار المنطقة سياسيا واقتصاديا، لذلك نجد أن التوجه الإماراتي والسعودي يظهر بأكبر درجات التوافق في كثير من المواقف السياسية في المنطقة، ويفاجئ الجميع بتجاوز المنعطفات مهما كانت، وقد تكشف ذلك بوضوح بعد أحداث الربيع العربي، حيث تمسكت الدولتان بمواقف متطابقة من تلك الثورات ومن آثارها الجانبية، وعالجت كل من السعودية والإمارات الآثار الجانبية لما خلفته تلك الثورات، خاصة في الجوانب الأيديولوجية، وقد ظهر جليا توحد المواقف بين الدولتين خلال العقد الماضي بشكل ملفت للنظر.
وبغض النظر عن التحليلات المتشائمة أو المتسرعة، التي تتشكل في الفضاء الإعلامي وتبني تصوراتها بشكل خيالي بعيدا عن الواقعية، فقد أثبتت القيادتان السعودية والإماراتية أنهما تؤمنان بأن الخيار الاستراتيجي لكل منهما يحمل كثيرا من المشتركات، وعليهما مواجهة التحديات مهما كانت، منها مواجهة التيارات الإعلامية، التي غالبا ما تضاعف الغموض وتحاول أن تذهب بالمواقف إلى تحليلات غير مقبولة، لذلك فإن الإجراءات التي تتخذها كل من أبوظبي والرياض لتصحيح المسارات الإعلامية ذات التقديرات الخاطئة تكون سريعة وفعالة وعلى أعلى المستويات.
فدائما ما أثبتت السعودية والإمارات خلال العقود الخمسة الماضية، أنهما تمتلكان الوعي السياسي والاستراتيجي الكافي لفهم أن مصالحهما وتقاليدهما السياسية أكبر من كل التحديات، التي تطرحها الظروف السياسية أو الاقتصادية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة